علاقات » خليجي

كيف خسرت «الاتحاد» الإماراتية معركتها أمام منافساتها في الخليج؟

في 2018/07/14

ميدل إيست آي-

انطلقت شركة «طيران الاتحاد» الإماراتية منذ 15 عاما، بدعم من إمارة أبوظبي، أغنى إمارة في دولة الإمارات العربية المتحدة، لتتولي حصصا في شركات الطيران في جميع أنحاء العالم؛ من أجل بناء شبكة سريعة تتناسب مع إمكانيات منافسيها الإقليميين، «طيران الإمارات»، ومقرها دبي، و«الخطوط الجوية القطرية»، ومقرها الدوحة.

وانهارت الخطة عندما انهارت اثنتان من استثماراتها، وهما «إير برلين» و«أليطاليا»، عام 2017. وقطعت الشركة مبلغ 808 مليون دولار من المخصصات للشركتين، ما يعني في الأساس أن تلك الاستثمارات لا تستحق المال الذي أنفقته عليها.

وعلى مدى العامين الماضيين، عانت «طيران الاتحاد» من خسائر بلغت أكثر من 3.5 مليار دولار، 1.52 مليار دولار لعام 2017 و1.95 مليار دولار عام 2016. وفي الأسبوع الماضي، أعلنت «الاتحاد» خطوات جديدة في شكل تعيينات إدارية وإعادة هيكلة واستراتيجية جديدة، في محاولة لتدارك ما يمكن تداركه.

وغادر «جيمس هوجان»، الرئيس التنفيذي والرئيس السابق لطيران «الاتحاد»، ومهندس استراتيجية الشركة الأصلية، الشركة عام 2017.

وشهدت 3 دورات من فقدان الوظائف مغادرة أكثر من 4 آلاف موظف في الأشهر الـ 18 الماضية، وفقا لما ذكره مسؤول تنفيذي تحدث إلى «ميدل إيست آي» بشرط عدم الكشف عن هويته.

ولكن بالنسبة للموظفين الـ 23 ألف المتبقين، تتعرض المزيد من الوظائف للتهديد، ولا يزال كبار المديرين والمديرين التنفيذيين والرتب الأدنى ينتظرون معرفة مصيرهم.

ولم ترد «الاتحاد» على طلبات للتعليق، لكن الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاتحاد» «توني دوغلاس»، قال لـ«رويترز»، الأسبوع الماضي، إن إعادة هيكلة الشركة من المتوقع أن تؤدي إلى مزيد من التغييرات بين المديرين الكبار والأدنى منهم.

الاتحاد «متأخرة عن الحفلة»

وقال المدير الاقتصادي في الشركة «تيم كومبس»، لـ«ميدل إيست آي»: «في صناعة الطيران، تكون ميزة التحرك أولا مهمة للغاية، وتأخرت طيران الاتحاد قليلا عن الحفل».

وأضاف: «حاولوا تكرار ما جرى في دبي، حيث يوجد طيران الإمارات، وكانت نقطة انطلاقهم مبنية على عقلية نمو الإيرادات بدلا من الأرباح»، وهي عقلية مألوفة لكثير من الشركات الناشئة، لا سيما في الاقتصاد الرقمي الحديث، حيث يتم جمع المليارات وإنفاقها على اكتساب العملاء. لكن «الاتحاد» قررت الاستثمار في شركات الطيران الموجودة، والتي كانت بالفعل في ورطة.

وفي «أليطاليا»، جاءت «الاتحاد» واعتقدت أنها تستطيع حل مشاكلها المالية وإعادة هيكلة الشركة. وظن الموظفون أن الأمور قد تستمر كما كانت عليه من قبل، ولن يكون هناك خفض في الأجور أو تحسين للإنتاجية، والحقيقة هي أنه قد تمت هزيمة «الاتحاد» من قبل قوة عمالية منظمة تنظيما جيدا.

والآن، يبدو أن الطموح العالمي قد ذهب أدراج الرياح.

وتواجه «الاتحاد» منافسة شرسة ورد فعل عنيف من شركات الطيران في أوروبا، فضلا عن المعارضة في الولايات المتحدة للدعم الحكومي السخي الذي تتلقاه شركات الطيران الرئيسية في الشرق الأوسط.

ومن المقرر إلغاء خطط تسليم 98 طائرة من «بوينغ» و«إيرباص» لدعم أسطول كبير مكون من 110 طائرة من طائرات الركاب.

كيف تتنافس مع دبي؟

وقال «كومبس» إنه من الصعب فهم ما تعتزم طيران «الاتحاد» القيام به، ولا يعد عدد سكان أبوظبي كبيرا. وإذا تخلت «الاتحاد» عن العالمية وحدثت نموذجا لخدمة السوق المحلية، فهي تحتاج إلى سوق كبير لتوفير انتقالات مباشرة.

وبحسب «كومبس» تتمثل مشكلة الفروع الثانوية في عدم امتلاكهم نفس النوع من الاتصالات والخدمات مثل المراكز الكبيرة. فكيف تتنافس مع دبي؟

وأخبرت شركة «الاتحاد» «ميدل إيست آي» أن الشركة كانت تعمل على عدة مقترحات قبل 6 أشهر من مغادرة «هوجان» للشركة، لكن تم وضع هذه المقترحات على الرف.

وفي تلك الهزة، تم تهميش المدير التنفيذي «بيتر باومغارتنر»، الذي يحظى باحترام كبير، من إدارة الشركة، مع تولي «دوغلاس»، الذي تم تعيينه مؤخرا، هذه المسؤولية.

ولكن مع تعيين «محمد البلوكي»، الإماراتي، أصبح هو المسؤول التنفيذي الأول في الشركة، ويُنظر إلى «البلوكي» باعتباره الرئيس التنفيذي التالي للشركة.

ويأتي كل ذلك كجزء من برنامج «التوطين» في البلاد، الذي يشمل تعليم وتدريب الإماراتيين وتشجيعهم على تولي مناصب رفيعة المستوى.

وتتباطأ أرقام توسعات «طيران الإمارات»، أكبر شركة طيران في الشرق الأوسط، التي حققت أرباحا بقيمة 1.1 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في مارس/آذار. وحذر الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية «أكبر الباكر» أن الشركة قد تحتاج إلى إنقاذ الدولة بسبب تأثير الحصار الذي تقوده السعودية على قطر.

الخطوط الجوية القطرية تتجه للهجوم

ودخلت «الخطوط الجوية القطرية» في استراتيجية هجومية لحماية أعمالها، حيث اشترت ما يقرب من 10% من الأسهم بقيمة 622 مليون دولار في شركة «كاثي باسيفيك»، التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا لها. وتمنحها هذه الحصة موطئ قدم في الصين، والتي من المتوقع أن تكون أكبر سوق للطيران في العالم خلال عقد من الزمان.

لكن محاولات «الباكر» لشراء حصة في شركة الخطوط الجوية الأمريكية تم رفضها بصوت عالٍ من قبل شركة الطيران التي تتخذ من تكساس مقرا لها، والتي اتهمتها وغيرها من الشركات الخليجية بالاستفادة من دعم الدولة.

وتنفي الخطوط الجوية القطرية وطيران الإمارات وطيران الاتحاد هذه المزاعم.

غير أن شركات الطيران الـ 3 الأولى في الولايات المتحدة اشتكت منذ أعوام من الدعم الذي تلقته شركات الطيران في الشرق الأوسط. وانحسرت مقاومة شركات الطيران الأمريكية في مواجهة تغلغل شركات الطيران الخليجية في السوق الأمريكية.

ومع انهيار الحجوزات بسبب الحصار الذي تفرضه السعودية والإمارات، تأمل قطر في أن تتمكن الصفقة مع «كاثي باسيفيك» من توجيه المزيد من المسافرين عبر مطار الدوحة الدولي، الذي يعتبر أحد أفضل مطارات العالم منذ افتتاحه عام 2014.

وتسير صناعة الطيران بالطريقة نفسها مثل أي صناعة أخرى. ويوجد في الولايات المتحدة الآن 3 شركات طيران رئيسية، وهناك صورة مشابهة لهذا في أوروبا. وبنفس الطريقة في العالم، حيث يسيطر 10 لاعبين على 90% من السوق.

وتمتلك الخطوط الجوية القطرية أيضا حصة 20% في مجموعة الخطوط الجوية الدولية، التي تملك الخطوط الجوية البريطانية وأيبيريا وأير لينغوس، بالإضافة إلى تملك 49% من «ميرديانا» في إيطاليا، و10% من مجموعة «لاتام إيرلاين» في أمريكا الجنوبية.

واختارت قطر حصصها بحكمة. فمن الواضح أنها ستكون من بين الناجين في هذه الصناعة، مع تحالف «ون وورلد»، وهو التحالف من 13 شركة طيران، الذي يضم أيضا الخطوط الجوية البريطانية، وكاثي باسيفيك، وكانتاس.

وقال مدير «جي إل إس للاستشارات»، «جون ستريكلاند»، إن الحصار ما زال يشكل «عائقا كبيرا»، حيث اضطرت شركة الطيران القطرية إلى إنفاق المزيد من الوقود على الطيران، بعد اضرارها للالتفاف حول المجال الجوي السعودي والبحريني والإماراتي، كما فقدت بعض الرحلات المربحة إلى السعودية والإمارات ومصر.

ولكن في حين فشلت «طيران الاتحاد» في استراتيجيتها في شراء بعض شركات الطيران الأقل امتيازا، برعت قطر في ذلك.

ولكن لم تكن كل استثمارات طيران الاتحاد سيئة. وتمتلك الشركة حصة تبلغ 25%، تم شراؤها منذ 5 أعوام مقابل 379 مليون دولار، في شركة «جيت إيروايز» الهندية الطموحة، بالإضافة إلى امتلاكها أجزاء من «فيرجن» الأسترالية، و«إير سيشل».

وفي بداية علاقتها مع «جيت إيروايز»، تم إعارة موظفي «الاتحاد» إلى شركة الطيران الهندية، وكانت العلاقة قريبة جدا.

وفي الوقت الحالي، لا يوجد موظف من الاتحاد يعمل في شركة الطيران الهندية، كما قال أحد موظفي الاتحاد لـ «ميدل إيست آي».

وألغت الاتحاد 2 من طرقها الستة إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك بوابتها إلى وادي السيليكون في سان فرانسيسكو، وهو ما يعني أن المتخصصين الهنود في مجال البرمجيات بحاجة إلى إيجاد طرق بديلة.

والأسوأ من ذلك أن «جيت إيروايز» تقترب من «إير فرانس» و«دلتا»، بعد أن افتتحت مركزها الأوروبي في أمستردام، مما أدى إلى زيادة عدد المسافرين عبر هولندا عن طريق أبوظبي، وهو ما يعني انخفاض إيرادات «الاتحاد».

 الطيران التركي يمثل تهديدا

وفي هذه الأثناء، تقترب آخر ميزة تنافسية في أبوظبي من الضياع، حيث تحصل دبي على سماح بالعبور لمسافريها إلى الولايات المتحدة مع ميزات خاصة.

ويسمح التخليص المسبق في مرفق حماية الحدود والجمارك الأمريكي في المطار للمسافرين بتخليص الجمارك والتعامل معهم كركاب محليين عند هبوطهم على الأراضي الأمريكية، وهو انتصار آخر لـ «طيران الإمارات».

وتؤثر هيمنة «طيران الإمارات» على شركات الطيران غير الخليجية كذلك. وتخطط شركة «فيرجين أتلانتيك» لإنهاء رحلاتها اليومية بين دبي ولندن في مارس/آذار المقبل.

ومع تشغيل «طيران الإمارات» لـ 10 رحلات يومية من مطارات لندن، قالت «فيرجن» إن الرحلة «لم تعد مجدية اقتصاديا».

لكن في الوقت الذي قد تكون فيه متاعب «الاتحاد» بمثابة نعمة بالنسبة إلى «طيران الإمارات» والخطوط الجوية القطرية، فإن كليهما يواجهان تهديدا جديدا.

وليس الأمر أن الأقوياء لا يمكن إسقاطهم، بل أن المنافسين سوف يقلدون استراتيجية قادة السوق ويأخذون جزءا من أعمالهم.

وقال «كومبس»: «تخطط تركيا لافتتاح مطار يمكنه التعامل مع 90 مليون مسافر سنويا عند افتتاحه. وتتطلع الخطوط الجوية التركية إلى نفس الطراز الذي يتعامل مع الركاب بين أوروبا وآسيا. وسوف تكون تركيا منافسا قويا».