علاقات » خليجي

البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية (10)

في 2018/02/13

من كتاب البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية-

في الحلقة العاشرة يستمر سرد سطور من برقيات وزارة الخارجية السعودية عن (جارتها الصغيرة) قطر، التي يرمز لها بالحرف (ر) في لغة الخطاب السعودي وكأنهم يعبرون عن انزعاجهم من هذه الراء (ر) التي ترمز لهلال الحرية في شبه الجزيرة العربية التي لم تعرف الرأي والرأي الاخر الا بقدوم قناة الجزيرة التي سببت صداعا في رأس الخارجية السعودية من كثرة ملاحقتها ولهثها وراء كل نشاط يصدر عن القناة.

وقد تضاعفت الهيستريا بسبب اختيار قطر الاصطفاف الى جانب خيارات الشعوب العربية في ثوراتها بينما فضلت السعودية اعادة الانظمة القديمة وتشجيع الثورات المضادة خاصة في مصر واليمن وليبيا ورحبت بإقامة زين العابدين بن علي اول رئيس عربي مخلوع.

ويقول مؤلف الكتاب ان قطر كانت على الدوام تحت المجهر السعودي ومتابعة لكل شاردة وواردة وان هذا لم يكن غائبا عن السلطات القطرية واستوعبت ذلك وتغاضت عنها بل وتجاوبت مع طلباتهم رغبة في تحسين العلاقات وطمأنتهم ورغبة في الابتعاد عن المناكفات.

في البرقيات والتقارير السعودية المسربة عن قطر والتي بلغت اكثر من 120 برقية نرصد الكثير من التقارير التي تتحدث عن قناة الجزيرة وعن اهداف قطر من اطلاقها بل وشغلت تنقلات موظفي الجزيرة والتوسعات في استديوهات القناة حيزا كبيرا من البرقيات والمراسلات بين الخارجية والاستخبارات العامة والقصر الملكي. ليس ذلك فقط بل تطرقت البرقيات للحديث عمن يستقيل او يترك الجزيرة ولماذا تركها وأين سيعمل بعد ان يتركها!

كما نجد تقارير مفصلة عن انشطة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين واجتماعاته واستقبالات الدكتور يوسف القرضاوي وخطبته للجمعة في الازهر الشريف وهو مايكشف رصد السعودية لمرحلة تولي الاخوان الحكم في مصر وكيف سعت الى فهم كافة التحركات والخيوط للتأثير في الشارع المصري لاحقا ودعم الدولة العميقة.

شكوك

كما شغلت السعودية نفسها كثيرا بمشاريع وهمية اتهموا قطر بالوقوف وراءها وبالغت في شكوكها من كل شيء يأتي الى قطر او يخرج منها عبر الاراضي السعودية لدرجة انها منعت شاحنات كانت تحمل نسخا من مصحف قطر واحتجزتها بدعوى الاحتياطات الامنية.

أما اكثر ما اثار الدهشة فكان قيام مؤسسة قطر بإطلاق مشروع رقمنة الوثائق البريطانية الخاصة بمنطقة الخليج العربية حيث خاطب القصر الملكي وزارة الخارجية القطرية مبديا قلق الرياض من ترجمة الوثائق بحجة الخوف من ان تكون الترجمة غير دقيقة. وقالت احدى البرقيات ان رقمنة الوثائق ووضعها على الانترنت فيها من الامور التي تحتوي على حساسيات ومعلومات ربما تفهم مضامينها في سياقات غير صحيحة وتسيء لتاريخ المملكة خاصة ان المحتوى الذي سيتم اتاحته يتضمن تقارير استخباراتية ومراسلات لا يناسب نشرها للعموم وان هذا يحتاج الى استعداد جيد ومناسب لمواجهة اي اساءة قراءة اذا حدثت من نواتج هذا المشروع كما تذكرت البرقيات ان الخطر يكمن فيما اذا كانت هناك نية لترجمة الوثائق من الانجليزية الى العربية وان هذا بحد ذاته سينتج عنه مشكلات من ناحية المعلومات وطريقة الترجمة.

وطلبت الرياض باشراك فريق سعودي من دارة الملك عبد العزيز في المشروع وكان ذلك محل ترحيب قطري.

وشارك فريق سعودي مع الجانب القطري في ترجمة ورقمنة الوثائق لكن الرياض لم تتقبل ذلك وظلوا على تربصهم بالدوحة.

لجنة وزارية

القلق السعودي من كل ماهو قطري وصل الى درجة الهستيريا من اي نشاط قطري بالخارج فلاحقوا اي مشروع استثماري قطري في اي بقعة على الخريطة حتى انهم تابعوا مشروعا استثماريا قطريا في ارتريا وتابعوا تفاصيله بينما لم يلفت نظرهم النشاط الاسرائيلى في جزر مجاورة!

الغريب ان استثمار قطر في ارتريا نبه القيادة السعودية الى اهمية الاهتمام بافريقيا وتم تشكيل لجنة وزارية دائمة لشؤون القرن الافريقي تقوم بدراسة موقع الجزيرة التي تقيم فيها قطر مشروعها ولماذا قامت قطر باختيار هذه الجزيرة وكان توجيه معاليه بأن تقوم وزارات الداخلية والدفاع والخارجية ورئاسة الاستخبارات العامة بمتابعة الموضوع ورصد التطورات سواء مايتعلق بالعلاقات بين قطر وارتريا او بالمشروع الاستثماري القطري والرفع بما يجد في ذلك وتزويد اللجنة الوزارية الدائمة لشؤون القرن الافريقي بنسخة من ذلك.

سعر الغاز

كما كانت اتفاقيات الغاز القطري مع الدول الاجنبية تحت المجهر السعودي ليس مجرد رصد او نشاط دبلوماسي مشروع لكل سفير او سفارة ولكن البرقيات كانت تذيل باستنتاج ورأي وتوجيه لصانع القرار.

وقد انزعجت الاستخبارات السعودية من مفاوضات جرت بين قطر وإحدى الدول الاجنبية حول شراء الغاز ومن تسعير وحدة الغاز وتمسك قطر في المفاوضات بسعر معين واستنتجت الاستخبارات السعودية ان شركات النفط والموارد الطبيعية في الدولة محل التفاوض غير مستعدة لشراء الغاز بهذا السعر لأن ذلك سيؤدي الى ارتفاع سعر الوحدة الكهربائية على مواطني تلك الدولة كما استنتجت الاستخبارات ان التحسن في علاقات الدولة محل التفاوض مع امريكا سيؤدي الى تخفيض سعر الغاز القطري!

تفاصيل أغرقت الاستخبارات السعودية بها نفسها، ولم تتوقف عند وساطة قطر لإطلاق المختطفين في لبنان ووصلت الى حد اتهام قطر بأنها تحاول إحداث تغيير في لبنان على هذا الاساس.

أما انعقاد مؤتمر النوازل السياسية الذي نظمه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فكان ايضا محل فحص وتمحيص عمن وصل الى الدوحة لحضور المؤتمر ومن استقبلهم وعلام تناقشوا وإلام توصلوا بل وأرسل الى الرياض CD للمناقشات والبحوث التي جرت مناقشتها في المؤتمر! مما يعكس الحالة التي وصلتها الجارة الكبيرة.

للاطلاع على كتاب "البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية".. اضغط هنا