علاقات » خليجي

العلاقات الكويتية السعودية على صفيح ساخن.. ما سرّ تصعيد الرياض؟

في 2018/01/27

الخليج أونلاين-

دخلت العلاقات السعودية الكويتية منعطفاً جديداً خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما بدأت بعض الأصوات في الرياض استهداف الكويت على خلفية التقاء الأخيرة السفير السعودي بعد إساءة مواطنه المستشار في الديوان الملكي رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، تركي آل الشيخ، لوزير الشباب الكويتي.

ردة الفعل السعودية على الاستياء الكويتي من سلوك آل الشيخ عكست تحفّزاً يبدو أنه كان مطموراً تحت أرض التصريحات الدبلوماسية، بسبب الموقف الكويتي الرافض للحصار الذي تقوده الرياض ضد دولة قطر منذ يونيو 2017، حيث علا صوت السعوديين سريعاً بانتقادات وصلت حد سبّ الكويت وشعبها ولهجتها.

وكان آل الشيخ وصف وزير الشباب الكويتي، في تغريدة بحسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بـ"المرتزق"، في سابقة تخالف الأعراف الدبلوماسية كافة، وذلك بعد لقائه أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الأحد 21 يناير 2018.

وقدَّم الوفد الكويتي هدية لأمير قطر، تمثلت في قميص منتخب الكويت الذي تأهل به لكأس العالم 1982، وهو ما أثار غضب المستشار في الديوان الملكي السعودي، تركي آل الشيخ.

وذكرت صحيفة "كويت نيوز"، الأربعاء 23 ديسمبر 2018، أنه تم استدعاء السفير السعودي بناءً على "أوامر عليا"، لافتة إلى أن "نائب وزير الخارجية، خالد الجار الله، أبلغ السفير السعودي احتجاج الكويت على الإساءة، وأنها تُعتبر سابقة على مستوى العلاقات بين البلدين، ولا يمكن القبول بها".

- هجوم ودفاع

وسريعاً، تبنى سعوديون ينشطون على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" هجوماً مسيئاً، استهدفوا به الشعب الكويتي ولهجته المحكية.

وقال خبراء في "السوشيال ميديا" لـ"الخليج أونلاين"، بعد اطلاعهم على وسم "#يلا_نسوي_مسلسل_كويتي"، إن ما يدعى بـ"الجيوش الإلكترونية" يقفون وراء تصدر الوسم وانتشاره بشكل واسع، مشيرين إلى أن المغردين الذين نشطوا في نشر الوسم عبارة عن "حسابات وهمية" و"غير موثقة". وتساءل الخبراء عمّن يعمل على تجييش هذا الجيش الإلكتروني.

والجمعة 26 يناير 2018، قالت وزارة الخارجية السعودية إن رئيس الهيئة العامة للرياضة، تركي آل الشيخ، لا يحمل أي صفة سياسية، وذلك في أول تعليق رسمي من المملكة على الجدل الذي أعقب انتقادات حادّة وجّهها آل الشيخ لوزير كويتي.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والاقتصادية، عادل مرداد، التقى في مكتبه ثامر جابر الأحمد الصباح، سفير دولة الكويت لدى المملكة، حيث جرى خلال اللقاء تأكيد متانة العلاقات الثنائية والتعاون المستمرّ.

وأضافت الوكالة: "تناول اللقاء الأخبار المثارة التي تستهدف التشويه والإساءة إلى علاقة البلدين، ومن ذلك التأكيد أن الجدل الرياضي الأخير الذي دار بين تركي آل الشيخ، بصفته رئيس اللجنة الأولمبية السعودية، ووزير الدولة لشؤون الشباب في دولة الكويت، خالد الروضان، لا يتجاوز المألوف في المجال الرياضي وطبيعة هامش الجرأة فيه، بعيداً عن السياسة والبروتوكولات المتصلة بها".

وتابعت: "الدكتور مرداد أوضح أن رئيس اللجنة الأولمبية لا صفة سياسية له، وإنما يتم انتخابه من قبل أعضاء اللجنة الأولمبية".

- استهجان رسمي

لكن الوزارة السعودية شددت، بحسب الوكالة، على "رفض واستهجان سلوك الروضان في الدوحة؛ لأنه يخالف موقف الحكومة الكويتية المحايد من الأزمة (الخليجية)"، مضيفاً: "نثق أن الأشقّاء في الكويت لن يقلّوا عنّا حرصاً على علاقاتنا الأخويّة، والبعد عن كل ما من شأنه المساس بها والإساءة إليها"، وهو ما يعكس غضباً رسمياً غير معلن من الكويت.

وجاء التدخّل الرسمي السعودي بعد يوم واحد فقط من ردٍّ كويتي رسميّ على تصريحات آل الشيخ، على لسان نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله.

وقال الجار الله إنه عاتب خلال لقائه السفير السعودي لدى البلاد، عبد العزيز الفايز، على إساءة آل الشيخ، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار في الديوان الملكي، بحق وزير الشباب الكويتي.

وفيما بدا أنه توجيه غير مباشر، طالب وزير الإعلام السعودي، عواد العواد، الفنانين السعوديين بعدم الاعتذار عن أي دعوة تقدم لهم من الكويت. ونقلت صحف سعودية، الجمعة 26 يناير 2018، عن الوزير السعودي قوله لفناني بلاده: "الاعتذار غير مقبول إطلاقاً ما عدا لظروف قاهرة جداً، كما هو الحال بالمناسبات الوطنية السعودية تماماً".

وفي تهديد صريح للكويت، قال الداعية السعودي المحسوب على النظام، بدر العامر، إن موقف الكويت إذا استمر هكذا (في إشارة إلى دعم قطر) فإن "درع الجزيرة" (قوة خليجية) سيدخلها يوماً ما.

وكتب العامر، في أغسطس 2017، على "تويتر": "إذا تمادى إخونجية الكويت وعملاء إيران في التصعيد ومعاداة دول الخليج والوقوف مع قطر، أجزم أننا سنرى درع الجزيرة يدخلها في يوم ما".

- حملة ممنهجة

وتبدو الحملة الإعلامية المسعورة ضد الكويت منظمة وممنهجة، فمن جديد تقود "الجيوش الإلكترونية" وكتّاب سعوديون مقربون من الديوان الملكي حملة للتشكيك في موقف الكويت من الأزمة الخليجية، ويمنون عليها بتصوير بلادهم وكأنها هي من حررت الكويت من الغزو العراقي لها عام 1990.

وفي السياق، وجه رئيس تحرير صحيفة "عكاظ"، جميل الذيابي، انتقادات كبيرة للموقف الكويتي من الأزمة، فوصف، في مقال نشره الأحد 21 يناير 2018، أهل الكويت بـ"ضحالة الفكر".

وكتب الذيابي "بعض الإخوة في الكويت يبدو لي أن قراءاتهم السياسية، واستشرافهم لآفاق تطور الوضع الخليجي، في ظل استمرار الأزمة مع قطر، ليست بالكثافة التي تتيح لهم الرد المنطقي على من يخوض في هذا الشأن عن معرفة ومراقبة ومتابعة دقيقة للأحداث".

ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية، بدت الرياض غير راضية عن موقف الكويت الذي ترى أنه منحاز لدولة قطر، الرافض لمحاصرة شعبها، وهو ما تجلّى في عدم انصياع السلطات السعودية لوساطة أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، لحل الأزمة، رغم محاولاته التي لم تتوقف.

وتزامن التصعيد السعودي ضد الكويت مع تبادل مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى من الكويت وقطر زيارات، خلال الأيام الماضية، لرفع مستوى التعاون العسكري بين البلدين.

والخميس 25 يناير 2018، قالت صحيفة القبس الكويتية إن محكمة الجنايات أصدرت حكماً غيابياً جديداً بحبس المغرد الكويتي عبد الله الصالح لمدة 10 سنوات، في قضية الإساءة لدول خليجية (السعودية والبحرين والإمارات) لتصل مدة سجنه إلى 26 عاماً.

وكانت السلطات الكويتية قد عاقبت الصالح لتطاوله على العربية السعودية. وحكمت محكمة الجنايات عليه في وقت سابق بالسجن 5 سنوات مع التنفيذ لإساءته للمملكة.

ويشتهر عبد الله الصالح بانتقاداته الشديدة للسلطات في الرياض وأبوظبي، وبالدفاع عن الدوحة في أزمة الحصار المستمر منذ 6 أشهر.