علاقات » خليجي

دبلوماسية قطر المتجددة

في 2019/01/22

ماجد محمد الأنصاري- الشرق القطرية-

قطر تواجه أزماتها بالتمدد لا الانكماشما يميز الدبلوماسية القطرية فكلما زاد الضغط عليها زاد نشاطها بشكل يربك خصومها.

اليوم تعود قطر مرة أخرى إلى دورها الذي تشكل في نهايات التسعينيات وعبر العقد الأول لهذا القرن.

قطر أخذت مكانها على الخريطة بشكل لا يمكّن خصومها من زحزحتها منه.

في أسبوع واحد أعلن عن دعم قطري عسكري للصومال ومبادرة سمو أمير الكويت بإنشاء صندوق استثمار تكنولوجي عربي وحضر أمير قطر قمة بيروت التي سعت أطراف عربية إلى إفشالها بخفض التمثيل.

هذا الأسبوع على ما فيه من نشاط قطري إلا أنه يمثل نمطاً مستمراً خلال الفترة الماضية، هناك بعث لدور قطر العربي.

هذا الدور مر بتحولات كبيرة منذ 2008 بداية مع الموقف القطري من حرب غزة ثم الربيع العربي ثم فترة التركيز الداخلي بين أعوام 2014 و2017.

اليوم تعود قطر مرة أخرى إلى دورها الذي تشكل في نهايات التسعينيات وعبر العقد الأول لهذا القرن، عبر دعم الوساطات والتنمية والتحرك الإيجابي في الملفات العربية المختلفة.

القوة الناعمة والدور السياسي القطري انطلق انطلاقة كبيرة إبان حكم سمو الأمير الوالد وحول قطر إلى قوة إقليمية لا يستهان بها، لم يمر هذا التحول دون تحديات كبيرة وتضحيات جمة.

ولكن قطر أخذت مكانها على الخارطة بشكل لا يمكن خصومها من زحزحتها منه، الجديد اليوم هو العودة بخطى ثابتة نحو ذات الدور الذي شكل هذا الموقع لقطر في الساحتين الإقليمية والدولية، ويمكن تلخيص هذا الدور في ثلاثة مجالات رئيسية.

المجال الأول هو الدعم القطري لجهود التنمية في الدول العربية والإقليمية التي تعاني من تحديات تنموية، لعب هذا الدور سابقاً في دول عربية مثل الأردن وموريتانيا وجزر القمر ودول أفريقية عديدة.

اليوم تتجه البوصلة مرة أخرى لدعم التنمية في دول مثل الصومال ولدعم المؤسسات الدولية العاملة في المنطقة مثل دعم جهود الأمم المتحدة في اليمن لمحاربة تفشي مرض الكوليرا ودعم تعليم ملايين الأطفال عالمياً.

هذه الجهود قادرة على توفير قوة ناعمة كبيرة لقطر في هذه الدول بالإضافة إلى ترسيخ صورة قطر كنموذج يحتذى به عالمياً، المحذور الوحيد هنا هو أن تكون هذه المشاريع محصنة من النقد الدولي الأمر الذي أصبحت قطر مدركة له ولذلك كان الاتجاه للمشاريع الأممية بشكل أكبر.

المجال الثاني هو الوساطات والمصالحات، وكانت قطر لعبت دوراً كبيراً في هذا المجال سابقاً في ملفات مثل أزمة لبنان ودارفور وتعود إليه اليوم بقوة عبر المصالحة في أفغانستان وغيرها ولا شك أن لدى قطر قدرة عالية في هذا المجال بحكم الإرادة السياسية والوفرة التي تمكن من تحقيق إنجازات كبيرة في هكذا ملفا.

كما أن العمل في تحقيق المصالحات والوساطات يجعل من قطر شريك مهم للقوى الدولية التي تحتاج لمن يمكنه لعب هذه الأدوار حين تكون حدة الاستقطاب الدولي سبباً في أزمات سياسية خانقة مما يوفر لقطر مكانة مهمة وشراكات راسخة.

المجال الثالث هو الشراكات الاستثنائية العابرة للتكتلات والتحالفات الإقليمية، كانت قطر دائماً حريصة على شراكات متوازنة مع مختلف الأطراف وكانت تثار الكثير من التساؤلات حول ما كان يعتبره بعض المراقبون تناقضاً في السلوك الدبلوماسي القطري عبر التواصل مع أطراف متناحرة في الساحة الدولية.

لكن ذلك كان جزءً من فلسفة الدبلوماسية المستدامة التي كانت تبني على تحقيق شراكات غير متوقعة وبالتالي يتحقق منها مردود أكبر، اليوم الموقف من لبنان مثلاً والتواصل مع العراق يمثل اختراقاً في الحالة العربية خاصة وأن قطر تربطها علاقات جيدة الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى بشكل يسهل أن تكون قطر عاملاً مهماً في تحقيق التواصل الدولي بين الفرقاء.

قطر كانت وما زالت تواجه أزماتها عبر التمدد لا الانكماش، وهذا هو المميز الأساسي للدبلوماسية القطرية، فكلما زاد الضغط عليها زاد نشاطها بشكل يجعل خصومها في حالة ارتباك تنقلهم سريعاً من حالة الفعل إلى ردة الفعل وثم الانكماش الذي كانوا يحاولون دفع قطر نحوه.