لم يكن الهجوم السعودي المُباغت على قطر. والإجراءات التصعيديّة التي اتّخذتها المملكة وحلفاؤها بحقّ دولة قطر إلّا تجّلياً لصراعٍ داخليّ بين أطراف العائلة السعودية تجري وقائعه النارية خارج حدود المملكة .. وفي بعض الأحيان داخل أروقة القصور الملكية.
تؤكّد المصادر الدبلوماسيّة أنّ الصراع بين ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وابن عمه ولي العهد محمد بن نايف بلغ هذه الفترة درجة غير مسبوقة مع قيام ابن سلمان بتحويل البرنامج الذي وضعه لإقصاء ابن نايف عن الواجهة إلى إجراءات بدأت بزيارته منفرداً إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب. ثمّ المهرجان الأميركي _ السعودي الكبير الذي أقامه في الرياض والذي بدا كاحتفالِ تدشين لمرحلة العمليات التنفيذيّة والتي كان أوّل بنودها إطلاق حربٍ إلغائية على دولة قطر .. تبدأ بالمقاطعة والحصار ولا أحد يعلم إلى أين ستصل.
لماذا قطر؟
تؤكّد المصادر الدبلوماسية أنّ أكثر جهة خليجية ترتبط بعلاقةٍ وثيقة مع محمد بن نايف هي دولة قطر وتحديداً بشخص أميرها تميم بن حمد. ما يعني أن بداية الإجهاز على ابن نايف لا بدَّ أن تبدأ من إنهاء أي تأثيرٍ قطريّ في الساحة الخليجية وعلى مستوى الإقليم.
وليس بعيداً عن ذلك يأتي التنسيق مع الإمارات التي تقاطعت مصالحها في هذه اللّحظة مع محمد بن سلمان. فوجدت الوقت المناسب لتحجيم قطر وإنهاء علاقتها القريبة والبعيدة المدى.. وتحديداً إنهاء أي تأثير من مفاعيل علاقاتها الوثيقة مع تركيا. ولا تُخفي المصادر أنّ الأتراك فهمو الرسالة السعودية.. وبأنّ المطلوب ألّا تجلس قطر فقط في المقعد الخلفي بل أيضا تركيا ولم ينسَ أحد بعد إبعاد تركيا عن الحضور في احتفاليّة ترامب في الرياض.
وتقول المصادر الدبلوماسيّة إنّ الدور الإماراتيّ لمحاولة الانقلاب في تركيا ليس خافياً على أحد، وهي سبب كافٍ لتجعل من الإمارات المستفيد الرئيس من إبعاد الإخوان المسلمين عن الساحة الخليجية وبالتالي إبعاد الراعي الرئيس لهم في اسطنبول.
وتؤكد المصادر أنّ ما يفعله ابن سلمان بحقّ قطر لن يمرّ عند ابن نايف مرور الكرام الذي ينتظر هدوء العاصفة ليأخذ الخطوة المناسبة. وهو ما سيجعل الصراع بينهما يأخذ منحى أكثر حدّة وربّما يكون مسرحه هذه المرّة داخل المملكة نفسها.
واستناداً إلى هذه النقطة تكشف المصادر عن معلومات أدرجت في السريّة وتفيد أنّ محمد بن نايف بدأ قبل فترة اتّصالات سريّة مع أعيان قبائل مواليةٍ له وضبّاطاً مقربين لوضعهم في صورة ما يستجدّ من أمور.. والتحسب لإمكانية حصول تطورات دراماتيكية داخل المملكة.. لم تعد بعيدة.
وتؤكّد المعلومات أنّ ابن نايف جزم أنّه لن يكون هو البادئ بأيّ مواجهة.. لكنّه لن يسكت إذا ما تحوّلت تجاوزات ابن عمه إلى إجراءاتٍ إقصائيّة أظهرت الكثير من المؤشرات له عن اقترابها من الدائرة المحيطة به.
يقول الدبلوماسي بلغةٍ جازمة: "ربّما لن نشهد حرباً حدودية كلاسيكية مع قطر.. لكن بالتأكيد فإننا سنرى قريباً رجال محمد بن سلمان ومحمد بن نايف بأسلحتهم ووجهاً لوجهٍ في ساحات الرياض".
"ليبانون ديبايت"-