علاقات » خليجي

قالها الرئيس الأمريكي ترامب!

في 2017/06/07

في كل يوم تكشف السياسة القطرية عن وجهها القبيح، الإرهاب هو العنوان، والتفاصيل تدلنا على مؤامرة كبرى تُستخدم قطر لتنفيذها ضد أشقائها، والأدوات القرضاوي وخالد مشعل وعزمي بشارة وآخرون، والمستفيد إيران وإسرائيل والإخوان المسلمين والقاعدة والحوثي وحزب الله وداعش والنصرة، ومنظمات وحزبيين آخرين.

فما أن قُطعت العلاقة الدبلوماسية عن قطر، وتصدرت الدوحة المشهد في كل وسائل الإعلام كدولة راعية وممولة للإرهاب، حتى رأينا ما لم نكن نعرفه عن مخططاتها الخطيرة، وجدنا أنفسنا على مسافة قريبة مما كان مجهولاً لدينا، دون حاجة إلى جهد، فعورة الإرهاب القطري أصبحت مكشوفة وعارية.

هذه قطر، التي اعتقدت ذات يوم أنها بقناة الجزيرة ستكون دولة كبيرة، وبعضهم حسّنها أكثر وقال إنها على موعد لتكون دولة عظمى، يدها فوق أي يد أخرى، ونفوذها نافذ على من تختارهم من الدول، وخيارها كان دائماً على قاعدة الأقربون أولى بالإرهاب، بلا اهتمام أو مراعاة للإخوة، وما يتطلبه حسن الجوار.

مضينا مع قطر، مع أميرها الشاب، نلملم الجراح، نعالج النزوات، نتحمل أذيتها، ونصبر على شيطنتها، ونعفو عن كل موقف معادي يمسنا، وكنا ننتظر أن تعود إلى رشدها، أن تفكر جيداً بأن التمادي في هذا السلوك لن يكون مقبولاً، ولا أن تتحمله الدول الشقيقة إلى ما لا نهاية، غير أن الشيخ تميم لم يصغ لذلك، ولم يلتزم بما كان قد تعهد به أكثر من مرة، فكان قطع العلاقات بقطر هو الحل، لكنه كان الزلزال الذي أطاح بكل أحلام الشيخ تميم.

عشرة أيام مضت منذ انفجار الوضع في علاقات قطر بالمملكة والإمارات والبحرين، وخلالها نادى من نادى من المخلصين إلى أن يخرج الشيخ تميم ويعلن اعتذاره، وندمه على ما فات، وأنه سوف يفتح صفحة جديدة في علاقات قطر بأشقائها، علاقة تقوم على نفي الإرهابيين من الدوحة، ووقف التمويل القطري لهم، والتوقف عن لعب دور اللاعب النجم في المؤامرات ضد الدول الشقيقة، قيل له هذا، واقترح عليه ما هو أكثر، وكان الهدف تجنيبه الضربة الدبلوماسية والاقتصادية التي وجهت له بقطع كل العلاقات مع بلاده.

الاهتمام بقطر، بحسب ما تنشره وتذيعه وتنقله وسائل الإعلام ناشئ من خطورة استخدام الإرهابيين للأرض القطرية، كملاذ وتمويل للعمليات الإرهابية التي تضرب هذه الدولة أو تلك، وتزعزع الأمن والاستقرار في عمليات إرهابية مجنونة، اعتقادا من تميم ووالده حمد أن هذا العبث لن يأتي يوماً وتفتح فيه صفحاته، وأنه سيبقى سراً لن تطوله أو تصل إليه أي قوة في العالم، فإذا بهذه الصفحات واحدة بعد أخرى تكشف للعالم الشيء الذي ربما لا يكون الشيخان حمد وتميم يعرفان عن كثير منه.

أكتب مثل هذا الكلام، بعد أن طفح كيل المؤامرات القطرية، وبعد أن تحولت الدوحة إلى مفرخة للإرهابيين، يعبثون في أرض الله الواسعة، حتى أنهم ضيقوا على الناس، وأعطوا اسوأ صورة عن العرب والمسلمين، بينما قطر بمسؤوليها تواصل النفي، وتأبى أن تعترف بدور لها في ذلك، وتصر على براءتها، وأنها مستهدفة، وأنها مخترقة، بما لا يمكن أن يصدقها عاقل، بينما القرائن والشواهد متاحة للجميع.

وها هو الرئيس الأمريكي السيد ترامب يدلي بدلوه، يتحدث عن قناعاته، يعبر عن موقفه من الدور القطري المشبوه، ومن أن الإرهاب سوف ينتهي ويقضي عليه، معتبراً أن نهايته بقطع العلاقات مع قطر، أي أن تنظيف قطر من الإرهاب، إنما يعتمد على استفادة الدوحة من الإجراء الذي اتخذته ثلاث دول في مجلس التعاون ومصر ودول أخرى بإعلانها قطع العلاقات مع قطر، ما يعني أن على قطر أن تراجع مواقفها، وتعيد حساباتها، حتى لا تتعرض لأكثر مما تم الإعلان عنه.

الشعب القطري مظلوم في كل ما يجري الآن، ومغلوب على أمره في الماضي وإلى الآن، وإلا لما قبل أن تتحول بلاده إلى دولة إرهابية، وإلى وكر للإرهابيين، بل لما قبل بأن تكون الدوحة عاصمة جاذبة لكل من هو إرهابي، أو لديه الاستعداد ليكون كذلك، غير أن أمير البلاد، والحكومة القطرية، ارتضت لأن تكون قطر دولة بمواصفات إرهابية، غير مدركة لما يمكن أن يضرها هذا التوجه في أمنها واستقرارها واقتصادها.

وإذا كان الرئيس الأمريكي وخلال يومين فقط قضاهما في المملكة قد لمس خطورة الدور الذي تلعبه قطر في تبني الإرهاب، رغم حداثة تسلمه للسلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه صارح أمير قطر بذلك، فقد كنا نعتقد أن الشيخ تميم قد استلم الرسالة، وفهم مغزى كلام الرئيس ترامب، وأن خطوات قطرية تصحيحية قادمة لمعالجة السلوك القطري، غير أن ما حدث كان خلاف توقع كل العقلاء، إذ إن أمير قطر ما كاد يصل إلى الدوحة، حتى فجر الموقف بتصريحه الذي أعطى الانطباع بأنه لا تغيير في السياسة القطرية من الإرهاب، مما فجر الموقف، وأوصل قطر إلى ما وصلت إليه.

ويجب أن نفرق بين اهتمام المملكة بالشعب القطري الشقيق وحرصها على سلامته، وبين الموقف السعودي من الحكومة القطرية الذي جاء نتيجة للانتهاكات الجسيمة الذي تمارسها السلطات في الدوحة سراً وعلناً، بتحريضها للخروج على الدولة السعودية، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، كما جاء ذلك في الإيجاز عن اجتماع مجلس الوزراء الأخير برئاسة الملك، فالمملكة معنية بحماية أمنها من مخاطر الإرهاب والتطرف.

قال الرئيس الأمريكي بوضوح في تغريدة جديدة له: خلال جولتي بالشرق الأوسط أكدت على أنه يجب ألا يستمر تمويل الأيديولوجيا المتطرفة، وأن قادة الدول أشاروا إلى قطر، فهل هناك أبلغ من هذا الكلام في الإجماع على إرهابية الدولة القطرية، وهل كان الرئيس الأمريكي سينقل للعالم مثل هذا الاتهام لقطر لولا أنه متفق مع من أشار إلى قطر على أنها الحاضنة والممولة للإرهاب.

الآن تعلن قطر عن استعدادها لقبول أي وساطات لفك رقبتها من السيف المسلط، وتبدي استعدادها لذلك وهو ما رفضته من قبل، بسبب ما شكّله قطع العلاقات معها من تأثير على أوضاعها، ومن شل تام لنشاط الإرهابيين لديها، ولم يبق أمامها إلا أن تضع يدها بيد إيران والإخوان المسلمين، وتستخدم أبواقها الإعلامية، للتأكيد على أنها موجودة، وأنها غير مكترثة بموقف الدول الشقيقة منها، رغم المواجع التي تشعر بها مع بدء سريان تنفيذ الدول المجاورة لكثير من الإجراءات التي سوف تضع قطر في أسوأ حال.

وبالعودة إلى تفاعل الرئيس دونالد ترامب مع الحالة في الشرق الأوسط وقطر، سنجده يرى أن عزل قطر قد يشكل بداية نهاية لرعب الإرهاب، وأن كل الدلائل تشير إلى قطر في تمويل التطرف الديني، مشيراً في تغريدة أخرى، إلى أن دول الخليج قالت له: إنها ستعتمد نهجاً حازماً ضد تمويل التطرف، وكل الدلائل تشير إلى قطر، وأضاف قد يكون ذلك بداية نهاية رعب الإرهاب، وأضاف في تغريدة جديدة إلى أنه من الجيد رؤية زيارتي للمملكة العربية السعودية، ولقائي بالعاهل السعودي وخمسين من قادة الدول تؤتي ثمارها، مضيفاً بأنهم قالوا له إنهم سيتخذون موقفاً صارماً بشأن تمويل التطرف، وكل الإشارات كانت تصب نحو قطر، ربما سيكون هذا بداية نهاية لفظائع الإرهاب.

هذا ما قاله ترامب، الذي لبلاده قاعدة في قطر، يقول الشيخ تميم إنها وجدت لحماية قطر من جيرانها أشقائها العرب، ولم نقله نحن، بل أن وكالة الأنباء الفرنسية نسبت للرئيس الأمريكي تأييده للإجراءات التي اتخذتها الدول العربية ضد دولة قطر، في مقابل ذلك فإن حل المشكلة - إذا ما كانت هناك فرصة للحل - في قطر لن يكون بدون ضمانات حتى لا يتكرر سيناريو المقاطعة التي تمت معها عام 2014م حيث لم تلتزم الدوحة بما تم الاتفاق عليه حينذاك، وتنصلت من كل الالتزامات التي وافقت عليها.

نتمنى أن يكون قرار عزل قطر عن محيطها الخليجي هو بداية لنهاية الإرهاب، كما تنبأ الرئيس ترامب، فقطر خيارها الوحيد لإنقاذ البلاد من المزيد من التطورات القادمة أن تذعن لصوت الحكمة، وأن تتجنب الانزلاق في مستنقع تبني وتمويل الإرهاب، فهناك حملة قادمة أكثر قسوة ضد تمويل الإرهاب إذا ما أحست أي من الدول الجارة بتهديده لأمنها وكان مصدره قطر.

خالد بن حمد المال- الجزيرة السعودية-