إبراهيم الأمين- الأخبار اللبنانية-
كشف «إبراهيم الأمين»، رئيس تحرير صحيفة «الأخبار» اللبنانية، نقلا عن من وصفهم بـ«ضيوف عرب» التقوا أولاد «زايد» في الإمارات، جانباً من مخططات السعودية والإمارات لـ«تركيع».
وحسب هؤلاء الضيوف، قال أولاد «زايد» لهم عرب إنهم أعدّوا عمداً لائحة مطالب صعبة من قطر، حتى لا يكون بالإمكان التوصّل الى حلّ قريب، وإن أبو ظبي والرياض تضمنان عدم حصول تدخل أمريكي كبير خلال الفترة القريبة المقبلة.
واعتبر «الأمين»، في مقال بعنوان «الغليان ــ 2 أمراء الفوضى»، أن السؤال عمّا يريده هؤلاء من قطر لا يحتاج الى جهد كبير للإجابة عنه؛ فهم يقولون صراحة إن «المسألة لا تتعلق بتحقيق مطلب من هنا أو مطلب من هناك. المطلوب انصياع قطري كامل، ووضع مقدرات الدوحة المالية والاعلامية والسياسية في خدمة المشروع الذي يقوده المحمدان»؛ ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» وولي العهد السعودي «محمد بن سلمان».
ووفق ضيوف أولاد «زايد»، فإن قيادة قطر تعرف هذا الأمر، وهي تحاول أن تحلّ المشكلة بتقديم تنازلات شكلية، لكن الرياض وأبو ظبي والقاهرة لا تقبل بتسويات كالتي حصلت.
وفي هذا الصدد، قال رئيس تحرير صحيفة «الأخبار» اللبنانية: «طبعاً، في هذه العواصم (الرياض وأبو ظبي والقاهرة) من يناقش المدة الزمنية ونوعية الضغوط (على قطر) المطلوبة. وهم يفكرون، بجنون غير مسبوق، في أنه سيصار الى جعل قطر تنفق أموالها ثمن حليب للأطفال، وأن عملتها الوطنية ستتدهور، ومشاريعها العملاقة ستتجمّد، وأنها ستنقطع عن العالم، وسيدفع المتضامنون معها أثماناً كبيرة، وأن عواصم كثيرة في المنطقة والعالم ستضطر الى الاختيار بينها وبين كل الخليج».
على ماذا يعوّل هؤلاء؟
وحسب استنتاج بعض ضيوف أولاد «زايد»، فإن «ابن زايد» و«ابن سلمان» يتحدثان، براحة تامة، عن الموقف الأمريكي من الأزمة الخليجية.
بل أكثر من ذلك، يعتقدان بأن واشنطن ستكبح جماح أي محاولة أوروبية للتدخل، وأن الرئيس «دونالد ترامب» تعهّد بالسير في هذا المشروع، وأن ما ستحصل عليه الولايات المتحدة لاحقاً سيفوق ما حصلت عليه خلال زيارة «ترامب» الاخيرة للرياض.
لكن المفاجئ أن المسؤولين الاماراتيين يتحدثون، باستخفاف، عن معارضة جهات أمريكية وأوروبية للخطوة.
ويتصرف هؤلاء على أن هذه الأصوات مجرد احتجاجات لن تؤثر في جوهر قرار الادارة الأمريكية الموافق على تطويع قطر في أسرع وقت ممكن.
عقوبات إضافية خيالية
واعتبر «الأمين» أن الكلام عن العقوبات الإضافية التي تفكر دول الحصار في فرضها على الدوحة حال رفضت مطالبها «يبدو خيالياً»، ومنها: كل عربي أو أجنبي يعمل في دول الخليج سيكون عليه، قريباً، الاختيار بين عمله في السعودية والإمارات وبين عمله في قطر.
وكل شركة أجنبية عليها الاختيار بين عقودها مع أبو ظبي والرياض والدول التي تحت رعايتهما، وبين عقودها مع قطر.
وعلى كل فرد عربي أو أجنبي الاختيار بين جواز سفر خال من أيّ أختام قطرية أو عدم دخول بلاد الخليج الأخرى.
والأمر نفسه يتعلق بالمجموعات المسلحة الناشطة في سوريا والعراق وليبيا؛ حيث تعرض أبو ظبي تغطية أي عجز ينتج من قطع هؤلاء علاقاتهم بقطر.
ويصل الأمر حدّ تحذير المواطنين الذين تربطهم علاقات قربى وعمل بأن عليهم التعوّد على نسيان قطر، وأن إجراءات منع التضامن مع الدوحة غير قابلة للتراجع.
أما عن احتمال حصول قطر على دعم إيراني وتركي، فإن أنصار المحمدين يعتبرون ذلك خطوة تصبّ في سياق حملتهما ضد قطر، وسيتم تثبيت اتهام قطر بأنها «عميلة» لأنقرة وطهران. وبالتالي، لن يساعد ذلك قطر في الغرب، بل سيعقّد أمورها أكثر، وستشعر تركيا وإيران، مع الوقت، أن ليس في مصلحتيهما تبنّي المصلحة القطرية على حساب العلاقات مع بقية دول الخليج.
الموقف في قطر
وفي هذا الصدد، أشار «الأمين» إلى أن الرياض وأبوظبي لا يتوقفان طويلاً أمام الوضع الداخلي في قطر، وما يسود الأجواء هناك من حالة استنفار وعصبية وطنية، وبروز مظاهر التفاف شعبي حول الامير الحاكم.
فهذه كلها، وفق الكاتب اللبناني، أمور تبدو، بالنسبة إلى أبوظبي والرياض، مجرد «حركات إعلامية» ستزول كلما زاد الضغط على المواطن القطري، وكلما شعر بأن حكومته تأخذه الى الجحيم.
ولفت إلى أن البعض يسأل عمّا إذا كان القطريون سيتعرضون للرذل والإقصاء في العالم إن جرى وسمهم بـ«دعم الارهاب»، لكن ذلك لا يخفي حقيقة أن القطريين عموماً ليسوا متضررين من سياسة حكومتهم خلال العقدين الأخيرين.
وأضاف: «بالتأكيد هناك أصوات، وإن كانت خجولة، لكنها مسموعة، ترى أنه ليس بمقدور قطر تحمّل عبء كل هذه السياسات، لكن هذه الأصوات ليست بالحجم الذي يعوّل عليه من قبل العاملين على إثارة القلاقل في الإمارة الصغيرة».
وتابع: «حتى اللحظة، يسعى القطريون الى وضع خطط طوارئ لمواجهة آثار الحصار. وهم يعملون دون توقف ودون تحفّظ مع كل من يساعدهم على معالجة ظواهر الأزمة، لكنهم لا يتجاهلون حقيقة أن مصيرهم رهن الموقف الأمريكي، ويعملون بقوة لكسر أحادية القرار عند البيت الابيض، ويأملون أنه، مع الوقت، سيصبح موقف المؤسسات التقليدية الاخرى في الخارجية والدفاع والاستخبارات أكثر نفوذاً، وسيجعلون البيت الابيض يتراجع عن التفويض الكامل المعطى من قبله لخصوم قطر في المنطقة».
واختتم «الأمين» مقاله قائلا: «العاصفة الخليجية ليست من النوع المتعارف عليه، وساذج من يتصرف على أساس أنها غيمة وتزول، إنها الإشارة الأقوى إلى اضطرار حكام الجزيرة الى البحث عن سبل حماية عروشهم، من أعداء الداخل قبل الخارج».
وأضاف: «لذلك، فإن مسعى أبو ظبي والرياض لتركيع قطر هدفه ترهيب كل الآخرين، والقائمون على هذه السياسة يعملون بوحي القول الشهير: اضرب الضعيف ضربة ينخلع لها قلب القوي!».