علاقات » خليجي

الإمارات باتت «صداعا» لأمريكا في الشرق الأوسط

في 2017/08/05

واشنطن بوست-

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريراً موسعاً، حول دور الامارات في تقويض عملية السلام في اليمن وليبيا، وفي خلق خلافات بين حلفاء أمريكا الخليجيين، وتعزيز حكم الأنظمة المستبدة في الشرق الأوسط، معتبرة أن تلك السياسات «باتت تشكل صداعا» في رأس الإدارة الأمريكية.

وحسب تقرير للصحيفة «واشنطن بوست» بعنوان «انقضاض الإمارات على أعدائها يتحدى تحالفها مع الولايات المتحدة»، فإنه مع اندلاع الحرب الدموية في اليمن، قبل عامين، دعت الولايات المتحدة الأطراف المتقاتلة إلى وقف إطلاق النار، لكن جهود واشنطن قوضها واحد من أكثر الحلفاء الموثوق بهم، وهو دولة الإمارات.

وأضافت الصحيفة أنه رغم مقتل المئات في المعارك والضربات الجوية، التي نفذها التحالف العربي، بقيادة السعودية، إلا أن الإمارات، وهي جزء من هذا التحالف، شجعت شركائها على مقاومة مناشدات وزير الخارجية الامريكي -آنذاك- «جون كيري» لإجراء محادثات سلام أو وقف إطلاق النار.

وحسب رسائل إماراتية دبلوماسية مسربة، قال «محمد بن زايد»، ولي عهد أبو ظبي، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء اليمني -آنذاك-،«خالد بحاح»، إن «اليمنيين يجب أن يكونوا حازمين في مواجهة محاور مقنع مثل كيري»، مضيفا أن على الدول الخليجية، أيضا، أن «تقف حازمة».

وألمح «بن زايد»، خلال الاجتماع المذكور، إلى تحرك الإمارات في الشرق الأوسط، باستخدام القوة العسكرية والدبلوماسية والوسائل السرية لتعزيز الحلفاء ومكافحة الخصوم.

تعقيد العلاقات العسكرية لواشنطن

وقالت «واشنطن بوست» إن دور الإمارات في اليمن، وغيرها من الإجراءات الأخيرة، تعارض مع سياسات الولايات؛ ما عقد العلاقات العسكرية لواشنطن التي تعود لعقود طويلة.

وبالفعل، فإن تعاضد علاقات الإمارات بأمريكا كحليف عسكري من الدرجة الأولى جعل أبوظبي منفصلة عن الدول العربية الأخرى، وعزز طموحاتها لتوسيع نفوذها الإقليمي.

والآن، يبدو أن الدولتين على استعداد لتوسيع شراكتهما إلى أبعد من ذلك في ظل إدارة الرئيس «دونالد ترامب»؛ الذي يتبنى عقيدة «أمريكا الأولى»، وترجمها إلى موقف أكثر عدوانية ضد إيران، وحملة موسعة ضد مقاتلي «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية.

«إسبرطة» صنعت الشرخ الخليجي

وبإعجاب، يلقب جنرالات أمريكيون، بما فيهم وزير الدفاع «جيمس ماتيس»، الإمارات بأنها «إسبرطة صغيرة»، ويعتبرونها نموذجا لما يجب أن يقوم به الحلفاء الإقليميون من أجل تخفيف عبء مكافحة الإرهاب عن الولايات المتحدة.

إلا ان التوترات في التحالف الأمريكي الإماراتي ظهرت للعيان، الشهر الماضي، عندما قال مسؤولون في المخابرات الأمريكية إن الإمارات دبرت عملية قرصنة على موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، وهي القرصنة التي كانت (في الظاهر) سببا في إثارة خلافات حادة بين حلفاء أمريكا الخليجيين، ودفعت البيت الأبيض إلى المسارعة بعملية وساطة لإنهاء تلك الخلافات.

أيضاً، تباينت المصالح الإماراتية والأمريكية في ليبيا؛ حيث اشتكى مسؤولون أمريكيون من أن أبوظبي تحبط جهود السلام في هذا البلد العربي.

كما ورط الصراع الوحشي في اليمن الولايات المتحدة في اتهامات بالتواطؤ في جرائم حرب بسبب دعمها للإمارات وحلفائها الخليجيين.

مسؤول أمريكي رفيع سابق حذر من خطورة الضوء الأخضر الذي منحته واشنطن لأبوظبي للتحرك كقوة عسكرية مستقلة في المنطقة، مضيفا: «أمر عظيم أن يكون لنا شريك في الإمارات، لكننا لا نريد دائما أن نراه رأسا برأس».

وفي عام 1981، وبعد عقد من استقلال الإمارات، توجه «محمد بن زايد»، الذي أصبح لاحقا ولي عهد أبوظبي، إلى واشنطن بطموحات كبيرة لشراء طائرات مقاتلة أمريكية من شأنها أن تعزز القدرات العسكرية للإمارة الغنية بالنفط، وتحويل بلده إلى قوة عالمية. وعن وضع الإمارات و«بن زايد» وقتها، قال دبلوماسي أمريكي سابق: «لم يكن أحد يعرف شيئاً عن الإمارات. من كان هذا الطفل؟».

وفي السنوات التي تلت ذلك، بدأت الإمارات بإرسال قوات عسكرية إلى صراعات مدعومة من الغرب، بما في ذلك حرب الخليج عام 1991، والصراعات في الصومال والبلقان وأفغانستان.

والإمارات تنشئ الآن سلسلة من القواعد في أفريقيا التي من شأنها أن تمنحها قدرات أكبر على التمدد عسكريًا.

كما شرع الإماراتيون في رفع فاتورة الانفاق العسكري. فبالإضافة إلى الحصول على مقاتلات «أف 16»، كانوا أول حليف للولايات المتحدة يحصل على نظام «ثاد»، وهو نظام الدفاع الصاروخي المتطور.

ويأمل الإماراتيون الآن في الحصول على «أف 35»، المقاتلات الأكثر تطورا في أمريكا، والتي تكلف الواحدة منها نحو 100 مليون دولار.

وقال «أندرو اكسوم»، الذى سبق أن شغل منصب مسؤول في «البنتاغون» لقضايا الشرق الأوسط، إن الأسلحة المتطورة ليست أكبر أصول الإماراتيين العسكرية.

وأوضح: «ما يميزهم هو الاستثمار في كل شيء، حتى لو كان غير ضروري، من أجل بناء جيش قوي، بما في ذلك الخدمات اللوجستية والتدريب».

ويقول المسؤولون الإماراتيون إن التهديد القادم من إيران هو الذي دفعهم إلى بناء جيش حديث، واختبار قواتهم خارج حدودهم.

كما رأوا ضرورة مواجهة جماعة «الإخوان المسلمين» وأي جماعات سياسية يرونها امتدادا لتلك الجماعة.

لكن نظرة الإماراتيين لاستقرار بلدهم والمنطقة، كما يقول منتقدوها، تضمنت احتضانا مقلقا لقادة الاستبداد الذين يتشاطرون معها الكراهية لإيران أو للإسلاميين، إضافة إلى عدم التسامح مع أي معارضة سياسية.

صداع لأمريكا

وقد خلق هذا الموقف صداعا للولايات المتحدة، بما في ذلك في ليبيا.

ففي حين لعب الطيارون الإماراتيون دورا محوريا في التدخل الدولي عام 2011، الذي أطاح بـ«معمر القذافي»، تصاعد شعور الاحباط لدى المسؤولون الأمريكيون في السنوات التالية؛ عندما قدمت أبوظبي والقاهرة دعما عسكريا وماليا للجنرال «خليفة حفتر»، الذي شن حملة عسكرية عنيفة ضد الكتائب الإسلامية التي ساهمت في إسقاط «القذافي».

وهذا الدعم ينتهك الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على توريد السلاح إلى ليبيا منذ عام 2011.

كما يرى المسؤولون الامريكيون أن «حفتر» يشكل عقبة أمام التوصل إلى حل سياسي في ليبيا.

وعن ذلك، قال السفير الإماراتي في الولايات المتحدة، «يوسف العتيبة»، في تصريحات مؤخرا: «ما نريده في ليبيا هو حكومة علمانية مستقرة، وهذا هو الشيء نفسه الذي نريده في سوريا واليمن».

وفي غضون أيام من زيارته إلى منطقة الشرق الأوسط في مايو/أيار 2015، كان «كيري» قادرا على تأمين وقف القتال في اليمن.

لكن وقف إطلاق النار لم يصمد سوى بضعة أيام.

وبعد أكثر من عامين، قُتل آلاف من المدنيين في اليمن جراء الغارات الجوية لقوات التحالف العربي، والقصف المدفعي، وإطلاق النار.

كما أن الملايين من اليمنيين باتوا مهددين بالجوع والمرض، بما في ذلك وباء الكوليرا.