علاقات » خليجي

الأردن- مقاطعة قطر تزيد لهيب الأزمات على الاقتصاد!

في 2017/07/18

DW- بالعربية-

تأتي أزمة قطر لتزيد مصائب الاقتصاد الاردني الذي يعتمد على الدعم الخليجي. أين تظهر قسوة هذه الأزمة والأزمات الأخرى في سوريا والعراق على هذا الاقتصاد؟ وكيف السبيل لنجاته من شبح الإفلاس؟

وكأنه لا يكفي الأردن الأضرار الفادحة التي ألحقتها باقتصاده الأزمتان السورية والعراقية حتى تأتيه أضرار المقاطعة الجوية والبحرية والبرية لقطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر. وتكمن المشكلة في أن هذه الأضرار تصيب قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية. فهذان القطاعان ما يزالان في وضع جيد مقارنة بقطاعات أخرى تأثرت بالأزمات بشكل أقوى كالسياحة والعقارات.

كانت قطر حتى أسابيع خلت تستورد حوالي 11 بالمائة من صادرات الفواكه والخضار والأغذية الأخرى الأردنية بقيمة تزيد على 100 مليون دولار سنويا. كما كانت تستهلك أكثر من ثلث الصادرات الأردنية من المواشي. وتستوعب السوق القطرية أكثر من 40 ألفا من العمالة الأردنية الوافدة.

على الجانب الآخر يتستثمر القطريون في الأردن مبالغ تزيد على 1.6 مليار دولار جلها في السياحة والعقارات. وبشكل عام يعتمد الاقتصاد الأردني في استمراره على مستوى أدائه الحالي بشكل كبير على المعونات والقروض والاستثمارات الخارجية من الخليج والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وصندوق النقد الدولي بنسبة تزيد على ثلث قيمة الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ نحو 39 مليار دولار خلال العام الماضي 2016.

الزراعة في مرمى أزمة قطر!

بعد اندلاع الأزمة القطرية الخليجية استجاب الأردن للضغوط وقام بتخفيض تمثيله الدبلوماسي مع قطر. ومع فرض المقاطعة على الأخيرة تراجعت الصادرات الأردنية التي كانت تصل إلى قطر برا عبر السعودية بنسبة تصل إلى 75 بالمائة. وتذهب عدة تقديرات إلى أن ذلك رفع مجمل خسائر الزراعة الأردنية إلى حوالي مليار دولار خلال السنوات الست الماضية. أما خسائر السياحة من أزمات المنطقة وخاصة من ازمتي سوريا والعراق فتقدر سنويا بما لا يقل عن مليار دولار، في حين تشهد الاستثمارات تراجعا حادا في غالبية القطاعات الحيوية. وهو الأمر الذي أدى إلى ركود السوق وصار الاقتصاد الأردني في وضع صعب للغاية. وهو الأمر الذي تعكسه مؤشرات هامة مثل ارتفاع نسبة البطالة والأسعار والمديونية والعجز المالي وتراجع القدرة الشرائية لغالبية الشرائح الاجتماعية.

وعلى سبيل المثال تقدر نسبة البطالة بأكثر من 30 بالمائة، في حين وصلت نسبة المديونية الحكومية إلى نحو 96 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويزيد من صعوبة الوضع تدفق مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين يحتاجون إلى الخدمات الأساسية الصحية والغذائية والتعليمية. ولولا الدعم الخليجي والدولي الذي شمل هبات وإعانات وودائع وقروض بمليارات الدولارات سنويا ما كان بالإمكان تجنب انهيار اقتصادي محتم.

متى تعود أسواق سوريا ولبنان والعراق؟

الأردن الفقير جدا بالخامات الطبيعية بموارد بشرية عالية التأهيل والخبرة، عليها طلب كبير في أسواق الخليج. كما يتمتع بصناعات زراعية واستهلاكية ذات جودة عالية. قبل الأزمة السورية كان القسم الأكبر من الصادرات الاستهلاكية الأردنية يذهب إلى السوقين العراقي والسوري. غير أن إغلاق الحدود معهما الحق خسائر سنوية بمليارات الدولارات بالاقتصاد الأردني، لاسيما وان العراق كان يزود الأردن بالنفط الرخيص، بينما كانت سوريا تزوده بمختلف أنواع السلع الغذائية والكيميائية والنسيجية بأسعار لا يستطيع أحد منافستها. وقد وصل حجم التبادل التجاري الأردني السوري إلى أكثر من نصف مليار دولار سنويا حتى عام 2011. وكان الأردن يجني عشرات ملايين الدولارات من رسوم الترانزيت على وسائط النقل القادمة من سوريا وتركيا وأوروبا باتجاه الخليج. ومع إغلاق الحدود البرية للأردن مع سوريا والعراق تراجع حضور السلع الأردنية أيضا في سوقين هامين لها وهما السوقان اللبناني والتركي.

الدعم الخارجي أو الإفلاس!

استطاع الأردن بفضل موقعه الجيوسياسي الفائق الأهمية بالنسبة للغرب والدول الخليجية وإسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى بفضل تكيفه الذكي مع النيران والحروب المشتعلة في سوريا والعراق من تخفيف خسائره بوسائل متنوعة. وجاء ذلك عن طريق هبات وودائع وقروض خليجية وأمريكية وأوروبية بعدة مليارات سنويا. كما تعزز حضور السلع الأردنية في منطقة الخليج. وبنتيجة ذلك أضحت السعودية بحلول العام الماضي 2016 ثاني أهم شريك تجاري للأردن بعد الصين على صعيد الاستيراد وبعد الولايات المتحدة على صعيد التصدير حسب نشرة التجارة الخارجية الألمانية. رغم ذلك فإنه من الصعب التعويض عن خسارة السوق القطرية، لأن المؤسسات المرتبطة كثيفة العمالة ويرتبط بها دخل آلاف العوائل في المدن والريف.

في سياق متصل تزاد المخاوف على الاقتصاد الأردني أيضا بسبب الأزمات المالية التي تزداد حدة في دول الخليج على ضوء تراجع أسعار النفط وارتفاع العجز في موازناتها وزيادة نفقات الأسلحة التي تستوردها. ويعتمد هذا الاقتصاد بقوة على دعمها وعلى الدعم الخارجي الآخر. وتشتد حدة هذه المخاوف على ضوء استمرار التصعيد في أزمة قطر التي لا تبدو قريبة الحل. ومع استمرار هذه الأزمة يفقد الاقتصاد الأردني سوقا هامة أخرى لصادراته وتجعله في حاجة ماسة إلى تعويضات وحقن إنعاش إضافية سعودية وإماراتية إضافة إلى دعم مالي وتقني أوسع من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وإذا لم يحصل ذلك، فإن معجزة يجب أن تحصل من أجل تجنب كارثة.