علاقات » خليجي

الدبلوماسية العمانية تحلق في سماء الخليج

في 2019/01/15

محمد صالح المسفر- الشرق القطرية-

قيادات خليجية تتدافع نحو التطبيع مع إسرائيل بقناعة أن الاقتراب من أحضان واشنطن الدافئة يأتي عبر إسرائيل!

هل تستهدف تحركات عمان رفع الحصار عن قطر أم حشد الخليج ضد إيران وإنهاء قضية فلسطين بصفقة القرن؟

أي محاولة عسكرية ضد إيران كارثة على أهل الخليج، وما بنته دولهم سيكون قاعا صفصفا، فاحذروا يا عقلاء الخليج!

السيد يوسف بن علوي بن عبد الله المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان،هذا الوزير الهادئ وبالكاد تسمع صوته عندما يتحدث، لكن كل كلمة يقولها بميزان، لمّاح سريع البديهة، يمس القضايا الجوهرية بحكمة كي لا يستثير غضب من يخالفه.

انطلق في معراج الثورة لتحرير الخليج إلى أن حط رحاله في بوتقة السلطة، وهذه من محاسن السلطان قابوس الذي استقطب كل معارضيه بمن فيهم من حمل السلاح لقتال جيش السلطان.

بن علوي يحمل في عقله دهاء ميكافيلي وجبروت نابليون أحيانا.

إنه لا يبدي غضبه من محاوريه، لكنه يكاد يتفجر من الغيظ عندما يشعر بأن محاوريه يريدون الوقيعة بما يقول. والحق أن السيد بن علوي عف اللسان واسع الصدر لا يبدي غضبه ويرحب بكل من يخالفه الرأي.

ترأس عُمان الدورة الحالية لدول مجلس التعاون الخليجي، وفي رواية أخرى «مجلس التباعد والتنافر الخليجي»، انه يقوم اليوم بمحاولة لرأب الصدع في جدار الخليج، والخليج العربي يعيش في أسوأ حالاته السياسية والأمنية.

ويعيش أزمة «قيادة رهيبة» تقوده إلى ما لا تحمد عقباه بوعي أو بدون وعي، قيادات تتدافع نحوا التطبيع مع إسرائيل تحت قناعة بأن الاقتراب من أحضان واشنطن الدافئة يأتي عبر إسرائيل.

ويقيني بأن تلك قناعة خاطئة لأن المجتمع الأمريكي فيه حراك يتصاعد ضد السياسات والممارسات الإسرائيلية في المنطقة، ومنظمة «الايباك» ليست هي صاحبة الرأي العام الأمريكي.

قيادات خليجية أنفقت أموالا بالمليارات في الساحة الأوروبية والأمريكية من اجل منح تلك القيادات الشرعية على مواطنيها، ولا أستبعد أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتمويل بناء الجدار العازل بين أمريكا والمكسيك على حساب بعض دول النفط الخليجية، وان لم يدفعوا فإنه سيجد منفذا قانونيا للاستيلاء على الودائع الخليجية في البنوك الأمريكية، وهذا الرئيس ليس له رادع.

يقول كيسنجر في شأن أموال البترول العربي : « علينا القبول بارتفاع أسعار البترول، والعمل على امتصاص الفوائض المتولدة من زيادة الأسعار وتدويرها بواسطة البنوك الأمريكية الكبرى، وتشجيع الأموال الباقية في يد العرب على أنماط في الاستهلاك تهدر الثروة ولا تحفظها. وقال : علينا أن نستخدم جزءا من فوائض الأموال العربية ليكون هو نفسه الاستثمار الذي يوجه لتوفير بدائل للطاقة منافسة للبترول العربي. فهل تريدون أوضح قولا مما يحاك لثرواتنا ؟!. لدينا قيادات ثملة بالمال الوفير، وكان بإمكانها أن تنفقه على مواطنيها والبنية التحتية ( التعليم الصحة، والماء،والكهربا، والصرف الصحي،.. الخ ) إنهم يعلمون أن تكلفة الكهرباء والماء في بعض هذه الدول هي أعلى تكلفة على المستوى العالمي ويتحملها المواطن قليل الدخل أو منعدم الدخل.

بليت المنطقة بقيادات مملوءة بالحقد بعضها على بعض والغيرة والحسد والعياذ بالله. كان هناك خلافات في الماضي لكنها لم تصل إلى ما وصلنا إليه اليوم.

في هذه الأجواء المشتعلة يحلق السيد العلوي وزير خارجية عمان في أجواء الخليج متنقلا من عاصمة خليجية إلى أخرى يرافقه الزياني الأمين العام ( الصامت ) لمجلس.... الخليج لمقابلة قادة هذه الدول الخليجية لعله يجد مخرجا أو بارقة أمل لمخرج من هذه الأزمة أزمة حصار قطر، التي ألحقت أضرارا بالمواطن الخليجي على كل الصعد.

كان بودي أن يصطحب السيد العلوي في تنقلاته بين العواصم الخليجية لرأب الصدع في جدار الخليج ثلة من حكماء الخليج وعقلائه اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة، السيد أحمد خليفة السويدي من الإمارات، والدكتور علي فخرو الوزير السابق من البحرين، وآخرين من الكويت وقطر والسعودية وهم كثر بدلا من السيد الزياني الذي ليس له حضور في الساحة الخليجية وخاصة في الأزمات التي تعتصر هذه الساحة ذات المال الوفير.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تحركات الوزير العماني السيد يوسف بن علوي جاءت بتنسيق أمريكي أوروبي في ظل زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو لدول الخليج العربية إلى جانب زيارة بعض دول الشرق الأوسط ؟

المبعوث الأمريكي الجنرال زيني المكلف بملف الخلافات الخليجية الخليجية أعلن تنحيه عن المهمة لأنه لم يجد بارقة أمل في جهوده وأنه يئس من أي تجاوب من قبل قادة دول الحصار المفروض على قطر، وكذلك المبعوث الفرنسي السيد برتران بزانسنو جمد جهوده في إيجاد مخرج للأزمة الخليجية آنفة الذكر.

الوزير الأمريكي بومبيو قال في القاهرة بشأن الحصار على قطر المفروض من قبل الأشقاء: «لقد حان الوقت لإنهاء الخصومات القديمة» وقال في الدوحة إن الرئيس الأمريكي ترامب «يرى أن الخلاف الخليجي ــ الخليجي طالت مدته» ولعله قال الكثير في عواصم دول الحصار.

لا ريب بأن الشعب العربي في الخليج لديه شكوك في الجهود الأمريكية لإنهاء الحصار، وأنهم على قناعه، تقول لو أرادت أمريكا رفع الحصار عن قطر من قبل الأشقاء فإنها قادرة على ذلك بجرة قلم، لكن أمريكا تريد استثمار تلك الخلافات لمزيد من الابتزاز.

في نطاق السؤال المطروح أعلاه، هل هذه التحركات العمانية حقيقة تهدف إلى رفع الحصار عن قطر والشعب العربي في الخليج من قبل الإمارات والسعودية والبحرين ومصر أو أنها تهدف إلى توحيد الصفوف لأهداف أخرى أهمها التعبئة والتحشيد ضد إيران لشن هجوم مسلح عليها، وكذلك تنفيذ صفقة القرن (إنهاء القضية الفلسطينية).

أصارحكم القول بأن أي محاولة عسكرية ضد إيران من قبل أي طرف خارجي فإنه يوم القيامة على أهل الخليج، وكل ما بنته هذه الدول من إعمار سيكون قاعا صفصفا، فاحذروا يا عقلاء الخليج من أي مغامرة تنجرون إليها.

وإذا كان الهدف صفقة القرن فعندي علم اليقين، بأن هذه الصفقة لن تمشي إلا على الورق، ولن توجد قوة على أرض فلسطين تفرض على أهلها ذلك المشروع الصهيوني الرهيب وبدون إرادة الشعب الفلسطيني فلن يكتب لذلك المشروع النجاح.

آخر القول : أرجو الله أن يوفق السيد يوسف بن علوي في مقاصده، وأرجو الله أن يعيد الرشد إلى عقول «حكام الخليج بالنيابة»، وأذكّر أهلنا في الإمارات بمحاضرة الدكتور جمال سند السويدي رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية في أبوظبي في الشأن الإماراتي.