علاقات » خليجي

الخليج والإرهاب وفق المنطق الأمريكي

في 2017/08/15

ياسر الزعاترة - العرب القطرية-

قبل أيام؛ قدم جوناثان شانزر، نائب رئيس مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، وهو مركز أبحاث أميركي، شهادة أمام اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط في مجلس النواب الأميركي عن العلاقة مع قطر.

وبعد أن اتهم قطر بدعم الإرهاب من خلال دعم حماس والإخوان وطالبان والنصرة (اعتبرها القاعدة)؛ قال إن « جيران قطر في الخليج بالتأكيد ليسوا أبرياء من الذنب».

وخفف اللهجة بالقول إنها «اتخذت خطوات وتشريعات مرتبطة بمكافحة الإرهاب وتمويله تستحق الإشادة». وفي النهاية؛ طالب شانزر الكونجرس أيضاً بمراقبة جيران قطر في الخليج.

قد يبدو هذا الكلام تعبيراً عن وجهة نظر باحث، وبلا أهمية من الناحية العملية، لكن التأمل في السياسة الأميركية حيال الأزمة الخليجية، وقبلها وبعدها، ما زال يشير إلى أن جميع دول الخليج تقريباً ـ حسب رأيهم ـ تبدو متهمة، بهذا القدر أو ذاك بدعم ما يسمى الإرهاب، أو التسامح معه في أقل تقدير، مع توسيع لدائرة المصطلح لتشمل قوى لا تحمل السلاح، وحركات مقاومة ضد احتلال واضح، كما حماس وطالبان.

والحال أنه من العبث القول إن أيا من الدول الخليجية تدعم الإرهاب بمعناه الحقيقي الذي يفهمه العالم، أو حتى تتسامح معه. أما تُهم دعم الإرهاب التي وُجهت لقطر في الأزمة الأخيرة، فلا تعدو أن تكون شماعة لإدخالها بيت الطاعة بسبب موقفها من الربيع العربي، وعموم القوى الإسلامية التي تُتهم زورا بالإرهاب، أو يتهمها الغرب أو الصهاينة به.

وإلا فلماذا لم يتذكر الأمريكان هذه التهمة بعد الأزمة الخليجية، ولماذا تمت تبرئتها من قبل البنتاغون والخارجية أكثر من مرة، قبل أن يعود الكلام الموارب من جديد؟!

وقانون «جاستا» الذي لا يزال يتململ تحت الطاولة، ويطل برأسه بين حين وآخر، ليس سوى جزء من لعبة الابتزاز المذكورة، والتي تسفر على الأرجح ضغوطاً وصفقات لا تنتهي، من دون أن يتوقف الابتزاز.

ولا ننسى أن تطبيق «جاستا» سيعني كوارث كبرى، لأن الأرقام التي يجري الحديث عنها كتعويضات لضحايا هجمات سبتمبر قد تصل وفق بعض التقديرات إلى 3 تريليونات دولار، وهذا ضرب من الجنون بكل تأكيد.

لذلك كله، سبق أن حذّرنا من هذه الاتهامات بدعم الإرهاب، ونشر تفاصيل من هنا وهناك، وتبني روايات أميركية كثيرة على هذا الصعيد، وكشف معلومات ربما لا يكون الأميركيون أنفسهم قد تنبهوا لها.

إنها واحدة من تجليات الأزمة الخليجية، بل ربما كانت من أهمها، ذلك أن عودة التفاهم بين الخليجيين، وتحدثهم بلسان واحد مع الأميركيين في رفض الابتزاز، والتعاون مع دول أخرى متضررة من النهج ذاته.. كل ذلك هو الرد العملي على السلوك الأميركي الرخيص.

أما وضع حركات مثل حماس والإخوان وطالبان على قوائم الإرهاب، فتلك مصيبة أخرى، لأن الأمر سيتوسع بمرور الوقت، وسيصل الأمر حد التدخل في المنظومة الدينية في الدول المعنية، بل في سائر الدول العربية (ضغوط الدمقرطة خرجت من التداول الأميركي، وقد تعود لاحقاً)، والحديث المتكرر عن تغيير المناهج في السعودية وسواها دليل على ذلك، ومعها حكاية الوهابية «كمنبع للإرهاب» التي تتردد بشكل دائم في الإعلام.

لهذا السبب، وأسباب أخرى، نعيد القول إن هذه الأزمة الخليجية لن تأتي بأي خير، ويجب العمل على إنهائها، وهي لن تنتهي إلا بتجاوز اللغة الحدية، ومنطق الإملاءات.