علاقات » خليجي

المن وعقلاء الخليج

في 2017/08/18

د. خالد أحمد الصالح- الراي الكويتية-

أين اختفى العقلاء في خليجنا؟ هذا السؤال خطر ببالي وأنا أقرأ مقال الصحافي عبدالرحمن الراشد، والذي سيبقى طويلاً كعلامة سلبية في تاريخه... المقال يحمل عنوان «الكويت والسعودية بين أزمتين»، ونشر في صحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ 6 أغسطس عام 2017. قرأت المقال ورددت عليه بالنصيحة في موقع المقال، ولكن الموقع حجَب ردي وسمحَ للردود المؤيدة لما في المقال، بالظهور في الموقع كدليل على حرية الصحافة لدينا.

المقال فيه مخالفات لقيم المروءة والشهامة العربية، وسواء كان ما طرح في المقال من رأس الكاتب أم لا، فإن مثل هذا المقال يحتاج إلى رد من أجل الدفاع عن قيم المروءة والشهامة والتي كان الملك فهد - رحمه الله - يمثلها أثناء غزو الكويت. وأيضا نحتاج إلى الرد من أجل إبقاء خلافاتنا بعيداً عن الطرح الانفعالي الذي يجعل الآخرين، إما معي أو ضدي.

إننا نحتاج فعلاً إلى الدفاع عن تلك القيم من محاولات تشويهها عن طريق مثل هؤلاء الكُتّاب الذين أباحوا لأنفسهم خلط الأوراق من أجل الانتصار لما يعتقدونه مقابل إشاعة الكراهية بين شعوب الخليج والتقليل من قيمة النبل والمروءة التي قدمها قادة الخليج وعلى رأسهم الملك فهد، رحمه الله، في تلك الأزمة.

يقول الصحافي الراشد في مقاله مذكراً الكويتيين بما قدمته لهم المملكة العربية السعودية أثناء الغزو العراقي: «ومن دون رغبة السعودية وموافقتها لم يكن ممكناً مواجهة الاحتلال، ومنها استضافة نصف مليون عسكري، بينهم مائتا ألف أميركي، ليتم تحرير الكويت برياً في أربعة أيام». ثم يكمل: «نسمع أصواتاً كويتية متحاملة من البعض تؤيد قطر، بدل أن تستنكر أفعالها التي تستهدف أمن ووجود الدول الأربع التي دعمت الكويت في أخطر أيامها، نستغرب كثيراً. نعم، هناك دَين أخلاقي كبير على الكويت ونتوقع أن تحفظ شيئاً منه». انتهى النقل من مقال الراشد.

إنه فعلا أمر غير متوقع أن يتجرأ الكاتب ليبيح لنفسه المتاجرة بمواقف السعودية وأن يستعرض مواقف الملك فهد، رحمه الله، في سياق المن وطلب رد المعروف.

أيها الكاتب الصحافي، لن أذكرك بآيات من كتاب ربي حول الأذى الذي يتبع أفعال الخير فأحسبك تعرفها. ولن أذكرك بقيم العروبة التي علّمتنا كيف نسدي المعروف وننساه، فأحسبك تعلمتها من كبارك... ولكنني أسألك الابتعاد في أي قضية تطرحها عن ما يعكر صفو العلاقة بين شعوب الخليج، فهي علاقة أكبر من تذكير بَعضنَا البعض بالجمائل وأكثر صفاء من مقايضة المواقف. كما أرجو وبإلحاح أن تبتعد عن ذكر من خلّدناهم في قلوبنا حين تنشر أفكارك، وإني أحسبهم لو كانوا معانا لما رضَوْا أن يُزجَ بأسمائهم في مقالات تترك أثراً سلبياً في قلوب الأشقاء.

إنها كبوة نتمنى أن ينساها الجميع وأن يرتقي الحوار في ما نختلف فيه بعيداً عن الأذى والمن والذي ينتهي بندوب تبقى مع الزمن.