علاقات » خليجي

ذا إيكونوميست: دبي تعاني بسبب صراعات الخليج.. واقتصادها يترنح

في 2018/11/19

الخليج الجديد-

هناك إشارات متزايدة على أن دبي الإماراتية تواجه مشكلات متصاعدة، أبرز أسبابها هو الصراع في منطقة الخليج الناتج في الأساس عن سياسات ولي عهد أبوظبي وحاكم الإمارات الفعلي "محمد بن زايد"، وولي العهد السعودي "محمد بن سلمان".

ما سبق كان خلاصة تقرير نشرته مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية تناول الأخطار المحدقة بإمارة دبي، ككيان قائم على الاقتصاد غير النفطي بدرجة كبيرة، وهو الاقتصاد الذي يتطلب درجة مقبولة من الاستقرار السياسي والإقليمي أيضا.

وقد أدى ارتفاع أسعار النفط مؤخرا إلى خلق حالة زخم إيجابية في اقتصاد دبي، لكن الاتجاهات تظل هبوطية على المدى الطويل، بحسب ما يقول "إحسان خومان"، الخبير الاقتصادي.

وأضافت المجلة: تراجع سوق دبي المالي بنسبة 20% على أساس سنوي، وهو الأسوأ أداء في الشرق الأوسط، كذلك جاء الانهيار الأخير لمجموعة أبراج، وهي أكبر شركة في مركز دبي المالي العالمي، لتهز الثقة.

وأردفت: تراخيص المنشآت الاستثمارية الجديدة باتت أقل بكثير، وتقلصت العمالة الأجنبية بدرجة مخيفة، ورغم أن دبي تحجب عادة الإحصائيات اللازمة للحصول على تصنيف ائتماني سيادي ، لكن وكالات التصنيف الائتماني خفضت تصنيفها للإمارة، بسبب ضعف الاقتصاد.

وأشارت المجلة إلى أن الأجانب في دبي يشكلون 90% من السكان، لكم رغم ذلك، مدارس المغتربين تغلق أبوابها بعد رحيل أعداد كبيرة من هؤلاء الأجانب، وبات وكلاء العقارات يشكون من تعدد الوحدات الفارغة.. تراجعت أسعار الإيجارات، مما جعل سوق العقارات في دبي، ثاني أسوأ سوق في العالم في 2017، وانخفضت أسهم "إعمار العقارية"، كبرى شركات التطوير العقاري في الإمارة ، بنسبة 38% خلال عام.

وقالت "ذا إيكونوميست" إن الارتفاع الطفيف بأسعار النفط خلال الأسابيع الأخيرة، والانتعاش النسبي للاقتصاد السعودي، وحركة البناء المرتبطة بمعرض "وورلد إكسبو" العالمي أكسبوا بعض المستثمرين تفاؤلا بسيطا، لكنهم لا يزالون قلقين بشأن الصراعات التي طال أمدها في الخليج.

وتوضح المجلة أن "دبي، التي كانت ملاذا آمنا للاستثمار لفترة طويلة في المنطقة المضطربة من الشرق الأوسط، تعرضت مؤخراً لمشكلة أمنية، وفي أغسطس/آب، أُجبر المسؤولون هناك على إنكار مزاعم المتمردين اليمنيين (الحوثيون) بأنهم ضربوا مطار دبي بطائرات مسيرة مسلحة بدون طيار، وهو ما خلق حالة قلق كبيرة.

وأضافت: "ترسو دبي على سياسات محمد بن زايد وولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات، لم يقم بن زايد ومحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، بقيادة الحرب في اليمن وحسب، بل فرضا حصارا على قطر دام 17 شهرا، ونتيجة لذلك، فقدت دبي شريكا تجاريا مهما بحجم الدوحة".

وتابعت: "رحلات الطيران التي تربط المطار المزدحم في دبي بالدوحة، عاصمة قطر، تأثرت.. أصبحت واردات قطر، تفضل موانئ عمان بدلا من ميناء جبل علي، وبدلا من مشاركة دبي في الأعمال التي تولدت عن استضافة قطر لكأس العالم عام 2022، فإن الإمارات تسعى إلى إفساد البطولة".

وبالمثل، والكلام للمجلة البريطانية، فقد تعطلت علاقات دبي التجارية المزدهرة مع إيران، وكانت الإمارة تجني رسوما مربحة من تجارة مع إيران بلغ حجمها 17 مليار دولار، لكن العقوبات الأمريكية الأخيرة على إيران، والتي جاءت بدعم من بعض أمراء الخليج، أثرت على تلك الأعمال، وباتت دبي أقل جاذبية كباب خلفي للتجارة الإيرانية.

وفي مايو/أيار، فكك أمريكيون وإماراتيون شبكة لتبادل العملات في دبي استخدمتها "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري الإيراني، مما أضاف دبي إلى قائمة الأماكن الخاضعة للرقابة والتدقيق لمكافحة غسل الأموال.

وأشارت المجلة إلى أنه مع السياسات الخرقاء لـ"محمد بن زايد" الذي يطلق النار في الخارج، يحاول أمير دبي "محمد بن راشد" معالجة الأمور المتدهورة وقيادة عملية التحفيز بالداخل، وخلال الصيف الماضي، جمد بعض الرسوم المدرسية الخاصة، وخفض أخرى، من أجل منع المزيد من الأجانب من المغادرة، وقدم أيضا تأشيرات عمل طويلة الأجل، وخفف القيود المفروضة على ملكية الأعمال.

هناك مشكلة أخرى، بحسب المجلة، وهي أن الصين ينوون بجدية البدء بتطوير غير مسبوق لميناء الدقم العماني، وهو ما سيؤثر سلبا على ميناء جبل علي بشكل كبير.

لكن ورغم كل ما سبق، يشير متفائلون إلى فرص قد يتم فتحها بسبب مغامرات "بن زايد" الإقليمية، وعلى سبيل المثال، فتح الاستيلاء على الموانئ في اليمن من قبل الإمارات خطوطًا جديدة للتجارة، وقد يستفيد منها في النهاية شركة دبي العالمية، وهي شركة تشغيل موانئ تملكها الإمارة.

أيضا يمكن للجنرال الليبي "خليفة حفتر"، المدعوم من "بن زايد" توفير منافذ مماثلة على البحر المتوسط، ويمكن أن يؤدي التواجد الإماراتي في الصومال إلى خلق أعمال تجارية مع إثيوبيا، وأيضا العلاقات الهادئة للإمارات حاليا مع نظام "بشار الأسد" في سوريا يمكن أن يضمن لها جزءا مهما من عقود إعادة الإعمار.

وتختم "ذا إيكونوميست" تقريرها، قائلة إن "دبي استفادت كثيرا من الاضطرابات في المنطقة والتي جعلتها واحة للاستقرار، بسبب المقارنة، لكنها تخاطر الآن بأن تصبح ضحية لتلك التطورات".