شعب قطر الكريم ليس بالأمر البسيط أن تتخذ دولتنا المملكة العربية السعودية قراراً بمقاطعة النظام السياسي في دولة قطر، ولكن ما يعرفه القادة السياسيون من حقائق ومعلومات أكثر مما يعرفه العامة. شعب قطر الكريم ليس بالأمر السهل أن تتخذ دولتنا المملكة العربية السعودية قراراً بمقاطعة النظام السياسي في دولة قطر أحد المكونات الرئيسية في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ولكن ما يعلمه القادة السياسيون من حقائق ومعلومات تهدد أمن وسلامة شعوب دول مجلس التعاون فرض عليهم اتخاذ مثل هذا القرار. شعب قطر الكريم ليس بالأمر اليسير أن تتخذ دولتنا المملكة العربية السعودية قراراً بمقاطعة النظام السياسي في دول قطر، ولكن ابتعاد قادة قطر عن محيطهم الخليجي وتقاربهم مع أعداء شعوب دول مجلس التعاون حتم عليهم اتخاذ هذا القرار.
شعب قطر الكريم، إذا كان قرار المقاطعة السياسية الذي اتخذ مفاجئاً بالنسبة لكم في وقته وحينه، فإن ما تضمنه البيان السياسي (الصادر في 9 يونيو 2017م) الذي وضح صلة النظام السياسي في قطر بالجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية تجاوز صفة المفاجأة ليس فقط لكم، وإنما لجميع شعوب دول مجلس التعاون. فالبيان الذي كان واضحاً في لغته، كان أيضاً مباشراً في توصيف الوضع القائم وتوضيح الربط بين النظام السياسي في قطر والمليشيات والجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية.
إن أمام النظام السياسي في قطر فرصة تاريخية للعودة إلى شعب قطر الكريم أولاً ثم العودة إلى الصف الخليجي إذا ابتعد عن السلوكيات والممارسات السلبية التي أدت إلى قرار قطع العلاقات..
شعب قطر الكريم، إن إعادة قراءة ما جاء في البيان السياسي (الصادر في 9 يونيو 2017م) يساعدنا جميعاً في فهم بعض أسباب تصاعد حالة عدم الاستقرار السياسي في المنطقة وتردي الحالة الأمنية في بعض الدول العربية. فمما جاء في البيان أن كلاً من: "المملكة، وجمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، أنها في ضوء التزامها بمحاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، ومكافحة الفكر المتطرف وأدوات نشره وترويجه، والعمل المشترك للقضاء عليه، وتحصين المجتمعات منه، ونتيجة لاستمرار انتهاك السلطات في الدوحة للالتزامات والاتفاقات الموقعة منها، المتضمنة التعهد بعدم دعم أو إيواء عناصر أو منظمات تهدد أمن الدول، وتجاهلها الاتصالات المتكررة التي دعتها للوفاء بما وقعت عليه في اتفاق الرياض عام 2013، وآليته التنفيذية، والاتفاق التكميلي عام 2014؛ مما عرّض الأمن الوطني لهذه الدول الأربع للاستهداف بالتخريب ونشر الفوضى من قبل أفراد وتنظيمات إرهابية مقرها في قطر أو مدعومة من قبلها. فقد اتفقت الدول الأربع على تصنيف 59 فرداً و12 كياناً في قوائم الإرهاب المحظورة لديها..".
شعب قطر الكريم، إن شعب المملكة العربية السعودية يدرك تماماً بأن سياسات النظام السياسي في قطر لا تمثل شعب قطر الكريم الذي يرفض رفضاً قاطعاً التطرف والإرهاب. فالسلوكيات السياسية السلبية التي مارسها النظام السياسي في قطر باحتضانهم للمتطرفين والإرهابيين ودعمهم للمليشيات والجماعات والتنظيمات الإرهابية وتقاربهم مع الدول الراعية للتطرف والإرهاب سلوك غريب لم تعهده شعوب دول مجلس التعاون خلال تاريخها.
شعب قطر الكريم، إذا كانت السلوكيات والممارسات السلبية للقادة السياسيين في قطر أضرت بالدولة القطرية وأبعدتها عن مجتمعها الخليجي وعزلتها عن محيطها الدولي، فإن قادة المملكة العربية السعودية، المعلوم عنهم حلمهم والمعهود عنهم حكمتهم في اتخاذ القرارات السياسية، حرصوا على حماية شعب قطر من تبعات السلوكيات السلبية لقادة قطر السياسيين. فإذا كان قرار مقاطعة النظام السياسي في قطر قد اتخذ، إلا أن القرارات الإنسانية تجاه شعب قطر الكريم حاضرة، ومنها ما جاء في الإعلان حيث: "صرح مصدر مسؤول بأنه عطفاً على البيان الصادر عن المملكة العربية السعودية بشأن قطع العلاقات مع دولة قطر للمبررات الواردة في صيغة القرار وما تضمنه من إجراءات، وما أشار إليه البيان من حرص المملكة العربية السعودية على الشعب القطري الشقيق الذي هو امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة العربية السعودية وجزء من أرومتها، فقد صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة السعودية القطرية تقديراً منه - أيده الله - للشعب القطري الشقيق،".
شعب قطر الكريم، كما أنكم تتساءلون عن الأسباب التي جعلت قادتكم السياسيين يتجهون نحو هذه التوجهات السلبية التي أضرت بأمنكم واستقراركم، فإننا جميعاً في دول مجلس التعاون نتساءل عن الأسباب التي جعلت النظام السياسي في قطر يتجه نحو هذه التوجهات السلبية. وكما أنكم ترفضون كل المبررات التي تبرر وجود المتطرفين والإرهابيين على أراضي دولتكم، فإننا جميعاً في دول مجلس التعاون نعمل على تطهير أراضي دولنا من جميع المتطرفين والإرهابيين. وكما أنكم تقفون صفاً واحداً في مواجهة ومكافحة المليشيات والجماعات والتنظيمات الإرهابية، فإننا جميعاً في دول مجلس التعاون نعمل بكل جهد على مواجهة ومكافحة ومحاربة المليشيات والجماعات والتنظيمات الإرهابية. وكما أنكم تُدينون العبث بأمن واستقرار جميع الدول وخاصة دول مجلس التعاون، فإننا جميعاً نُدين كل ما يمس أمن وسلامة واستقرار الدول وخاصة أمن وسلامة واستقرار دولنا في مجلس التعاون.
شعب قطر الكريم، إن شعب المملكة العربية السعودية يرى فيكم امتداده الطبيعي دينياً وتاريخياً. فالسلوكيات السياسية السلبية التي مارسها النظام السياسي في قطر لم ولن تؤثر على وحدتنا الشعبية. وكما نتطلع لتقدم مجتمعنا ورفاهية شعبنا، فإننا نتطلع أيضاً لتقدم مجتمعكم ورفاهيتكم التي وبكل أسف شارككم بها المتطرفون والإرهابيون والمنبوذون والمطرودون من دولهم.
وفي الختام، من الأهمية القول إن أمام النظام السياسي في قطر فرصة تاريخية للعودة إلى شعب قطر الكريم أولاً ثم العودة إلى الصف الخليجي إذا ابتعد عن السلوكيات والممارسات السلبية التي أدت إلى قرار قطع العلاقات. فإيواء المتطرفين والإرهابيين ودعم وتمويل المليشيات والجماعات والتنظيمات الإرهابية سياسات لا يمكن أن يقبل بها المجتمع الدولي، وبالتالي لم ولن تقبل بها المملكة العربية السعودية. وإذا كانت التعهدات السابقة التي وقّع عليها النظام السياسي في قطر لم تحترم، فإن إمكانية التزامه بالتعهدات القادمة لن تحترم إلا إذا أصبحت التعهدات سياسات معلنة على أرض الواقع وتحت اشراف ونظر الدول الرئيسية في مجلس التعاون.
د. إبراهيم بن محمود النحاس- الرياض السعودية-