علاقات » خليجي

الحدود البحرية لدول الخليج.. مادة للنزاع أم فرصة للتكامل؟

في 2018/09/18

أراب دايجست- ترجمة شادي خليفة -

لدى الدول العربية في الخليج (دول مجلس التعاون الخليجي الست بالإضافة إلى العراق) حدود بحرية مع إيران، التي تقع على الجانب الآخر من الخليج، ولديها أيضا حدود بحرية مع بعضها البعض.

لكن وجود العديد من الجزر والشعاب المرجانية والمياه الضحلة تجعل هناك صعوبات، خاصة عندما تكون السيادة محل نزاع، ويعد فهم مسألة الحدود والنزاعات البحرية في الخليج أمرا مهما لفهم توازنات القوى في أحد أكثر المناطق البحرية استراتيجية في العالم.

الحدود البحرية بين إيران والدول العربية

وتشترك إيران في حدود بحرية مع أربع من الدول العربية على الجانب الآخر من الخليج، وتم الاتفاق عليها قبل عدة أعوام من الثورة الإسلامية عام 1979 (وأيضا قبل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تم توقيعها عام 1982).

وفي عهد الشاه، وقعت إيران اتفاقات مع المملكة العربية السعودية عام 1968، ومع قطر عام 1969، ومع البحرين عام 1971، وعُمان عام 1974. لكن لم تتم تغطية جميع الحدود بين إيران وعُمان باتفاق عام 1974، وتم الاتفاق على الجزء المتبقي عام 2015، رغم اعتراض الإمارات العربية المتحدة على جزء منه.

ولدى إيران والعراق حدود ثابتة في "شط العرب"، وصولا إلى النقطة التي يجتمع فيها المصب مع البحر.

ومع ذلك، لم تتوافق إيران والعراق بعد على خط لتحديد مطالبات كل منهما في المناطق البحرية.

وقد تجلت العواقب المحتملة لهذا الافتقار إلى حدود مستقرة في الحادث الذي وقع عام 2007، والذي أسرت فيه القوات الإيرانية 15 بحارا بريطانيا اعتقدت أنهم كانوا يعملون في المياه الإقليمية العراقية.

وهناك أيضا آثار على مواقع منشآت النفط البحرية، سواء محطات التصدير أو الحفارات، وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دعت العراق لتقديم عروض بشأن حقل نفطي يقع في مياهها الإقليمية.

وبالمثل، لا يوجد لدى إيران حدود بحرية متفق عليها مع الكويت أو الإمارات.

وفي حالة الكويت، يتوقف ترسيم الحدود على حل نزاع العراق الكويت، وفي حالة الإمارات، تظل هناك حاجة إلى تسوية النزاع حول وضع الجزر الثلاث (طنب الكبرى والصغرى، وأبو موسى)، التي تطالب بها كل من إيران والإمارات كشرط ضروري لتعيين حدودهما البحرية.

وكانت إيران قد احتلت الجزر عام 1971، قبل يوم واحد من استقلال الإمارات عن المملكة المتحدة، وفي الشهر الماضي، دعا وزير الدولة الإماراتي، الدكتور "سلطان الجابر"، إيران إلى التفاوض بشكل ثنائي حول الجزر، أو حل القضية على الصعيد الدولي في محكمة العدل الدولية، وكذلك فعل مسؤولون إماراتيون آخرون من قبل.

الحدود البحرية بين الدول العربية

وتم تحديد معظم الحدود البحرية بين الدول العربية، بما في ذلك السيادة على الجزر، من خلال الاتفاقات الثنائية، وفي العديد من الحالات، تم التوصل إلى هذه الاتفاقات بمشاركة الممثلين البريطانيين، الذين تمكنوا، بسبب معاهدات المملكة المتحدة مع مشيخات الخليج، من مساعدة الدول العربية في تسوية نزاعاتها أو تسويتها نيابة عنهم.

وفي عام 1991، لجأت قطر، التي أكدت سيادتها على الجزر والمياه الضحلة التي تطالب بها البحرين، إلى محكمة العدل الدولية، التي قسمت في عام 2001، الجزر والمياه الضحلة بين الدولتين، واعتمد الحكم جزئيا على قرار بريطاني عام 1939، والذي كان قد خصص جزر "حوار" للبحرين.

وكانت المملكة المتحدة قد قامت بمحاولة أولية غير قوية لتحديد الحدود البحرية بين العراق والكويت، في شكل مراسلات دبلوماسية عام 1932، بينما كانت المملكة المتحدة لا تزال مسؤولة عن السياسة الخارجية لكلا البلدين.

وعلى الرغم من أن المراسلات خصصت جزيرتي "وربة" و"بوبيان" للكويت، فإنه لم يتم وصف موقع الحدود، وبعد طرد القوات العراقية من الكويت عام 1991، أنتجت لجنة الحدود بين العراق والكويت، المكلفة من الأمم المتحدة، ترسيما دقيقا للحدود، بناءً على التفاهمات الحالية (بما في ذلك مراسلات عام 1932)، وقبل مجلس الأمن قرار اللجنة ضمن القرار رقم 833 الصادر في مايو/أيار عام 1993.

وفي عام 2013، وقعت العراق والكويت اتفاقية تؤكد على ترسيم حدود الأمم المتحدة، وتنظيم الملاحة في "خور عبدالله"، ومع ذلك، لا تزال بعض قطاعات الرأي العام العراقي تعتقد أن العراق حصلت على صفقة مجحفة، ويظل الموقف العراقي حساسا تجاه أي تحرك ينظر إليه كأنه تعد آخر على الحقوق العراقية.

التعاون في النفط والغاز

وكان هناك إدراك مبكر بين دول الخليج بأن خزانات النفط والغاز التي قسمتها الحدود البحرية سيتم استغلالها بكفاءة عالية من خلال التعاون بمختلف الأشكال.

ووقعت اتفاقيات التنمية المشتركة، وهي ترتيبات تتفق بموجبها الدول على تطوير وتقاسم نسب متفق عليها من النفط أو الغاز الموجود في منطقة يتم التنازع حول سيادتها، وقد تم استخدام ذلك في الخليج منذ عام 1958.

وشهدت ستينات القرن الماضي إدخال ترتيب معروف باسم "الإدارة الموحدة"، والتي تنطوي على معالجة احتياطيات النفط أو الغاز كمورد واحد.

ووقعت دول الخليج على الاتفاقيات الأولى التي تحتوي على فقرات من هذا النوع بعد وقت قصير من ظهورها في اتفاقيات بحر الشمال، وبشكل عام، أثبت هذا النوع من التعاون عبر الحدود كفاءة في تطوير حقول النفط والغاز في الخليج.