علاقات » خليجي

لماذا تدفع شعوب الخليج ثمن جرائم لم ترتكبها؟

في 2018/12/03

أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-

ان تعطيل مجلس التعاون الخليجي، وانتزاع السعودية والامارات للقرارات الخليجية المصيرية، سيؤدي الى كوارث كبرى لبلدان الخليج، لم ينبت بعد موقفا مقاوما للحماية من وقوعها.

وكما تفيد التقارير القديمة والحديثة، فإن وفرة التدفقات النفطية لم تنجح على مدار عقود، في بناء اقتصاد قوي بدول مجلس التعاون الخليجي، فمع كل مرة تنخفض فيها أسعار النفط، تبدأ دوامة من المشكلات تحيط باقتصاديات دول المجلس، من عجز بالموازنات العامة، وتراجع في الإنفاق، إلى تأجيل لمشروعات عامة كان يعتزم تنفيذها، أو تأخير في تنفيذ مشروعات قائمة.

وقال تقرير للاناضول نصا: "على الرغم من التريليونات التي دخلت خزائن دول الخليج على مدار السنوات الأخيرة، حيث بدأت الطفرة النفطية الثالثة مع بداية عام 2003، ظلت المشكلات الاقتصادية كما هي، متمثلة في معدلات مرتفعة من البطالة، وتضخم يبدو في معدلات مقبولة بحدود 5 بالمئة في المتوسط، ولكنه متخفٍ خلف دعم يشمل مناحي الحياة كافة، يسميه الاقتصاديون التضخم المكبوت، فضلاً عن اعتماد كلي على استيراد الكثير من متطلبات الحياة، مما جعل من دول الخليج تحتل مرتبة عالية في التبعية الاقتصادية.".

والبديل الذي وجدته السعودية حينما انخفضت أسعار النفط العالمية في عامي 2014 و2015، هو اضطرار المملكة إلى إعادة النظر في مواردها المالية، بعد أن تضاعف عجز ميزانيتها إلى 100 مليار دولار عام 2015، ما يمثل 15 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وحذر صندوق النقد الدولي من احتمالية فقدان بعض دول الخليج، بما فيها السعودية، احتياطياتها النقدية في غضون خمس سنوات إذا بقت الأسعار منخفضة.

فقامت السعودية بتخفيض الدعم واستحدثت ضرائب القيمة المضافة وطرحت سندات عالمية 3 مرات في أقل من عام، واقترضت المليارات لسد العجز، كما شرعت في تنفيذ برنامج طموح لتنويع إيراداتها بعيداً عن النفط والمعروف باسم "رؤية 2030"، وهي مبادرة يتبناها ولي العهد محمد بن سلمان.

وكذلك قامت الكويت باجراءات مشابهة لخفض دعم الوقود.

ولم تتأثر الامارات كثيرا بسبب تنوعها الاقتصادي حيث يشكل القطاع غير النفطي نحو 70 بالمائة من اقتصادها، وكذلك قطر بسبب اعتمادها على الغاز.

الا ان هذه الدول تأثرت بلا شك وخفضت ميزنياتها.

واليوم تقوم السعودية باجراءات لخفض اسعار النفط ارضاء لترامب وشراء لحماية ولي العهد السعودي بعد تورطه في جريمة مقتل خاشقجي، وبعد جرائم الحرب المتوقع ان تلاحقه في اليمن، وهذه الاجراءات سيكون الاقتصاد السعودي اكثر المتأثرين بها سلبا، ولكن ما ذنب بقية دول الخليج وخاصة التي لم تنوع اقتصادها، في حمل وزر ولي العهد السعودي ودفع ثمن جرائمه؟

يقول المحللون إن بعض التقشف قد يكون ضروريًا إذا ظلت أسعار النفط منخفضة في 2019، رغم أنه من غير المرجح أن تلجأ السعودية إلى التقشف الحاد ما لم تتعرض لظروف أصعب.

وقال ديفيد باتر، في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس في لندن: "إن انخفاض أسعار النفط سيجدد الحاجة الملحة للإصلاح المالي والهيكلي، وسيجعل من الصعب على الحكومة الاستمرار في تقديم إعانات كبيرة للموظفين الحكوميين، كما سيدفعها لمزيد من إصلاح الدعم".

وما يقوله المحللون يعني مزيدا من التضييق على شعوب الخليج ومزيدا من المعاناة وقد يتسبب في توترات وقلاقل اجتماعية.

لعل ما يحدث يتسبب في استفاقة شعوب ودول الخليج الاخرى الغير متورطة في حماقات السعودية والامارات والتي تورط الخليج ككل في مصائر مجهولة، ولعل الاستفاقة تنتج تعاونا جديدا يكبح جماح السياسات الرعناء ويشكل موقفا خليجيا موحدا متسقا مع قيم العروبة التي دهست تحت عجلات سياسات خرقاء شوهت الخليج وفصلته عن امته العربية والاسلامية.