علاقات » خليجي

اختفاء الصحفي السعودي يتطور إلى فوضى دبلوماسية

في 2018/10/10

سايمون هندرسون- ذي هيل- ترجمة معهد واشنطن-

صادف التاسع من تشرين الأول/أكتوبر مرور أسبوع واحد على اختفاء الصحفي السعودي المنفي جمال خاشقجي، بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول، تركيا. وقد كان خاشقجي يعيش في واشنطن لبعض الوقت.

ويخشى الكثيرون من أن يكون خاشقجي قد قُتل. ومن الاحتمالات الكئيبة على نفس القدر من المساواة تقريباً أنه أُعيد إلى السعودية ضد إرادته. وينفي المسؤولون السعوديون أي من الاحتمالين، قائلين إنهم لا يعرفون مكان وجوده ويقولون أنه غادر القنصلية بعد [حضوره] اجتماع.

لا يمكننا التأكد مما حدث، ولكن خلافاً دبلوماسياً ذو أبعاد هائلة بدأ يظهر أمام جمهور في جميع أنحاء العالم في الوقت الذي يستحوذ فيه على تفاصيل دموية مروعة قدمها مسؤولون أتراك. وقد يكون السيناريو الأسوأ هو تعرض خاشقجي للتعذيب والقتل والتشويه، بينما تم تصوير الحادثة [المروعة] بالفيديو.

ربما قد يرغب الكثير من الناس رفض مثل هذه التقارير على أنها غير قابلة للتصديق، أو سيئة المصدر، أو مدوّنة من قبل صحفيين من نوع أولئك الذين يكتبون في الصحف الشعبية. لكن للأسف، تبدو التفاصيل صحيحة للغاية. فقد أفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، بأن خاشقجي "قد قُتل وتم تمزيق جثته." وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن مسؤولين أتراك تم إطلاعهم على القضية، أن الشرطة التركية قد خلصت إلى أن خاشقجي "قُتل في قنصلية بلاده في [إسطنبول] ويبدو أن جثته قد أزيلت من المبنى في أجزاء [مقطوعة]". وأفادت صحيفة "واشنطن بوست"، التي كان يكتب فيها خاشقجي مقالات غالباَ ما انتقدت التطورات في السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان على حد سواء، بأنه "من المحتمل أن يكون قد تم قتل خاشقجي وتقطيع أوصاله".

وقد أعرب الرئيس ترامب عن قلقه. وقال للصحفيين "لا يعجبني السماع عن ذلك وأتمنى أن تُحل هذه المسألة. هناك بعض القصص السيئة حول هذا الموضوع."

وفي الثامن من تشرين الأول/أكتوبر، حث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو المملكة العربية السعودية على "دعم إجراء تحقيق شامل" ودعا المملكة "إلى التحلي بالشفافية حول نتائج هذا التحقيق".

وقبل ساعات قليلة من كتابة هذه السطور، أكد نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس الخطر المتزايد على الصحفيين حيث كتب في تغريدة: "مستاء جداً من التقارير حول الصحفي السعودي جمال خاشقجي. إذا كان ذلك صحيحاً، فإنه يوم محزن. العنف ضد الصحفيين في جميع أنحاء العالم خطر على حرية الصحافة وحقوق الإنسان. العالم يستحق إجابات ".

بنس على حق فعلاً. ومن الأمثلة على ذلك هو المصير المروّع للصحفية البلغارية التي اغتُصبت وقتلت بعد أن كانت تحقق في سوء الاستخدام المحلي لأموال الاتحاد الأوروبي. لكن في فضاء "التغريدات"، اعتبر البعض أن تصريحات نائب الرئيس الأمريكي هي محاولة لإزالة الضغط عن حلفاء السعودية في الإدارة الأمريكية.

من الواضح أن واشنطن تتمنى أن لا يكون خاشقجي قد اختفى، وتريد أن تقلل من أي تداعيات سلبية على المملكة بينما تحاول فرز الخلاف الناشئ بين المنافستين الإقليميتين تركيا والسعودية، اللتان لهما وجهات نظر مختلفة جداً عن دور الإسلام السياسي.

ولا تبدو احتمالات نزع فتيل الأزمة سريعاً أمراً محتملاً. فقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه يجب على السعودية أن تثبت أن خاشقجي قد ترك القنصلية بنفسه. وطالبت تركيا [بأن تُمنح لها إمكانية] الدخول إلى القنصلية، وهو تنازل يبدو أن ولي العهد السعودي قد اتخذه. وعلى الرغم من عدم تمتع القنصليات بنفس المستوى من الحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بها السفارات، فمع ذلك تُعتبر هذه الموافقة خطوة مهمة.

وقد وصفت التصريحات السعودية الأخيرة - التي أدلى بها السفير في واشنطن والشقيق الأصغر لولي العهد، الأمير خالد بن سلمان - التقارير عن تورط السعودية في اختفاء خاشقجي "خاطئة تماماً ولا أساس لها من الصحة".

وفي محاولة تركية لتعزيز الإحراج السعودي على يبدو، نشرت صحيفة "الصباح" التركية في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر تفاصيل غير مؤكدة لرحلتين قامت بهما طائرتان نفاثتان سعوديتان جلبت ما مجموعه 15 رجلاً من الرياض إلى اسطنبول في يوم اختفاء خاشقجي. وقد وصف الإعلام التركي مجموعتي الرجال بـ "فرق القتل".

ووفقاً للصحيفة التركية، عادت إحدى الطائرتين إلى دبي في الإمارات العربية المتحدة ثم إلى الرياض، بينما غادرت الطائرة الأخرى إلى مصر. وقدمت الصحيفة أرقام تعريف كلتا الطائرتين. وفضلاً عن السعودية، تُعتبر أيضاً الإمارات ومصر منافستان إقليميتان لتركيا. وإذا كانت هذه التفاصيل لرحلتي الطيران صحيحة، يمكن للأزمة الدبلوماسية أن تكتسب أبعاداً [أكبر].

قد يكون هذا أسبوعاً مضطرباً بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة [وبعض دول] الشرق الأوسط. نحتفظ ببعض الأمل بظهور خاشقجي، في مكان ما، على قيد الحياة وبصحة جيدة. ولكن لا تعولوا على ذلك.