علاقات » خليجي

مبادرات تفكيك الأزمة الخليجية.. هل تعزز فرص حلها؟

في 2017/08/12

وكالات-

بعد مرور أكثر من شهرين على بدء الأزمة الخليجية، بدأ يتواتر للمرة الأولى بشكل علني، حديث عن مبادرات لها محاور واضحة وملامح محددة، كمشاريع مقترحة للحل.

ويعد أهم ما يميز تلك المبادرات، أنها بدأت تتعامل مع الأزمة عبر محاولة تفكيكها مثل الحديث عن ملفات محددة مثل ملف الإخوان، والمطالب الـ13، والحملات الإعلامية، وذلك بعد استيعاب الوساطة لأبعاد الأزمة والبحث عن علاج لجذورها، وتجنب ما بات يطلق عليه خليجيا وساطة "حب الخشوم" أو تقبيل الأنوف.

ورغم أنه لا يتوقع أن يكون هناك نتائج سريعة مباشرة على المدى القريب لهذه المبادارات ، إلا أن المؤشرات تنبئ أن تلك المبادرات بدأت – على الأقل- تعيد توجيه قطار الأزمة نحو مسار الحل ، ولا سيما مع وجود حديث عن ضمانات كويتية أمريكية أوروبية بالتزام أطراف الأزمة بما يتم الاتفاق عليه، وهذه الضمانات تعالج أمرين هامين أزمة عدم الثقة التي تشكو منها الدول المقاطعة لقطر تجاهها من جانب، ومن جانب آخر تعالج إشكالية الإملاءات التي ترفضها الدوحة وتعتبرها انتهاكاً لسيادتها.

محاور المبادرات 

وأرسل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح خلال الفترة من 7 إلى 9 أغسطس/ آب الجاري ، مبعوثين برسائل خطية لقادة السعودية ومصر وسلطنة عمان والإمارات والبحرين وقطر، تباعا، رجح مراقبون أنها تتضمن مبادرة جديدة لحل الأزمة الخليجية.

وبالتزامن مع رسائل أمير الكويت يقوم وفد أمريكي يتكون من، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، تيم لندركنغ، والجنرال المتقاعد، أنطوني زيني، بجولة تشمل مصر ودول الخليج لدعم الوساطة الكويتية.

وبتحليل مبسط للمبادرات المقترحة- التي بدأ الحديث يتزايد عنها في الصحف الكويتية التي تقود بلادها جهود الوساطة- دون أن يكون هناك تأكيد أو نفي رسمي لصحتها- فإن جوهر المبادرات المقترحة، يستند على تخفيض أطراف الأزمة لسقف مطالبها، والتوافق على مبادئ يتم الالتزام بها، الأمر الذي يقود إلى عقد حوار مباشر بين أطراف الأزمة، يسبقه تهدئة إعلامية ، مع توفير ضمانات كويتية وأمريكية لتنفيذ ما يتفق عليه الأطراف، مع الأخذ في الاعتبار “شواغل” الدول المقاطعة لقطر منها.

وبشكل أكثر تحديداً، فإن أبرز محاور المبادرات المقترحة للحل، الجاري إقناع أطراف الأزمة بها هي، قيام قطر “بمعالجة ملف الإخوان” وإخراج بعضهم، ووقف الدوحة حملاتها الإعلامية ضد الدول المقاطعة لها، وتخلي الدول المقاطعة لقطر عن قائمة المطالب الـ13، بالإضافة الى وتسوية الأزمة وفق المبادئ الستة التي أعلنتها الدول المقاطعة لقطر في اجتماع القاهرة 5 يوليو/ تموز الماضي.

والمبادئ الستة التي أعلنتها الدول المقاطعة لقطر هي، الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة، وإيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، والالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية لعام 2014 في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربي، بالإضافة الى الالتزام بكافة مخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض في مايو 2017، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم الكيانات الخارجة عن القانون. 

والتأكيد على مسؤولية كافة دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، ويضاف إليها تقديم ضمانات كويتية وأمريكية لأطراف الأزمة على التزام قطر بما يتم الاتفاق عليه، وهذه الضمانات تعالج أمرين هامين: أزمة عدم الثقة التي تشكو منها الدول المقاطعة لقطر تجاهها، أيضاً فهي تعالج إشكالية الإملاءات التي ترفضها الدوحة وتعتبرها انتهاكاً لسيادتها، كما ويسمح كل ما سبق بإطلاق حوار مباشر بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة ثانية.

 تفكيك الأزمة

وبتحليل أكثر عمقاً ، يعد أهم ما يميز تلك المبادرات، أنها بدأت تتعامل مع الأزمة عبر محاولة تفكيكها مثل الحديث عن ملفات محددة مثل ملف الإخوان، والمطالب الـ13، والحملات الإعلامية، وبدء تفتيت كتلتها الحرجة ( بتجميد اللاءات المعلنة من أطراف الأزمة من قبيل إعلان الدول المقاطعة للدوحة لا حوار معها قبل تنفيذ المطالب كاملة، وإعلان الدوحة أنه لا حوار قبل رفع الحصار )، وبدء تليين بعض المواقف المتشددة تجاه بعض المطالب، وخفض جميع الأطراف لسقف مطالبها.

كما يلاحظ أن من محاور المبادرات المقترحة للحل، هو استيعاب دول الوساطة لأبعاد الأزمة وعمقها بعد مرور أكثر من شهرين على بدئها، الأمر الذي ساعدها في بدء تفكيكها، والبحث عن علاج لجذورها، وتجنب ما بات يطلق عليه خليجيا وساطة “حب الخشوم”، ( أي المصالحة بالتراضي عبر حب الخشوم استناداً لمبادئ الإخوة والنسب والقرابة بين دول الخليج).

فرص النجاح

مع الاعتراف بتعقيد الأزمة، إلا أن هناك آمال كبيرة ومؤشرات على إمكانية نجاح الحراك الكويتي الأمريكي الجديدة في حلحلة الأزمة، حيث ان  أبرز المؤشرات أن تلك الرسائل تحمل ملامح مبادرة جديدة، وأن هذه هي المرة الأولى منذ بدء الأزمة التي يتم فيها توجيه رسائل لجميع أطراف الأزمة، إلى جانب سلطنة عمان، الدولة الخليجية المتبقية المساندة لوساطة الكويت .

كما أنها المرة الأولى التي يوفد فيها أمير الكويت ، وزير خارجيته الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح الكويت ووزيرالدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي ووزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح ، معاً، في الجولة كاملة، حيث جرت العادة في المرات السابقة أن يرسل أحدهما، الأمر الذي يعكس أهمية تلك الرسائل.

وبالنسية لتوقيت تلك الرسائل، فهي تأتي بعد نحو 3 أسابيع من إرسال آخر مبعوث كويتي لأحد أطراف الأزمة، كما أنها تأتي في وقت يقوم فيها مبعوثي وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الجنرال المتقاعد أنطوني زيني، ونائب الوزير (الخارجية) تيموثي ليندركينغ بجولة في منطقة الخليج للتشاور مع الأطراف (في الأزمة الخليجية) ودعم وساطة دولة الكويت.، كما تأتي الرسائل ، قبيل زيارة مرتقبة لأمير الكويت إلى الولايات المتحدة، في 6 أيلول/ سبتمبر المقبل، الأمر الذي يثبت وجود تنسيق كويتي أمريكي مشترك ومتزامن.

وعلى الرغم من أنه لم تظهر حتى اليوم نتائج على أرض الواقع، تنبئ أن تلك المبادرات بدأت تؤتي ثمارها، إلا أن الجانب الإيجابي أن تلك المبادرات نجحت في إعادة إحياء فرص الحل بعد نحو 3 أسابيع من توقف حراك الوساطات في ظل تصلب مواقف أطراف الأزمة، الأمر الذي أدخلها في نفق مظلم.

ولا يتوقع أن يكون هناك نتائج سريعة مباشرة على المدى القريب لهذا الحراك، ما لم تكن هناك مبادرة من أحد أطراف الأزمة بإيقاف حملاتها الإعلامية ضد الطرف الآخر، كبادرة حسن نية، تعين الوساطة الكويتية والجهود الأمريكية الداعمة لها في تسويق مبادرتهم للحل.

لذلك فإن الرهان على الحراك الكويتي الأمريكي الجديد في أن يسهم أولاً في التوصل إلى تهدئة ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة، التي ينذر تواصلها باستمرار تأجيج الأزمة، ومن ثم البدء في حوار ومفاوضات مباشرة، بناء على مبادئ محددة .

أبرز محطات الأزمة

وقطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ 5 يونيو/ حزيران الماضي علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها “إجراءات عقابية”، بدعوى “دعمها للإرهاب”، وهو ما نفته الدوحة، وقالت إنها تواجه حملة “افتراءات وأكاذيب”.

ويوم 22 من الشهر نفسه، قدمت الدول الأربع، عبر الكويت، قائمة تضم 13 مطلباً لإعادة العلاقات مع قطر، بينها إغلاق قناة “الجزيرة”، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي بين قطر وإيران، وتسليم المصنفين بـ “إرهابيين” ممن يتواجدون على الأراضي القطرية، وهي مطالب اعتبرتها الدوحة أنها “ليست واقعية ولا متوازنة وغير منطقية وغير قابلة للتنفيذ”.

وفي 5 يوليو/تموز الماضي، عقدت الدول المقاطعة اجتماعاً في القاهرة، وأعربت عن أسفها لما قالت إنه رد قطري سلبي على المطالب الـ13، وأعلنت عن ستة مباديء لمعالجة الأزمة.

وعقدت الدول المقاطعة لقط اجتماع آخر في المنامة 30 يوليو/ تموز الماضي أعلنت فيها استعدادها للحوار مع الدوحة شريطة التنفيذ “الكامل” للمطالب الـ13 التي قدموها للدوحة بلا تفاوض حولها.

وأعلنت الدوحة مراراً استعداها لحوار مع دول “الحصار” لحل الخلاف معها قائم على مبدأين، الأول ألا يكون قائماً على إملاءات، وثانيها أن يكون في إطار احترام سيادة كل دولة وإرادتها.