وكالات-
كشف مسؤولون حكوميون بارزون وأعضاء في البرلمان العراقي أن حراكاً سعودياً إماراتياً يجري منذ أسبوع لدفع بغداد إلى اتخاذ موقف سلبي من الدوحة، رافقته إغراءات عديدة من كلا البلدين، لكن هذه المحاولات، وبحسب المصادر نفسها، قوبلت بالرفض الرسمي من قبل رئيس الوزراء، «حيدر العبادي».
وقال نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية العراقية في البرلمان، «محمد العبد ربه»، إن «العراق تعرض في الأيام الماضية إلى ضغوط من هذه الدول (دول الحصار) لقطع العلاقات مع قطر بشكل نهائي والاصطفاف مع الدول المحاصرة لكن الحكومة رفضت».
وأضاف أنه «اليوم، وفي هذا الوقت تحديداً، لا نريد أن نقف بجانب دولة ضد أخرى. وأعتقد أن أحد الأخوة الصحفيين سألني بالأمس (الخميس) عن التصريحات التي تخصّ السيد رئيس الجمهورية (فؤاد معصوم) الأخيرة حول قطر في ما يتعلق بأموال قطر المودعة في البنك المركزي، وأبلغته أن هناك ضغوطاً تمارس على مختلف مستويات الدولة العراقية، وتحاول هذه الدول كسب العراق ودول أخرى لتصبح ضد قطر»، وفق تعبيره.
بدوره، كشف وزير عراقي بارز في بغداد، أن اتصالات جرت على مستوى وزراء السعودية والإمارات مع المسؤولين العراقيين، ركزت على طرح تهم جديدة ضد قطر تتعلق بالعراق، وتم طرح مسألة إصدار بغداد بيانا رسميا يدين الدوحة ويعلن عن موقف سلبي منها، إلا أن رئيس الوزراء رفض ذلك وأبلغهم أن موقف بغداد على الحياد من الأزمة ولن يتقاطع مع أي دولة.
وأكد الوزير نفسه أن «رئيس الوزراء قرر عدم الاصطفاف، كما أنه يرفض أن يكون في دور التابع بالأزمة على غرار دول أخرى»، على حد وصفه.
ولفت إلى أن «السعودية أطلقت سراح سجين عراقي قريب لأحد المسؤولين في التحالف الشيعي الحاكم كبادرة حسن نية، وأعربت الإمارات عن دعمها للمشاركة في إعمار المدن المحررة في العراق»، بحسب قوله.
مع العلم أن السلطات السعودية أطلقت يوم الأحد الماضي معتقلاً عراقياً محكوماً بالسعودية بتهمة رفع شعارات طائفية بموسم الحج العام الماضي، وهو قريب للقيادي في التحالف الوطني، عضو حزب الدعوة، علي الأديب.
كذلك أوضح الوزير العراقي نفسه أن «العبادي» أهمل طلبات الجناح الإيراني داخل التحالف الوطني بزعامة رئيس الوزراء السابق «نوري المالكي»، بقطع العلاقات مع قطر، بدعوى دعمها الإرهاب وهو ما تنفيه الدوحة.
وتشن أحزاب ومليشيات عراقية، ضمن ما يعرف بالحشد الشعبي، هجوماً إعلامياً منذ أيام على قطر تماشياً مع الحملات الإعلامية لدول الحصار، رافقتها طلبات لحزب الدعوة الذي يتزعمه «المالكي»، لقطع العلاقات مع الدوحة كان أبرزها إعلان القيادي في الحزب، عضو البرلمان، منصور البعيجي، عزمه تقديم طلب للحكومة لقطع العلاقات مع الدوحة بشكل نهائي.
من جهته، رأى مستشار رئيس الوزراء العراقي، مدير مركز (التفكير السياسي) في بغداد، «إحسان الشمري»، أن موقف الحكومة من الأزمة واضح وهو الوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
وأضاف «الشمري»، الذي تحدث بصفته رئيساً لمركز التفكير السياسي، أن سياسة العراق هي الحياد في الأزمة والعلاقات الإيجابية مع كل الأطراف ومحاولة المساعدة في تطويق الأزمة وما صرح به رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، يمثل رأيه لا رأي العراق، فموضوع الأموال القطرية شكلت لجنة حكومية فيها وفق السياقات المتعارف عليها»، بحسب قوله.
وشدد على أن «العراق يقف على الحياد ويسعى لتنمية العلاقات مع السعودية ومع قطر بما يخدم مصالح العراق وليس من مصلحتنا معاداة أحد»، على حد تعبيره.
وكانت صحيفة سعودية محلية نشرت يوم الأربعاء الماضي، مقابلة مع الرئيس العراقي من لندن، قال فيها إن علاقة العراق مع قطر محدودة وإن زيارته السابقة لها بحكم تأثيرها على جهات إسلامية متطرفة، مبيناً أنه تمت مصادرة الأموال القطرية، في إشارة إلى الأموال التي كانت دولة قطر قد أدخلتها بشكل رسمي وعلني إلى العراق لدعم جهود السلطات العراقية في إطلاق سراح المختطفين القطريين، الذين تم الإفراج عنهم في شهر أبريل/نيسان الماضي بعد أكثر من عام ونصف العام من اختطافهم.
بدوره، أوضح عضو اللجنة المالية العراقية في البرلمان، «عبد الجبار العبادي»، أن المبالغ المالية القطرية لا يحق لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء البت بها والموضوع بيد لجنة مشتركة قضائية والأموال مودعة في البنك المركزي.
وكان رئيس الوزراء «حيدر العبادي»، أعلن في حديث سابق له، رفض بلاده الحصار المفروض على دولة قطر، مبيّناً أن العراقيين عانوا سابقاً من الحصار ويعلمون جيداً ما هو وقعه، كونه يستهدف الشعب، معرباً عن أمله بأن تنتهي الأزمة بسرعة.
وتمارس أيضا السعودية والإمارات ضغوطا على السودان لضمها لدول حصار قطر.
وأثارت تصريحات للسفير السعودي في الخرطوم، طالب فيها السودان باتخاذ موقف واضح من أزمة الخليج، سخط الإعلاميون الذين اعتبروها «إهانة للسودان وحكومته».
واضطر السفير السعودي «علي بن حسن جعفر» إلى عقد مؤتمر صحفي تراجع فيه عن ضغطه العلني على الحكومة السودانية بالقول إنه لم يطلب منها أن تتخذ موقفاً محدداً من الأزمة مع قطر، وإن ما صدر عنه مجرد تمنٍّ إذا قابلت الدوحة المطالب (قائمة الإملاءات) بالرفض، وذلك بعد الاستنكار الواسع الذي قوبلت به ضغوطه.
وكشف صحفيون سودانيون عن أن السفارة السعودية في الخرطوم حاولت استقطابهم لدعم وجهة نظر دول الحصار.
وتسعى الخرطوم، إلى تحاشي تداعيات الأزمة الخليجية بشأن الحصار مع قطر، ويعتبر موقف السودان المحايد في الأزمة القطرية ردا حذرا على خلاف دبلوماسي حساس يستتبع خسارة كبيرة بالنسبة إلى الخرطوم.