نيويورك تايمز- ترجمةشادي خليفة -
عمل شاهد متعاون في تحقيق المستشار الخاص «روبرت مولر» لأكثر من عام على تحويل أحد كبار المتبرعين لـ«دونالد ترامب» إلى أداة تأثير في البيت الأبيض لصالح حكام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وفقا لمقابلات ووثائق لم يتم الكشف عنها من قبل.
وتكشف مئات الصفحات من المراسلات بين الرجلين عن جهد نشط للتأثير على الرئيس «ترامب» نيابة عن المملكتين العربيتين الغنيتين بالنفط، وكلاهما من حلفاء أمريكا المقربين.
وعلى رأس جدول أعمال الرجلين، كان «جورج نادر»، المستشار السياسي لـ «محمد بن زايد»، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات، و«إليوت برويدي»، نائب رئيس اللجنة المالية في اللجنة الوطنية الجمهورية، يدفع البيت الأبيض إلى طرد وزير الخارجية «ريكس تليرسون»، داعما مناهج المواجهة مع إيران وقطر، وكرر الضغط على الرئيس للاجتماع بشكل خاص خارج البيت الأبيض مع زعيم الإمارات.
وتمت إقالة «تيلرسون» الأسبوع الماضي، وتبنى الرئيس أساليب صارمة تجاه كل من إيران وقطر.
وأغرى «نادر» جامع الأموال، «برويدي»، بعقود محتملة بأكثر من مليار دولار لشركة الأمن الخاصة، «سيركينوس»، وساعد في تقديم صفقات تزيد قيمتها عن 200 مليون دولار مع الإمارات. وأخبر «نادر» صديقه أنه أخبر الحكام الفعليين لكل من السعودية والإمارات حول «الدور السحري المحوري الذي لا غنى عنه الذي تلعبه لمساعدتهم».
وانكشفت زراعة «نادر» لـ«برويدي» من خلال وثائق وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز»، الأمر الذي يدفع إلى دراسة تلك الحالة للنظر في الطريقة التي سعت بها ملكيتان في الخليج العربي إلى الحصول على نفوذ داخل البيت الأبيض. وحصل «نادر» على حصانة في صفقة للتعاون مع المستشار الخاص، وفقا لأشخاص مطلعين على المسألة، وتوفر علاقته مع «برويدي» أيضا أدلة على اتجاه هذا التحقيق.
وتم استدعاء «نادر» الآن من الخارج لتقديم شهادة إضافية، بحسب ما قاله أحد الأشخاص المطلعين على المسألة هذا الأسبوع. وسأل محققو «مولر» بالفعل شهودا عن اتصالات «نادر» مع كبار المسؤولين في إدارة «ترامب»، وحول دوره المحتمل في تحويل الأموال الإماراتية إلى الجهود السياسية لـ«ترامب»، وهي علامة على توسع التحقيق لدراسة دور الأموال الأجنبية في إدارة «ترامب».
وتحتوي الوثائق على أدلة لم يسبق أن تم كشفها، تفيد بأن «نادر» قام بدور الوسيط لولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، الذي اجتمع مع «ترامب» الثلاثاء في المكتب البيضاوي، في بداية جولة في الولايات المتحدة، قبل أن يجتمع مع القادة السياسيين ورجال الأعمال.
ورفض محام لـ«نادر» التعليق. وقال شخصان قريبان من «برويدي» إنه لم يتم الاتصال به من قبل محققي المستشار الخاص. وفي بيان له، قال «برويدي» إن جهوده «تهدف إلى تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة، بالتنسيق الكامل مع الحكومة الأمريكية».
وأضاف: «كنت أؤمن دوما بالقوة في مواجهة كل من إيران والتطرف الإسلامي، وفي العمل عن كثب مع أصدقائنا في العالم العربي من أجل القيام بذلك».
وقدمت هذه الوثائق، التي تضمنت رسائل بريد إلكتروني ومقترحات تجارية وعقود، مجموعة مجهولة تنتقد تأثير «برويدي» على السياسات الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط.
وأظهرت «التايمز» لممثلي «برويدي» نسخا من جميع الرسائل الإلكترونية التي تنوي الإشارة إليها في مقال. وفي بيانه، قال «برويدي» إنه لا يستطيع تأكيد صحة كل منها، مشيرا إلى أن صحيفة «التايمز» كانت قادرة على أن تظهر له فقط نسخا مطبوعة وليس رسائل البريد الإلكتروني الأصلية.
وقال متحدث باسم «برويدي» إنه يعتقد أن الوثائق قد تم سرقتها من قبل متسللين يعملون لصالح قطر، ردا على انتقاداته للعدو الإقليمي للسعوديين والإماراتيين.
التواصل الأول
التقى الرجلان لأول مرة خلال الأحداث المحيطة بتنصيب «ترامب». وبدأ «برويدي»، (60 عاما)، وهو متبرع جمهوري منذ فترة طويلة ونائب رئيس لجنة جمع الأموال، عمله كمحاسب، ثم كمدير استثمار لـ «غلين بيل»، مؤسس «تاكو بيل».
وكان «نادر»، البالغ من العمر 58 عاما، وهو مواطن أمريكي ولد في لبنان، بمثابة مبعوث غير رسمي إلى سوريا في عهد إدارة «بيل كلينتون». ووفقا لسيرة قصيرة في رسائل البريد الإلكتروني، فقد عمل في وقت لاحق لصالح نائب الرئيس «ديك تشيني».
وأصبح الاثنان صديقين سريعا. وبحلول فبراير/شباط، كانا يتبادلان رسائل البريد الإلكتروني حول العقود المحتملة لـ«سيركينوس» مع كل من الإمارات والسعودية، وكذلك حول الأهداف السعودية والإماراتية في واشنطن، مثل إقناع حكومة الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات ضد جماعة الإخوان المسلمين، أو ممارسة الضغط على عدوهما الإقليمي، قطر.
وفي وقت مبكر من إدارة «ترامب»، حظي الرجلان بالموافقة على نجاح الجهود الرامية إلى إعاقة منصب كبير في البنتاغون لـ«آن باترسون»، السفيرة السابقة في القاهرة، التي طالما انتقدها الإماراتيون والسعوديون على أنها متعاطفة مع الرئيس المصري السابق «محمد مرسي» والإخوان المسلمين خلال عامها الأول في المنصب.
وفي إحدى الرسائل إلى «نادر» في مارس/آذار عام 2017، أشار «برويدي» إلى «أمّن أمريكا الآن»، وهي منظمة قامت بحملة ضد «آن باترسون»، على أنها «واحدة من المجموعات التي أعمل معها».
وكان لدى السعوديين والإماراتيين علاقات دافئة خاصة مع إدارة «ترامب». وظهر «ترامب» في بعض الأوقات منحازا إلى المملكتين العربيتين ضد وزراء حكومته، بما في ذلك في النزاع الإقليمي المرير ضد قطر. وأيضا بالتنسيق مع السعوديين والإماراتيين، اتخذ «ترامب» موقفا أكثر تشددا بكثير تجاه إيران من أي من حكومته أو الرئيس «باراك أوباما»، مهددا «بتمزيق» الاتفاق النووي الإيراني الذي توسط فيه «أوباما» عام 2015.
وفي 25 مارس/آذار، أرسل «برويدي» بريدا إلكترونيا إلى «نادر» يوجز حملة الضغط والعلاقات العامة المقترحة في واشنطن ضد كل من قطر والإخوان المسلمين. وبلغت التكلفة الإجمالية للحملة المقترحة 12.7 مليون دولار.
وقال شخصان مقربان من «برويدي» إن الخطة وضعت من قبل طرف ثالث لتوزيعها على المانحين الأمريكيين ذوي التفكير المماثل، وإنه تم تنفيذ بعض بنودها فقط.
إلا أن «نادر» قدم دفعة تبلغ 2.7 مليون دولار لـ «برويدي» من أجل «الاستشارات والتسويق والخدمات الاستشارية الأخرى المقدمة»، على ما يبدو للمساعدة في دفع تكاليف المؤتمرات في مركزين للتفكير في واشنطن، ومعهد هدسون، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي الجهات التي وجهت انتقادات شديدة ضد قطر والإخوان المسلمين.
وتحظر سياسات «معهد هدسون» التبرعات من الحكومات الأجنبية غير الديمقراطية، كما تحظر مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» التبرعات من جميع الحكومات الأجنبية، لذا قد يكون دور «نادر» كمستشار للإمارات قد أثارت المخاوف لو أنه تبرع مباشرة.
وتشير المستندات إلى أنه قد تم تحويل الأموال التي قدمها «نادر» من شركة إماراتية كان يسيطر عليها، وهي «جي إس للاستثمارات»، إلى شركة غامضة مقرها في «فانكوفر»، في كولومبيا البريطانية، يسيطر عليها «برويدي»، وتسمى «تشيمان إنترناشيونال». وقال شخص مقرب من «برويدي» إن الأموال تم تمريرها من خلال الشركة الكندية بناء على طلب «نادر»، ولا يمكن تحديد سبب مسارها الدائري.
كما توضح الوثائق أن محامي «برويدي» ناقش معه إمكانية الاتفاق مع «نادر» على جزء من أرباح الجولة الأولى من العمل الذي قامت به شركته مع السعوديين والإماراتيين، وهو ما يعكس بشكل واضح دوره المتكامل في مساعدة شركة «سيركينوس» للتفاوض على عقود الأمن المربحة.
وفي بيانه، قال «برويدي» إن «نادر» «ليس من المساهمين أو المسؤولين أو مدير أو موظف في أي من شركاتي».
وأضاف: «لم يحصل على أي رسوم ابتدائية أو أي رسوم أخرى فيما يتعلق بهذه الأمور».
روابط مؤثرة
وبعد أشهر، عندما كان «برويدي» يستعد لعقد اجتماع في المكتب البيضاوي مع «ترامب»، ضغط عليه «نادر» في محاولة لتشكيل اجتماع خاص خارج البيت الأبيض بين «ترامب» وزعيم الإمارات، ولي العهد الأمير «محمد بن زايد»، الذي أشار إليه بـ «الصديق».
وكتب «نادر» إلى «برويدي» في 1 أكتوبر/تشرين الأول: «أخبره أن صديقا يود أن يأتي في أسرع وقت ممكن لمقابلتك، في الموقع الرسمي في نيوجيرسي أو كامب ديفيد أو الموقع الرئاسي في ميريلاند».
وأضاف: «أعيدها وأكررها مرارا، يرجى محاولة ترتيب موعد لصديقنا بينما أنت هناك إذا كان ذلك ممكنا».
وبعد 6 أيام، فعل «برويدي» ذلك، وكرر الضغط على «ترامب» للقاء ولي العهد في مكان «هادئ» خارج البيت الأبيض، ربما في نيويورك أو نيوجيرسي، وفقا لتقرير مفصل عن الاجتماع أرسله «برويدي» لـ «نادر» بعد فترة وجيزة. وأفاد «برويدي» أن مستشار الأمن القومي لـ «ترامب»، الجنرال «ماكماستر»، قد منع الطلب.
وفي مذكرة إلى «نادر» عن اجتماع المكتب البيضاوي في 6 أكتوبر/تشرين الأول، ذكر «برويدي» أنه شخصيا حث «ترامب» على طرد «تيلرسون»، الذي يرى السعوديون والإماراتيون أنه غير قاسي بما يكفي على إيران وقطر.
وفي وقت لاحق من الخريف، اشتكى «نادر» من أن الخدمة السرية قد منعته من التقاط صورا مع «ترامب» في فعالية لجمع التبرعات. وعلى الرغم من عدم وضوح الأسباب التي تم ذكرها للرئيس، فقد وُجد «نادر» مذنبا عام 1991 بتهمة اتحادية ضد الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية، وخدم لمدة ستة أشهر في منزل في منتصف الطريق، بعد العثور على أشرطة الفيديو في حقائبه عندما وصل إلى مطار واشنطن دالاس الدولي من رحلة إلى ألمانيا، وفقا لسجلات أفصحت عنها المحكمة الأسبوع الماضي. وفي عام 2003، حكم عليه بالسجن لمدة عام واحد في جمهورية التشيك، بعد إدانته بـ 10 حالات من الاعتداء الجنسي على القاصرين، وفقا لما ذكرته وكالة «أسوشيتد برس» نقلا عن متحدثة باسم المحكمة.
وكان «برويدي» في حيرة من اعتراضات الخدمة السرية. وكان «نادر»، بصفته مستشارا لحاكم دولة الإمارات، قد التقى عدة مرات مع كبار المسؤولين الإداريين في البيت الأبيض خلال الأسابيع الأولى من تولي «ترامب» المنصب.
وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة بين البيت الأبيض ودول الخليج، فقد كانت هناك بعض الخلافات بين الحين والآخر. وفي يناير/كانون الثاني، أرسل «نادر» مرتين رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صديقه بطلب آخر محدد، حيث طالب «ترامب» بدعوة ولي العهد السعودي لزيارة في محاولة لتهدئة المشاعر السيئة المحتملة التي أوجدها كتاب «النار والغضب»، بقلم «مايكل وولف». وكتب «نادر»: «لقد تم تصوير وجهات نظر الرئيس عن الأمير السعودي في شكل غير مستساغ».
وكتب «نادر»: «مرة أخرى، انظر في ما يمكنك فعله، ويمكننا أن نناقش ذلك بشكل شخصي»، مكررا مرة أخرى «الرغبة الحقيقية» لحاكم الإمارات في الاجتماع مع «ترامب» وحده.
وبعد أيام، كتب «نادر» لصديقه أنه يتطلع إلى رحلة قادمة إلى الولايات المتحدة. وكان «برويدي» يرتب له حضور حفل عشاء في «مار-إيه-لاجو»، مقر الرئيس في فلوريدا، للاحتفال بالذكرى السنوية لتنصيب «ترامب». وكان الرجلان يفكران في رحلة إلى السعودية لمحاولة بيع ولي عهد المملكة الشاب والقوي عقدا بقيمة 650 مليون دولار مع شركة الأمن المملوكة لـ «برويدي».
لكن هذه الخطط الكبرى تمت مقاطعتها. وفي تلك الرحلة إلى الولايات المتحدة، بينما كان يتنقل في مطار دالاس، تم استقبال «نادر» من قبل وكلاء للمستشار الخاص، «روبرت مولر».