علاقات » خليجي

"قرنقعوه".. أطفال قطر يهزجون بزيارة مكة رغم الحصار

في 2018/06/01

الخليج أونلاين-

ليس الصغار فقط من ينتظرون أيام منتصف رمضان لممارسة طقوسهم القديمة المتوارثة بـ "القرقيعان"، الكبار أيضاً ينتظرون الوقت ذاته؛ فللمناسبة ذكرى في نفوس أهل الخليج تعود بهم إلى أيام الطفولة، وتحكي تراثاً قديماً دأبوا على الحفاظ عليه كما هو دأبهم في الحفاظ على الموروثات.

الجميع في بلدان الخليج العربي يشاركون الأطفال "قرقيعانهم"، بل حتى المؤسسات الرسمية والجهات الشعبية والمناطق السياحية تعدّ برامجَ لهذه المناسبة، إنه طقس خليجي مرتبط بذاكرة الأرض والأجداد وتاريخ الوطن، هكذا يرونه، ولأجله يبتكرون طرقاً مختلفة للاحتفال به.

تختلف تسميات المناسبة من بلد خليجي لآخر؛ ففي الكويت والسعودية والإمارات اشتهرت بـتسمية "قرقيعان"، وفي قطر "قرنقعوه"، و"قرقاعون" في البحرين، أما في سلطنة عُمان فعُرف بـ "القرنقشوه".

وتُخصص ليالي الـ "13 و14 و15" من شهر رمضان لإحياء المناسبة، وفيه يطوف الأطفال في الشوارع بين الدور السكنية وهم يردّدون الأهازيج الخاصة المتعارف عليها، حاملين أواني يضربون عليها بمواد صلبة لأجل إصدار صوت معروف يتوافق مع نغم أهازيجهم.

الغاية من تلك الأهازيج والضرب على الأواني أن يجمعوا الحلوى من الناس، يعبّئونها في حقائب من القماش ثم يتقاسمون ما جمعوه بعد الانتهاء، ويشارك في هذه المناسبة الأطفال الذكور والإناث، وفي حين يردّد الذكور أهازيجهم، فللبنات أهازيجهن الخاصة أيضاً، والغاية واحدة.

أهازيج القرقيعان تختلف من بلد لآخر، ففي المملكة العربية السعودية يقول الأطفال:

قرقع قرقع قرقيعان

أم قصير ورمضان

عطونا الله يعطيكم

بيت مكة يوديكم

يوديكم لأهاليكم

ويلحفكم بالجاعد

عن المطر والراعد

وفي قطر يهزج الأطفال بفرح مرددين:

قرنقعوه قرقاعوه

عطونا الله يعطيكم

بيت مكة يوديكم

يوديكم لأهليكم

يا مكة يا المعمورة

يا أم السلاسل والذهب يا نوره

عطونا دحبة ميزان يسلم لكم عزيزان

عطونا دحبة ليفة يسلم لكم خليفة

وفي الإمارات يهزج الأطفال بالقول:

أعطونا الله يعطيكم

بيت مكة يوديكم

جدام بيتكم وادي

والخير كله ينادي

أعطونا من حق الله

والله والله الرازق

وفي الكويت ينشد الأطفال:

قرقيعان وقرقيعان بين اقصير ورمضان

عادت عليكم صيام كل سنة وكل عام

يا الله تخلي ولدهم يا الله خلي لأمه يا االله

عسى البقعة ما تخمه ولا توازي على أمه

أما أهازيج القرقيعان في البحرين:

سلم ولدهم يا الله

وخله لأمه يا الله

اييب المكده يا الله

ويحطها في جم أمه

يا شفيع لأمه

وفي السلطنة ينادي الأطفال بهذه الأهزوجة:

مرنقشوه يوناس

عطونا شوية حلواي

دوس دوس في المندوس

حارة حارة في السحاره

لمناسبة كانت فرحة للكبار يخرجون ليشاهدوا الصغار ويشاركوهم فرحتهم بإعطائهم الحلوى، خاصة أن الصغار من الذكور والإناث يميزون أنفسهم بارتداء ملابس تراثية خاصة، وينطلقون لأداء طقوس القرقيعان بعد صلاة المغرب.

وتفيد المعلومات التي أرشفها المختصون بأن تسمية "قرقيعان" لها معنيان؛ الأول مصطلح يُعرف بأنه من "القرقعة"، وهي الأصوات التي يصدرها الصغار من جراء الطَّرْق على الأواني والطَّرْق على الأبواب في سبيل الحصول على الحلوى.

والثاني لغوي من "قرة العين" ويقصد به سرور الإنسان وفرحه بالأطفال، ومنه قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين﴾، وهو يرجع إلى مولد سبط رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحسن بن علي، حيث ولد في ليلة النصف من شهر رمضان المبارك، ولأجله فرح النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فرحاً كبيراً.

على الكورنيش، وفي المناطق التجارية والعامة في بلدان الخليج، هناك اليوم تخصّص في ليالي القرقيعان أماكن يتجمّع فيها الصغار والكبار، ذلك الطقس الرمضاني المحبَّب إلى النفوس، طقس يأخذ الكبار إلى عالم الطفولة، فالجميع كانوا في يوم ما يحملون الأواني ويقرعونها معلنين قدوم "قرة العين".

ذاك هو التراث، متجدد وقائم يقاوم الحداثة في صورة زاهية تؤكّد انصهار الماضي بالحاضر في بلدان أبت إلا أن تحافظ بحبٍّ على تراثها.

لكن التقارب الخليجي الذي يؤكّده "قرقيعان" من خلال إحيائه في جميع دول مجلس التعاون يُفتَقد منذ عام.

وباتت عبارة "عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم" التي يردّدها أطفال قطر في دعاء لمن يكرمهم بالمال والحلوى أن يمنّ عليه الله بزيارة البيت الحرام في مكة صعبة التحقق؛ وذلك نتيجة الأزمة الخليجية التي نشبت منذ عام.

وفي 5 مايو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، فارضة على الأخيرة حصاراً بدعوى "دعمها للإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي بالسعي إلى "فرض الوصاية على قرارها الوطني".

قطع العلاقات شمل وضع القيود أمام سفر القطريين إلى هذه الدول ومنعهم من دخولها.

ووصل قطع العلاقات إلى عرقلة إجراءات الحج والعمرة؛ إذ عكست الرياض الخلاف السياسي على مواطني قطر، الذين اشتكوا حرمانهم من الوصول إلى بيت الله الحرام في المملكة، بعد منع الأخيرة دخول القطريين لأراضيها.

وعلى الرغم من حرمان القطريين من زيارة أقدس مكان بالنسبة للمسلمين، يستمرّ أطفال قطر والخليج بالدعاء في "قرقيعانهم" لمن يُكرمهم بأن يمنّ عليه الله بزيارة مكة.