علاقات » خليجي

لماذا تغير قطر قوانين الإقامة الآن؟

في 2017/08/15

واشنطن بوست- ترجمة شادي خليفة - الخليج الجديد

تتعرض قطر منذ أكثر من شهرين لحصار سياسي واقتصادي تقوده السعودية، وفي الأسبوع الماضي فقط، وافقت قطر على مشروع قانون يمنح الإقامة الدائمة لبعض المقيمين غير المواطنين، بمن فيهم أبناء المرأة القطرية المتزوجة من رجل غير قطري.

مع كل ما تقوم به الدولة المحاصرة، من تغيير طرق الشحن، وإيجاد مستوردين جدد للمنتجات الغذائية الأساسية، وتثبيت دفاعاتها، لماذا تقوم قطر في هذا الوقت بتغيير قوانين الإقامة الخاصة بها؟

من خلال دفع أهداف السياسة المحلية التي ليس فقط من شأنها إعادة تشكيل البلاد بل مجلس التعاون الخليجي ككل، فإن هذا التحرك يدل على أن القيادة القطرية تستخدم هذه الأزمة لصالحها.

كما أنها أوضح علامة على أن تأثير السعودية على دول مجلس التعاون الخليجي الست يتراجع، وكان الحصار الذي تقوده السعودية محاولة لإجبار قطر على الانسجام مع أعضاء مجلس التعاون الخليجي الأكثر تحفظا، لكن تحرك دولة قطر بشأن قوانين الإقامة يدل على أن الحصار له على تأثير معاكس.

قوانين المواطنة في دول الخليج

شكلت الممالك الست في شبه الجزيرة العربية مجلس التعاون الخليجي في عام 1981 كجبهة موحدة للحماية من التعديات العراقية والإيرانية، وقد أظهر غزو العراق للكويت الغنية بالنفط في عام 1990 ضعف حماية دول مجلس التعاون الخليجي من التهديدات الخارجية، ولكن مجلس التعاون الخليجي كان جيدا جدا في حماية حكامه الاستبداديين ضد التهديدات الداخلية، وفي ظل نفوذ السعودية، اتبع مجلس التعاون الخليجي طريقا متحفظا، ككتلة موحدة بشأن القضايا المحلية الحساسة، وأعطى كل بلد قدرا من الغطاء السياسي أمام المواطنين المعارضين.

وتماشيا مع دول مجلس التعاون الخليجي، طبقت قطر قوانين المواطنة التي تنتقل فقط من الأب إلى الابن، ولا يحق لمن يولد في قطر أي مطالبة بالجنسية، حتى أطفال النساء القطريات المتزوجات من غير القطريين لا يحصلون على الجنسية عند الولادة.

إن القانون الجديد في قطر هو الأول في الاتحاد الذي يمنح الجنسية لغير المواطنين مع فوائد اقتصادية مماثلة للمواطنة الكاملة، بما في ذلك التعليم المجاني والرعاية الصحية المجانية والأولوية في التوظيف، فضلا عن استقرار الإقامة الدائمة، بدلا من التأشيرات المؤقتة التي يجب تجديدها سنويا.

الدعم العام للتغييرات القانونية

خلال 10 سنوات من عيشي وعملي في قطر، حققت في طلب القطريين للتغييرات، وفي عامي 2013 و 2014، أجريت مسحا لمواقف المواطنين القطريين بشأن أدوار الجنسين، والرضا الاقتصادي، والفعالية السياسية، وأفضليات السياسات، وفي كلتا الحالتين، أيد 9 من كل 10 قطريين - رجالا ونساء - تغيير القوانين للسماح للنساء القطريات بنقل جنسيتهن إلى أطفالهن.

وكثيرا ما تبث وسائل الإعلام المحلية شكاوى من المستبعدين من المواطنة وما يقابلها من فوائد موزعة من الدولة، بما في ذلك الزيادات في مرتبات القطاع العام، وملكية الأراضي، ومنح التعليم، والعمل، وفي حين اعترفت الحكومة القطرية بهذه المخاوف وتعهدت باستعراض القوانين في استراتيجيتها الإنمائية الوطنية، لم تكن هناك أي حركة.

لماذا تغير القانون الآن؟

في حين أن قطر كثيرا ما رسمت صورة مستقلة في الشؤون الخارجية، فإن الضغط السعودي وأصوات المحافظين من الأسر القوية داخل البلاد أبقت قطر بطيئة في تجربة التغيير الداخلي، ويبدو أن الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحصار أعطت النظام القطري الغطاء السياسي المحلي للعمل، حيث يتزوج آلاف المواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي من بعضهم البعض، ولكن مع صعوبة نقل المواطنة الزوجية في أحسن الأحوال، فإن معظمهم يحتفظون بمواطنة بلدهم حتى عندما يتزوجون ويعيشون ويعملون في دولة أخرى من دول مجلس التعاون الخليجي.

عندما بدأت الأزمة، استدعت بلدان الحظر مواطنيها من قطر وأجبرت المواطنين القطريين على المغادرة، وتم تفريق الأسر عبر المنطقة خلال شهر رمضان المبارك، إن منح دولة قطر الإقامة الدائمة لأعضاء المجتمع المستبعدين سابقا هو تحرك سياسي دؤوب لاستخدام الأزمة الإنسانية الفورية للحصار من أجل حل مشكلة محلية أطول أجلا، وقد كانت الموافقة العامة فورية، فعلى موقع تويتر، أعرب المواطنون القطريون والسكان المقيمون بشكل كبير عن دعمهم للخطوة، مع التشجيع على التوسع في قوانين الإقامة والمواطنة.

مجرد بداية

قد يبرر قانون الإقامة الدائمة المزيد من التغيير، ومن المقرر أن يتم فرض ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2018 لمساعدة هذه الدول التي تعاني من عجز في الميزانية ومن دعم غير مستدام للطاقة، لكن انشقاق وحدة دول مجلس التعاون الخليجي يلقي بظلال من الشك على هذه المبادرة.

وقد تم بالفعل تعليق خطط قطر لزيادة الضرائب داخليا، ما يشير إلى أن قطر أقل اهتماما بكسب المال من الحفاظ على مجتمعها المغترب، بما في ذلك المصالح التجارية الهامة، ومن المنتظر أيضا أن تغير قطر قواعد الاستثمار الأجنبي والملكية لجذب المزيد من الأعمال التجارية بعيدا عن جيرانها المحاصرين.

وعلى غرار الاستراتيجية التي اتبعتها الكويت في الستينات والتسعينات من القرن الماضي للحصول على شرعية سياسية في مواجهة التهديدات الإقليمية العراقية، قد نشهد تغيرات سياسية متزايدة في قطر بما في ذلك الانتخابات البرلمانية التي طال انتظارها.

وقد يتوقع المواطنون القطريون أنفسهم هذه الخطوة، فقد أظهر استطلاع عام 2013 أن أغلبية ساحقة من رأوا أن انتخاب الهيئة التشريعية الوطنية، كما وعد بذلك دستور عام 2004، سيكون أمرا جيدا.

ومع أن الحصار قد يستمر لفترة طويلة، فإن تحرك قطر لتوسيع قوانين الإقامة فيها قد يكون أول محاولات عديدة لإحراز تقدم في القضايا الاجتماعية التي كانت تحتاج لفترة أطول بكثير بدون الحصار نفسه، وستواصل التحركات القطرية المقبلة إلقاء الضوء على العواقب غير المقصودة للحصار.