علاقات » خليجي

تسريبات «العتيبة» تظهر ازدراءه لـ«ترامب»: على أي كوكب يمكن أن يصبح رئيسا؟

في 2017/06/07

انتقد «يوسف العتيبة»، سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، والرجل الموثوق لدى «غاريد كوشنر» صهر «ترامب» ومستشار البيت الأبيض، انتقد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في مراسلات خاصة العام الماضي مع مسؤولين قريبين من الرئيس «باراك أوباما»، وفق ما أظهرته رسائل البريد الإلكتروني المسربة من البريد الخاص بالسفير الإماراتي إلى مجموعة من وسائل الإعلام العالمية.

وتظهر رسائل البريد الإلكتروني المسربة مجتمعة هشاشة العلاقات بين «ترامب» وأصدقائه العرب الذين يمثلون اليوم أكبر معجبيه في المجتمع الدولي.

وفي ليلة الانتخابات الأمريكية الأخيرة، ومع ظهور المؤشرات الأولية لفوز «ترامب»، كتب «روب مالي»، المسؤول الأول عن شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض في عهد «أوباما»، إلى «عتيبة» قائلا: «هل لديك مكان لي في أبوظبي؟». ورد عليه «عتيبة» بالقول: «هذا ليس مضحكا. كيف ولماذا يمكن أن يحدث ذلك؟ على أي كوكب يمكن أن يصبح ترامب رئيسا».

وأظهرت رسائل البريد الإلكتروني السابقة في نفس السلسلة أن السفير يسعى على ما يبدو للحصول على مساعدة «مالي» في الحصول على معلومات عن نتائج الانتخابات قبل إعلانها حيث كتب يقول: «يا رفاق هل تتلقون معلومات متقدمة حول التوجهات؟ أم أن الجميع يتلقون المعلومات في نفس التوقيت؟».

وقام «عتيبة» بالسخرية من «ترامب» أيضا، حين كان مرشحا، في رسالة تبادلها مع «كريس شرودر» رجل الأعمال الذي عمل مع الرئيس «جورج دبليو بوش». ففي 26 يناير/كانون الثاني 2016، تبادل الرجلان الحديث حول مؤتمرات مختلفة في الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، وكتب «عتيبة» قائلا: «المؤتمرات الحكومية تعد أمرا عظيما». بتعبير ترامب «إتسأوج». وهي لازمة شهيرة التقطت في حديث «ترامب» وهو نطق مثير لكلمة ضخم (Huge).

ويأتي تسريب رسائل «العتيبة» في خضم الأزمة الدبلوماسية التي تتكشف أبعادها اليوم بين الإمارات والمملكة العربية السعودية من ناحية، وبين قطر من ناحية أخرى. حيث أثارت دولة الإمارات العربية المتحدة بصحبة كل من السعودية والبحرين ومصر نزاعا صارخا مع قطر فجر اليوم بعد أن أقدمت على قطع العلاقات الدبلوماسية معها وفرض حصار على طرق التواصل، كمعاقبة لقطر على دعمها لجماعة الإخوان المسلمين واصطفافها المزعوم مع إيران.

ولم تتخذ إدارة «ترامب» موقفا رسميا بشأن هذه المسألة. ويتفق كثيرون في دائرة «ترامب» مع الرؤية الإماراتية بضرورة الوقوف ضد الجماعات التي تدعمها قطر في المنطقة، ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين. وأقدمت الإمارات العربية المتحدة على تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية وحاولت دفع الولايات المتحدة إلى فعل الشيء نفسه، وهو التصرف الذي حذر منه العديد من الباحثين المرموقين.

تهدد رسائل البريد الإلكتروني المسربة، التي تظهر تعليقات «عتيبة»، حملة البلاد الهادفة إلى تشويه سمعة قطر في واشنطن، وجهود أبوظبي لكسب المباركة الرسمية الأمريكية لحملتها للضغط على قطر. وأظهر الرئيس الأمريكي الجديد حساسية ضد النقد إلى درجه قيامه باستبعاد الذين انتقدوه من فريقه، ومنهم «إليوت إبرامز» صديق «عتيبة» وأحد رفاقه في حملة التشكيك في قطر. و«إبرامز» هو سياسي جمهوري ينتمي إلى تيار المحافظين الجدد، وخدم سابقا في إدارتي «رونالد ريغان» و«جورج بوش الابن».

وتظهر رسائل البريد الإلكتروني أيضا ما لم يفعله «ترامب» قبل الانتخابات لكسب الثقة العالمية، والشكوك التي أثارها حول قدرته على لعب دور الوسيط بين شركاء الولايات المتحدة الحاليين. وقال «هنري باركي» المسؤول السابق في وزارة الخارجية الذي يعمل الآن في مركز أبحاث وودرو ويلسون الدولي أنه في ضوء التطاحن الإماراتي القطري، فإن الرئيس لا يزال أمامه الكثير من العقبات قبل أن يحقق هدفه المعلن بتوحيد العالم الإسلامي خلف أهدافه.

ويظهر تفريغ البريد الإلكتروني أيضا مستوى الارتباط بين «عتيبة» وبيت «أوباما» الأبيض، على الرغم من ادعاءات السفير العلنية بأن الرئيس «باراك أوباما» فشل في القيادة في الشرق الأوسط. ويحوي البريد محادثات متعددة بين «عتيبة» ومستشارة الأمن القومي الأخيرة لأوباما «سوزان رايس»، قامت «رايس» خلال بعضها بانتقاد تعليقات نائب الرئيس «جو بايدن» حول الدول الشريكة للولايات المتحدة مثل الإمارات والسعودية وتركيا.

وتحدثت «رايس» و«مالي» و«عتيبة» بصراحة عن قضايا تثير قلقهم. وكثيرا ما طلب السفير مساعدة «رايس» في إقامة اتصال بين رئيسه والرئيس «باراك أوباما». ومع تسارع قلق الكونغرس بشأن الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة في اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2015، أرسل الاثنان رسالة إلكترونية تستفسر حول الاستراتيجية المتبعة هناك بما في ذلك عملية السلام التي لم تؤت ثمارها بعد.

وفي 6 نوفمبر / تشرين الثاني 2016، كتب «مالي» إلى «عتيبة» يحذره من أن مستوى التشكك بين القادة والمجتمعات الغربية حول المملكة العربية السعودية، وهي شريك مهم لكل من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، وصل إلى مستويات مذهلة.

وقال «مالي» أنه كان يتابع النقاش الرئيسي لمرشحي يمين الوسط الفرنسي في انتخابات الرئاسة، وقال: «فوجئت بالنغمة المضادة للسعودية من كل المرشحين تقريبا».

وظل «عتيبة» و«مالي» على اتصال حتى مارس/أذار 2017 على الأقل، وكما تشير رسائل البريد الإلكتروني فإن الرجلين تناولا عشاء معا في 8 فبراير/شباط، وفى نهاية الشهر نفسه، أرسل السفير إلى مساعد أوباما السابق مراجعة للعلاقات الأمريكية الإماراتية في عهد «ترامب» قائلا: «نحن نسير بشكل جيد.. قام ماتيس بزيارة جيدة إلى أبوظبي مؤخرا وسيقوم الأمير عبد الله بن زايد (وزير الخارجية) بزيارة في منتصف مارس/أذار).

هاف بوست-