علاقات » خليجي

محلل قطري: قطر لن تتنازل عن سيادتها ومستعدة للانسحاب من مجلس التعاون

في 2017/07/05

DW عربية-

مهلة خليجية جديدة لقطر للرد على لائحة المطالب. ورسالة من الأمير تميم إلى أمير الكويت. نسأل في هذا الحوار المحلل السياسي القطري، علي الهيل، عن أبعاد الموقف القطري ومساحات المناورة المتاحة، والأولويات خلال هذه الفترة.

انتهت المهلة الممنوحة من دول خليجية ومصرلقطر، ولم ترد الأخيرة، ومُنحت الآن 48 ساعة إضافية. بتوقعك كيف سيكون الرد القطري؟

دولة قطر وضعت دول الحصار في خانة رد الفعل. نتيجة للفعل القطري الأساسي الرافض لبعض مطالب اللائحة التي تمس السيادة الوطنية القطرية، والتي تشي أو يُفهم منها فرض الوصاية على دولة قطر. وكأن قطر ليست دولة مستقلة ذات سيادة وإنما كأنها كيان حكم ذاتي تابع لإحدى دول الحصار.

أما عن الرد القطري، فكما تعلمون الرئيس الأمريكي ترامب هاتف أمير دولة قطر، الذي شرح للرئيس ترامب طبيعة وخلفية لائحة المطالب. النقطة المركزية هي الآن لائحة المطالب ورفض قطر المبدئي ثم الأخير لهذه اللائحة. وبعد المكالمة مباشرة طلب أمير الكويت من دول الحصار أن تمهل قطر 48 ساعة. المعلومات التي لدينا أن قطر استجابت لاقتراح أمير الكويت لأنه بذل مساعٍ حميدة من أجل رأب الصدع بين الدول الشقيقة في المنظومة الخليجية.

حسب معلوماتي وحسب إجماع الرأي العام القطري أن المطالب المتعلقة بالمساس بالسيادة مرفوضة شعبيا قبل الرفض الحكومي.

DW عربية: هل نتوقع تنازلات من الدوحة؟ وما هي المطالب التي يمكن أن تلبيها قطر؟

علي الهيل: ليس هناك تنازلات في السياسة، ولكن هناك مفاوضات. أنا متأكد أن الساعات القادمة ستشهد نقاط التقاء بين دولة قطر والدول المقاطعة. لأن دولة قطر من الأساس أصرت على أن يكون الحل خليجياً وعلى أن يبدأ حوار جاد ندي، دولة لدولة، من خلال آليات مجلس التعاون لدول الخليج العربي. يعني الموضوعات المتعلقة بالسيادة الوطنية التي تحاول فرض وصاية على قطر، لا شك أن دولة قطر سترفضها.

دول تعتبر نفسها ذات شأن وثقل ديني وسياسي واقتصادي وعسكري تضع نفسها في مستوى قناة الجزيرة التي تبث من الدوحة، والتي لها خط مستقل إلى حد ما عن سياسة الحكومة القطرية.

هل تقصد أن الجزيرة لن تغير سياستها التحريرية ولن تغلق؟

الجزيرة لن تغلق، ولكن لا بد أن تراجع قناة الجزيرة سياساتها التحريرية والإخبارية والتحليلية بما يتوافق مع دول المنظومة الخليجية. ولكن ليس فقط الجزيرة. يجب أن تكون المعاملة بالمثل. أي أن العربية والحدث وسكاي نيوز يجب أن تكف عن التأجيج وعن تصرفات الطابور الخامس.

أنت ذكرت الجزيرة. ماذا عن وسائل الإعلام الأخرى الممولة من قطر؟

هنا أيضاً ينطبق مبدأ التعامل بالمثل بين الدول. فإذا أرادوا هم من دولة قطر أن تقلم أظافر – إن صح الوصف – وسائل الإعلام التي تمولها قطر خارج حدودها، فعليهم هم أيضاً أن يقوموا بالمثل مع وسائل الإعلام التي يمولونها، من صحف وتلفزيونات وإذاعات، والتي تدار من خارج دول المنظومة الخليجية، مثل إم بي سي وصحف الحياة والشرق الأوسط. فالمملكة تمتلك الكثير من وسائل الإعلام التي تبث من خارج السعودية، حتى لا تتسبب بالإحراج لعلماء الدين ولأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية.

إذن تعتقد أن تبادر قطر لتقديم مطالب مضادة للدول المقاطعة لها. أليس كذلك؟

نعم. بتصوري أن دولة قطر، بعد أن سلمت ردها لأمير الكويت، ستدخل هذا المعترك إن صح التعبير؛ معترك المعاملة بالمثل. نغلق هنا، فتغلقون هناك، فمثلاً ستعيد قناة الجزيرة مراجعة سياساتها التحريرية وتبتعد أن عن كل العوامل التي يمكن أن تؤجج الخلافات بين دول المنظومة الخليجية. وأنتم بدوركم كذلك الزموا العربية وإم بي سي والحدث وصحيفتي الحياة والشرق الأوسط وقناة سكاي نيوز والإخبارية والاقتصادية. الجموها كي لا تؤجج بين الدول الثلاث ودول قطر. وأن تكون أكثر موضوعية.

هذا عن وسائل الإعلام. ماذا عن مطلب قطع قطر لعلاقتها بجماعة الإخوان المسلمين؟

قطر شرحت للدول الخليجية أكثر من مرة أنها ليست مع إيديولوجية الإخوان المسلمين. ولكن قطر استقبلت بعضاً من عناصر هذه الجماعة من منطلق إنساني، بعد أن أغلقت الأبواب في وجهوههم. وأنا أعرفهم هنا في قطر.

هناك البعض من الإخوان المسلمين انتقلوا إلى ماليزيا لأن الأخيرة لا تشترط الحصول على تأشيرة دخول. لذلك لا أقول ترحيل، وإنما قد يقوم بعض عناصر جماعة الإخوان المسلمين، من غير المرضي عنهم خليجياً، بالخروج من تلقاء أنفسهم من قطر والتوجه إلى مكان آخر مثل ماليزيا.

وماذا عن العلاقة مع تركيا، والقاعدة العسكرية التركية في قطر؟

لماذا لم يطالبوا بإغلاق القاعدة الأمريكية في العديد، وطالبوا بإغلاق القاعدة التركية؟ هذه القاعدة شأن سيادي قطري. كل دول الخليج لديها قواعد عسكرية بحرية وجوية. وقطر قد تطلب من دول الخليج وتقول لهم: إن أردتم أن نغلق القاعدة التركية يجب أن تغلقوا القواعد الأجنبية التي لديكم.

كما نود معرفة موقف الدوحة من العلاقة مع إيران؟

قطر واضحة في هذا المجال. وذكرنا ذلك أكثر من مرة. هم يطالبون بأن نخفض سقف العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع إيران. نحن قلنا لهم إن العلاقة بين الإمارات العربية المتحدة وإيران أقوى بكثير من علاقة قطر مع إيران. على سبيل المثال: هناك حوالي 800 ألف إيراني يعملون في الإمارات. فلماذا لا ترحلهم؟ وهناك أكثر من نصف تيرليون دولار استثمارات إيرانية في الإمارات. هناك 40 ألف إلى 50 ألف شركة كبيرة ومتوسط وأعمال تجارية أخرى تمارس عملها في دولة الإمارات. كل هذا على الرغم من أن إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية. أي أن إيران محتلة بالنسبة للإمارات. إذن لتلغي كل علاقاتها مع إيران، ونحن سنقوم ليس فقط بتخفيض علاقاتنا مع إيران وإنما قطع تلك العلاقات كلياً.

لو فشلت الوساطة الكويتية والجهود الدبلوماسية، هل ستصعد الدوحة إلى ما لا نهاية؟

الدوحة لم تصعد منذ اليوم الأول لانفجار الأزمة. وحتى قبلها عندما بدأ شن الحرب الإعلامية ضد قطر. الدوحة سمحت ببقاء مواطني تلك الدول في قطر. قطر أبقت أيضاً على اتفاقية الغاز مع الإمارات.

ولكن إذا رأت دولة قطر أن الخيار: إما أن تنسحب من مجلس التعاون الخليجي أو أن تضحي بسيادتها الوطنية وتقبل الإملاءات التي وردت في اللائحة والمهلة المذلة وغير القانونية، فقطر ستؤثر الحفاظ على أمنها الوطني وسيادتها الوطنية، وتنسحب من مجلس التعاون. ولا ننسى أن معها الكويت وسلطنة عمان، وهما لا يتفقان مع السياسات العامة الدول الثلاث الأخرى في المنظومة الخليجية.

برأيك، كيف ستنتهي هذه الأزمة؟

قد تصعد الإمارات العربية المتحدة، لأنها هي التي تتصدر التصريحات الناردية ضد قطر، من خلال سفيرها في موسكو، سيف عمر هوباش، أو من خلال سفراء آخرين، أو من خلال وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش. لأن ثمة حقداً وغيرة سياسية، إذا صح وصفها، من دولة قطر لأنها سحبت البساط من تحت أرجل الدول الكبرى في العالم العربي، ومن ضمنها دول الخليج العربي. قطر تصدت للحوارات السياسية العربية – العربية، مثل الحوار اللبناني أو حوار دارفور. قطر حصلت أيضاً على حق استضافة بطولة كأس العالم 2022 بكرة القدم.

نعم دكتور علي، هذه هي الأسباب، من وجهة نظركم، ولكن كيف يمكنأن تنتهي الأزمة؟

أعتقد أن أمير الكويت اقترح على دولة قطر إعادة النظر في بعض المطالب التي تضمنتها اللائحة، من أجل أن يحدث توافق ونقاط التقاء مع الدول الثلاث في مجلس التعاون الخليجي. وهذا ما أرادته قطر من الأساس. أرادت أن تتم لقاءات مباشرة بين مسؤولي دول مجلس التعاون. فالحوار المباشر هو الذي سيبطل كل حيل وخطط الطابور الخامس وتأثيرات وسائل الإعلام وتأجيجها.