قينان الغامدي- الوطن السعودية-
كنت أظن أن ما كتبته خلال الأسبوعين الماضيين كاف لتوضيح جريمة النظام القطري «منظمة الحمدين! المستمرة حتى الآن!»، لكني اكتشفت أن بعض القرّاء يظن أنني أرمي الكلام على عواهنه، بل إن أحد الأصدقاء المقربين كتب تعليقا بأن مقالاتي ذكّرته بهيكل وأحمد سعيد! وأنتم تعرفون الاسمين وبماذا اشتهرا!. وقد عذرته، احتراما له أولا، ولأنني أحترم الرأي الآخر مهما كان ثانيا. ولمعرفتي سلفا بشطر من نظمي البديع الذي كنت وما زلت أعارض به وأداعب بعض أصدقائي النظامين، لأشعرهم أن نظمي أجمل مما يظنونه شعرا يبتلون الناس بنشره! وقد نظمت: وحيث الهوى مني يميل أميل!.
إضافة إلى آخرين صدمتهم المعلومات التي ذكرتها تباعا، وشككوا فيها اعتقادا منهم أن»منظمة الحمدين!«أقل من أن تفكر في إسقاط النظام السعودي، فضلا عن أن تخطط وتحاول!
والحقيقة، أن»منظمة الحمدين«أقل من أن تنال من المملكة ونظامها، وهي تعرف أنها أقل. ولكن مع الأسف، هذه المعرفة هي أحد الحوافز التي دفعت المنظمة -مع حوافز وطموحات أخرى- إلى التخطيط ومحاولة تحقيق هدفها الأكبر من كل تحركاتها، وإنفاق ملياراتها، وهو إسقاط النظام السعودي، ثم الأنظمة الثلاثة في دول المقاطعة!. ولا أظن أحدا يجهل مكانة السعودية وأهميتها لدول الخليج بالذات، ثم لمصر والعرب والمسلمين، وكذلك مكانة مصر وأهميتها لدول الخليج والعرب، وأنه لو حصل مكروه لأي من الدولتين الكبيرتين، فإن البقية سيلتهمها هذا المكروه بسهولة!
هذا الهدف الفظيع -غير المعقول- هو الذي دفع بعضا من الصادقين مع أنفسهم ووطنهم إلى عدم التصديق، وربما الذهول المفضي الى إراحة العقل بنفي هذه الفظاعة!.
أما المدافعون عن»منظمة الحمدين«من القطريين الوطنيين -وهم قلة- والعرب والأجانب المرتزقة -وهم كثرة- فهم يتجاهلونه عمدا ولا يشيرون إليه من قريب ولا بعيد، وإنما حاولوا وما زالوا يحاولون صرف الذهن بالذهاب إلى الحديث عن أمور لا علاقة لها مطلقا بالأسباب الحقيقية للمقاطعة، أو قل السبب الوحيد الذي كان وما زالت له ذيوله التي يجب قطعها، بحيث يتم اجتثاث السبب، وكل ما يفضي إليه!.
هؤلاء المتجاهلون للسبب الحقيقي، يرفعون أصواتهم بأوهام وأكاذيب يحاولون خلال «دولة الجزيرة في قطر!» إقناع المتابعين بها، وما هم ببالغي الإقناع، حتى مع استمرار بعض إعلام»منظمة الحمدين«لبعضٍ ظهيرا، فهم يرفعون كذبة الحصار وتصريحات بعض مسؤولي»المنظمة«أنفسهم ينفونه، وهم يقولون كسر سيادة قطر والهيمنة على قرارها السياسي، وهذا كذب صريح، فلا أحد قال به من حكومات دول المقاطعة، لا تصريحا ولا تلميحا، والسياق التاريخي مع»منظمة الحمدين«-وهي تتخذ مواقف معارضة ومناقضة لدول الخليج عموما، والمملكة خصوصا- معروفة ومعلنة، ولم يعترض عليها أحد، بل إن دول المقاطعة نفسها لها مواقف سياسية متباينة من الأحداث الخارجية، ولم تحدث بينها شروخ عميقة، مثل ذلك الشرخ العميق الذي حدث مع قطر بسبب جريمة»منظمة الحمدين!«.
ومن سذاجة بعض المدافعين قولهم: إن السبب هو علاقة قطر مع إسرائيل، ومن غبائهم ينسون أو يتناسون أن مصر وهي أكبر دول المقاطعة والعرب سكانا، لها علاقة معلنة مع إسرائيل، فكيف يستقيم تحليلٌ مضحك كهذا!.
أما أطرف ما قيل عن السبب فهو: الخوف من الغاز القطري الذي سيجعلها قوة اقتصادية عظمى!، وأن دول المقاطعة بالتعاون مع أميركا تريد نصيبا من كعكة الغاز القطرية!، وهذا مثير للسخرية ولا يستحق تعليقا!.
إذن، كل ما يقوله المدافعون بحماس وطني قطري -وهم قلة- أو المرتزقة من العرب والخواجات الذين يقبضون»من حمد الصغير! المهاجر تضليلا«، بالعملة الصعبة، كل ما يقولونه لا علاقة له بحقيقة السبب الذي تسبب في هذه المقاطعة الصارمة!.
الشروط الـ13 المقدمة لمنظمة الحمدين في قطر، كلها تتمحور حول السبب الوحيد، الرئيس، الفظيع، غير المعقول، والمغلف بلغة سياسية وردت في بيان المقاطعة، وهي:»ونتيجة لاستمرار انتهاك السلطات في الدوحة للالتزامات والاتفاقات الموقعة منها، المتضمنة التعهد بعدم دعم أو إيواء عناصر أو منظمات تهدد أمن الدول، وتجاهلها الاتصالات المتكررة التي دعتها للوفاء بما وقّعت عليه في اتفاق الرياض عام 2013، وآليته التنفيذية، والاتفاق التكميلي عام 2014، مما عرّض الأمن الوطني لهذه الدول الأربع للاستهداف بالتخريب ونشر الفوضى من قِبل أفراد وتنظيمات إرهابية مقرها في قطر، أو مدعومة من قِبلها. فقد اتفقت الدول الأربع على تصنيف «59» فردا و«12» كيانا في قوائم الإرهاب المحظورة لديها، التي سيتم تحديثها تباعا والإعلان عنها«!.
إذن، هذا هو السبب الحقيقي، ولأنه مغلف بلغة سياسية، فلا بد -ووفق المعلومات الموثقة- من تكرار الشرح والتوضيح لهذا السبب، لترسيخ المعلومة الأهم في الأزمة كلها، وهي:»تخطيط منظمة الحمدين، والشروع في التنفيذ الميداني لإسقاط النظام السعودي أولا، وبسقوطه سيُصبِح الطريق ممهدا لسقوط الأنظمة الثلاثة الأخرى، وفوقها أو معها النظام الكويتي الذي يتوسط الآن لحل الأزمة!.
لذا، كان طبيعيا أن تأتي الشروط واضحة لقطع كل المغذيات للسبب الحقيقي الذي تتزعمه «منظمة الحمدين»، وتسعى إلى تحقيقه منذ عشرين سنة. هذه المغذيات واضحة ومعلنة وباعتراف كبار مسؤولي المنظمة، وعلى رأسهم القرضاوي وعزمي، وأشخاص من أسرة آلِ ثاني نفسها، فضلا عن اعترافات «الحمدين» التي تضمنتها مكالماتهما وتصريحات أخرى!
المسؤولون التنفيذيون في «منظمة الحمدين، والواجهة التميمية!»، يعلمون السبب الحقيقي للمقاطعة، ولذلك فهم يتحدثون عن الشروط بطريقة -كاد المريب...!- فهم يرفضونها، ثم يطالبون بتخفيفها أو الحوار حولها بعد رفع المقاطعة!، وهم بهذه اللغة يتناسون الحقائق الدامغة التي علم بها تميم في الرياض، وبلغهم قطعا، ويتذاكون!، لكن كما يقال: «يداك أوكتا وفوك نفخ!».
التذاكي ليس مقصورا على المدافعين عن المنظمة الحمدية الإرهابية في قطر، وبعض مسؤوليها، بل يمارسه غيرهم، وهؤلاء الغير عندنا داخل المملكة، ويكتبون تذاكيهم بالأسماء الصريحة، في مختلف وسائل التواصل، ويوم الأحد عندي لكم طرائف مسلية في باب التذاكي المحلي هذا!.