علاقات » خليجي

الإمارات وإيران.. علاقات سرية مشبوهة

في 2017/08/15

الشرق القطرية-

في الوقت الذي تتقدم فيه الإمارات صفوف دول الحصار التي تطالب قطر بقطع العلاقات مع إيران، نجدها أول الدول التي تحتفظ بعلاقات قوية مع طهران، في علاقات أشبه بالعشق الممنوع، حيث لم يقتصر التعاون بين البلدين على العلاقات الاقتصادية الواسعة، بل امتد ليشمل العلاقات السياسية والإستراتيجية والعسكرية.

ولم تكن زيارة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأحد الماضي، إلى الإمارات، أول فصول العلاقات الإستراتيجية مع إيران وحلفائها في المنطقة. وهذه العلاقات لخصها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد في أبريل عام 2014، حين قال إن إيران شريك إستراتيجي لدولة الإمارات، لا يقتصر الأمر معها على التجارة والعلاقات الاقتصادية فحسب، رغم أهميتها، بل يعود إلى روابط ثقافية وحضارية مشتركة.

وظلت تلك العلاقات على حالها من القوة والتناغم خلال السنوات الماضية، رغم محاولة مسؤولي الإمارات التصريح بعكس ذلك، فإيران بالفعل شريك إستراتيجي للإمارات، سياسيا واقتصاديا، رغم الخلاف مع معظم دول الخليج، ورغم احتلال إيران 3 جزر إماراتية منذ عقود.

ويرى مراقبون أن العلاقات الإماراتية الإيرانية تعبر عن حالة انفصام، فرغم التنافر الظاهري بين البلدين، نجد تقاربا سياسيا قويا وتعاونا اقتصاديا لا مثيل له في الخليج. ولا يكاد يمر اجتماع سياسي خليجي أو دولي تشارك فيه الإمارات إلا وتطالب الأخيرة بتحرير جزرها الثلاث التي تحتلها إيران، لكن في الوقت ذاته تكاد لا تمر مناسبة يلتقي فيها مسؤولون من البلدين إلا ويؤكد كلا الطرفين رغبتهما في تطوير العلاقات وتنميتها.

الإمارات ابتعدت تماما منذ العام 1971 عن التصعيد مع إيران، بل احتفظت بعلاقات قوية معها، رغم الأهمية الإستراتيجية للجزر الواقعة في مضيق هرمز، عند مدخل الخليج وما تمنحه من مميزات لمن يسيطر عليها بالتحكم في الخليج كممر مائي وملاحي مهم، وكما أن في هذه الجزر ثروات نفطية ومعدنية يمكن أن تضيف ميزة تنافسية اقتصادية للإمارات.

التغريد خارج السرب

وفي مطلع 2015، ورغم الخلاف السعودي الإيراني في أزمة النفط، كانت الإمارات تغرد خارج سرب الخليج؛ حيث وقعت أبوظبي وطهران مذكرة تفاهم مشتركة، تتضمن 17 بندا حول تسهيل تأشيرات الدخول والإقامة بين البلدين؛ بالإضافة إلى مواصلة التعاون القضائي في مجال مكافحة المخدرات.

وعلى عكس معظم دول الخليج، رحبت الإمارات باتفاق جنيف الذي توصلت إليه إيران، مع الدول الكبرى في يوليو 2015، والذي بموجبه رفعت فيه العقوبات عن طهران. وحينها قال وزير الخارجية الإماراتي: أملنا أن يفتح ذلك الباب أمام انطلاق طاقات أكبر للتعاون بين إيران ودول العالم وفي مقدمتها دول الجوار.

وعلى خلفية اقتحام السفارة السعودية بطهران عام 2016، وقرار المملكة ودول خليجية وعربية وإسلامية سحب سفرائها من طهران، أو قطع علاقتها بها، اكتفت أبوظبي فقط بتخفيض تمثيلها إلى مستوى القائم بالأعمال، وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في الإمارات.

خدمة إيران

تلعب الإمارات دورا مشبوها في سوريا، حيث إن كل تحركاتها تصب بشكل كبير في صالح إيران، فأبوظبي فضلت حماية العلاقات الاقتصادية الإماراتية مع نظام بشار الأسد، حليف إيران، والتي تصل إلى 10 مليارات دولار، على وقف نزيف الدم السوري، ودفعت الإمارات إلى تقديم دعم لوجستي وعسكري، وتسجيلات لرموز المعارضة السورية، إلى الأسد من أجل الحفاظ عليه، وهو أمر صب في صالح حليفته طهران.

وفي اليمن لا يختلف الحال كثيرا، خاصة أن هناك توافقا في الإرادة السياسية بين البلدين في حرب اليمن، وهو تقسيمها إلى شمال وجنوب، رغم أن الظاهر هو دخولهما متضادين في حرب واحدة. ورغم مشاركة الإمارات في التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية وتمكين الرئيس عبد ربه منصور هادي من استعادة سيطرته على البلاد، بعد الانقلاب الذي قاده الحوثيون المدعومون من إيران، إلا أن دلائل عدة تثبت دورا نشطًا لعبته أبوظبي على الأرض لتقسيم اليمن صب في مصلحة الانقلاب هناك.

وتدعم الإمارات انفصال الجنوب عن الشمال، وتعمل جاهدة للسيطرة على عدن، حتى تتمكن من السيطرة على خليج عدن، رغبة في تعزيز مصالحها الاقتصادية، حسب مراقبين. كما تدعم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ونجله، وتواجه هادي، وهو ما ظهر جليًا في استضافتها للعدد من رموز نظام صالح.

كما أنه فيما يبدو، فإن المشاركة الإماراتية في اليمن لا تلقي بظلال كثيفة على علاقات إيران مع الإمارات، ربما لأن إيران تلمس بشكل واضح الخلاف السعودي الإماراتي داخل اليمن، ولأنها ربما لا تملك مصالح جوهرية داخل اليمن، قد تكون مهددة من قبل التحالف السعودي الإماراتي.

علاقات اقتصادية ضخمة

وفيما يخص العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تحرص الإمارات على الاستفادة من علاقتها الاقتصادية مع إيران، وتوظيفها للتبادل التجاري بين البلدين في تحقيق ازدهار اقتصادي، حتى باتت الإمارات أبرز الشركاء التجاريين لإيران ومن أهم وجهات الصادرات والواردات الإيرانية. وتستحوذ الإمارات على 80% من التبادلات التجارية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، فيما تعد طهران رابع شريك تجاري للإمارات، وفق أرقام رسمية.

وحسب تصريحات إماراتية رسمية، فإن التجارة بين البلدين وصلت إلى أكثر من 23 مليار دولار العام الفائت. وبفضل الإمارات، ظلت مبيعات إيران من المكثفات خلال سنوات العقوبات تحقق لها أكبر دخل بعد النفط الخام والمنتجات المكررة؛ حيث كانت دبي هي أكبر مشترٍ يليها مشترون من آسيا منهم الصين الحليف السياسي المهم لإيران. كما تُبدي الإمارات رغبة في رفع مستوى التعاون مع إيران في مجال الطيران المدني؛ حيث توجد 200 رحلة طيران أسبوعيًا بين البلدين، تلعب دورًا في تعزيز التبادل التجاري والتعاون بين مجتمع الأعمال، إضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به في المجال السياحي.

طوق نجاة

العلاقة بين البلدين لم تقف عن حدود تبادل تجاري فحسب، بل تعداه حتى أصبحت الإمارات أحد منافذ إيران على العالم الخارجي، عندما أحكم الطوق الاقتصادي العالمي عليها. فوجدت الإمارات في العقوبات المفروضة على إيران فرصة ثمينة استطاعت خلالها جذب رؤوس الأموال الإيرانية. وأثناء العقوبات الدولية على طهران كانت دبي منفذا رئيسيا لطهران لوراداتها وصادراتها من وإلى العالم.