علاقات » خليجي

أزمة تطول وخسائر تكبر!

في 2017/09/07

ياسر الزعاترة- الدستور الأردنية-

دخلت الأزمة الخليجية شهرها الرابع دون مؤشرات على حل قريب. وفيما أخذت قطر تهيئ نفسها لأزمة طويلة؛ إن كان على الصعيد الاقتصادي، أم السياسي، يدخل الطرف الآخر في حالة من المراوحة، مع استمرار الحرب الإعلامية الشرسة بين الطرفين.

وفيما كانت المواجهة مع إيران هي أحد عناوين الأزمة الخليجية، يبدو واضحا أن الأخيرة هي الأكثر جنيا للأرباح من الأزمة، إن كان بالعلاقات المتنامية الجديدة، أم (وهو الأهم) بانشغال الجميع بالأزمة، وترك الساحة السورية والعراقية (واليمنية أيضا) نهبا لعبثها، مع العلم أن سوريا على وجه التحديد هي ركن التمدد الإيراني.

صحيح أن سوريا لن تعود ولاية إيرانية كما كانت عليه قبل الثورة، كما أن العراق لن يستقر تحت ولاية مليشيات سليماني، وسيدخل معركة تالية مع الأكراد، مع بقاء الخطر من تنظيم داعش قائما؛ وإن من دون أرض يسيطر عليها، إلا أن الراهن في المشهد يقول إن إيران قد كسبت كثيرا من الأزمة، لا سيما أن قطر كانت الأكثر تكاتفا مع السعودية في مواجهة مشروع تمددها، وركنه الأهم في سوريا.

اليمن بدوره يدخل حالة من المراوحة، بعد أن ثبت ما كان ثابتا أصلا، ممثلا في أن بوسع الحوثيين الصمود لزمن طويل، لا سيما أن الشكوك حيال تجمع الإصلاح بسبب انتمائه لتيار ما يسمى الإسلام السياسي، لا زالت تحول دون تعاون التحالف معه في سياق المواجهة، في حين يبدو من الصعب إعادة تأهيل المخلوع لكي يدخل في مواجهة مع الحوثيين، تبعا لسيرته التقليدية، مع أن قدرته على ذلك ليست مؤكدة أيضا.

أما قصة الإرهاب، فهي ليست سوى عنوان جانبي للأزمة، فقطر لا تدعم الإرهاب بمفهومه التقليدي، والثورات لم تعد موجودة أصلا حتى تُعاقب على دعمها، وسوريا أصبحت مواجهة إقليمية، ولم تعد تنتمي إلى الربيع العربي بمفهومه المعروف.

هناك بالتأكيد حساسيات لا يجري الإفصاح عنها، وقفت خلف الأزمة، وهذه من السهل تجاوزها، ولعل الدليل الأكبر على تهاوي قصة إيران في الأزمة، هو وجود طرف عربي يدعم نظام بشار بين صفوف التحالف المناهض لقطر؛ أعني مصر بطبيعة الحال، وهي بالتأكيد ليس طرفا هامشيا بحال، إذ يعلم الجميع أنها لو حسمت موقفها من المواجهة مع إيران، لتغير ميزان القوى بالكامل، ولأدركت إيران عبثية المواجهة، ومالت نحو التسوية والرشد.

نعود إلى القول إن أصل الأزمة هي حساسيات أكثرها غير معلن، وهذه ليس من الصعب تجاوزها، بعيدا عن الإملاءات التقليدية التي تضمنتها قائمة المطالب الثلاثة عشر.

وبوسع العاصمتين السعودية و القطرية أن تلتقيا على مواقف تخدمهما وتخدم الوضع العربي في مواجهته مع إيران، دون الحاجة إلى تقديم استحقاقات؛ لا للأمريكان ولا للصهاينة في سياق من دعم مفاوضات عبثية يعلم الجميع أن هدفها فتح باب للتطبيع المجاني، وليس تحقيق التسوية أو الحل، رغم تحفظنا على كل المفاوضات والمبادرة العربية التي تعتبر سقف الأحلام عربيا.