علاقات » خليجي

ضحايا دول حصار قطر يفضحون الانتهاكات أمام برلمان أوروبا

في 2019/02/20

متابعات-

عقد البرلمان الأوروبي، في مقره ببروكسل، جلسة استماعٍ، هي الأولى، لشهادات ضحايا انتهاك دول الحصار حقوق الإنسان، وعلى رأسها السعودية.

الجلسة التي عقدت أمس الثلاثاء، شارك فيها كلٌّ من القطرية وفاء اليزيدي، إحدى ضحايا الحصار الذي شتَّت عائلتها، والقطرية الطالبة جواهر المير، التي طُردت من جامعة السوربون فرع أبوظبي بسبب الحصار أيضاً، وخديجة جنكيز، خطيبة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي اغتيل داخل مقر القنصلية السعودية في إسطنبول.

كما شارك في الجلسة أيضاً الطالب والأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز، الذي تعرض للسجن والتعذيب في الإمارات وحُكم عليه بالمؤبد، قبل إطلاق سراحه لاحقاً، بعد تدخُّل السلطات البريطانية. إلى جانب عليّ الأسود، عضو البرلمان البحريني، المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة غيابياً، وعلياء الهذلول شقيقة الناشطة المعتقلة في السعودية لُجين الهذلول.

وفي بداية الجلسة، كشف رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، أنطونيو بانزيري، عن عدم تخلي البرلمان عن المعتقلين في السعودية.

وقال بانزيري، في أثناء جلسة لتبادل وجهات النظر بشأن أوضاع حقوق الإنسان بدول الخليج، إن البرلمان الأوروبي "سيواصل دعم ناشطي حقوق الإنسان المعتقلين في السعودية، والمواقف الشجاعة التي صدرت عنهم".

اغتيال حلم

خديجة جنكيز، خطيبة الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، قالت في شهادتها إنها تتحدث اليوم لا بصفتها باحثة، وإنما باعتبارها ضحية حقيقية؛ "حيث كنت أتهيأ قبل أشهر للمستقبل، وأن أتزوج وأبدأ حياة عائلية جديدة. كنا نخطط لحياتنا معاً، لكن القدر لم يسمح لنا بالمضي في ذلك الاتجاه".

وأضافت أن حياتها تغيرت رأساً على عقب منذ ذلك الصباح الذي رافقت فيه خطيبها إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، حيث تم إخفاؤه وقتله.

وأعربت عن أسفها لأن الولايات المتحدة والقوى الكبرى -بسبب مصالح مالية- لم تتحمل المسؤولية لإدانة الجريمة التي وقعت في ذلك اليوم.

وقالت خديجة: "ستكون وصمة عار إذا لم تتم الاستجابة والرد على مقتل خاشقجي، ويجب تقديم المسؤولين عن الجريمة البشعة إلى العدالة".

ظلم

عليّ الأسود، المعتقل البحريني الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد غيابياً، طالب البرلمان الأوروبي والمجتمع الدولي بضرورة التحرك وتحمُّل مسؤولياته، للضغط على حكومة مملكة البحرين ومطالبتها بتحمُّل مسؤولياتها أمام الانتهاكات التي تطول نشطاء حقوق الإنسان.

وقال "الأسود" في مداخلته: "للأسف، لم نر دعم المجتمع الدولي الذي طالبنا به كثيراً، وحلفاؤنا لم يتحملوا مسؤولياتهم ولم يضعوا البحرين أمام مسؤولياتها، والتزموا الصمت أمام انتهاكات حقوق البحرينيين. ونحن بالفعل، قلقون من رد فعل حلفائنا".

وأضاف قائلاً: "نريد استقلالية القرار السيادي للبحرين، وتطورها، وأن تكون شريكاً محترماً على الساحة الدولية، لأنها حالياً تتجه نحو الديكتاتورية بدلاً من الملكية الدستورية المزعومة".

تشتيت الأُسر

المواطنة القطرية وفاء اليزيدي تحدثت وهي متأثرة بشدة عن تفريق الحصار بينها وبين أبنائها الخمسة الذين يحملون الجنسية البحرينية.

وتحدثت اليزيدي قائلة: "أنا امرأة قطرية مطلَّقة، وأبنائي بحرينيون، وعاشوا معي في أوروبا حيث كنت أدرس وأعيش حياة هادئة، فقد سمحت لنا أوروبا بتربية أبنائي في ظروف إنسانية وحرية رأي وتعبير. لقد عشنا حياة طبيعية بلا حواجز ولا فروقات بسبب الجنسية، سواء كنا قطريين أو إماراتيين أو بحرينيين".

وأردفت تقول: "حياتي انقلبت رأساً على عقب منذ الخامس من يونيو 2017، بعد فرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً جائراً على قطر. ومن يومها، تحولت حياتي إلى جحيم، ولم يعد أولادي بإمكانهم الحديث مع ذويهم في البحرين، وباتت كل قنوات التواصل ممنوعة، ولا أحد يتواصل معنا؛ خشية العقاب والتنكيل الذي فرضته دول الحصار من خلال قوانين تمنع التعاطف مع القطريين، ولو حتى داخل الأسرة الواحدة!".

وتابعت اليزيدي: "الحصار شتّت العائلات، ولم نعد نستطيع السفر إلى الحج، وتعرضنا لمعاناة قاسية، حتى إننا حُرمنا من حضور جنازة ذوينا وأقاربنا، وأولادي الذين عاشوا في أوروبا صُدموا، لأنهم تحت طائلة الحصار، ويمكن أن يعاقَبوا إن عبَّروا عن تضامنهم مع والدتهم، أو فضَّلوا البقاء مع أمهم في قطر".

واستطردت في سرد معاناتها، قائلة: "اليوم أذهب إلى المستشفى كل ثلاثة أيام للعلاج، ولا أستطيع رؤية أولادي، لأنني مطالَبة بفحوص طبية كل أسبوع، وتعقَّدت حياتي بشدة. كما أن جوازات سفر أولادي تنتهي بنهاية العام الجاري، ولا أستطيع تجديد جوازاتهم"، مضيفة: "لقد كان أبنائي يريدون العيش مع أمهم، وأعرف قصة أخرى لأم قطرية لها ابنٌ عمره 11 عاماً، ذهب لتجديد جوازه، ومن يومها لم يُسمح له بالعودة إلى أمه منذ نحو عام كامل!".

حرمان من الدراسة

الطالبة القطرية جواهر المير تحدثت عن كيفية فصلها من جامعة السوربون في أبوظبي، رغم تفوقها الدراسي؛ بحجة قطع العلاقات السياسية مع قطر!

قالت المير: "كنت دوماً أتمنى أن أحقق حلمي المتمثل بالوقوف في البرلمان الأوروبي للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، ولم أتصور يوماً أنني سأدخل البرلمان الأوروبي للحديث عن حقوقي التي اغتُصبت!".

وأضافت قائلةً: "اجتهدت وتعبت كثيراً لتحقيق حلم الدراسة في جامعة السوربون الراقية. وخلال العام الماضي وحينما أنهيت كل امتحاناتي، ذهبت إلى قطر لقضاء الإجازة وتركت كل أغراضي في السكن بأبوظبي، ولم أتوقع أنني لن أعود يوماً".

وتابعت متأثرة: "كنت مع عائلتي وأنا أقرأ في شريط الأخبار بقناة الجزيرة عن خبر قطع العلاقات مصدومةً لما حدث، لأن الأمر يتعلق بدول شقيقة، ولم أكن أعرف ما أفعل ولا كيف يكون وضعي".

وأشارت إلى أنها "بعد وقتٍ تجاوزت الصدمة، ولم أشأ إزعاج أساتذتي في الجامعة، لأن القانون يمنع عليهم التواصل معنا. وبعد فترة من الزمن، تواصلت مع إدارة الجامعة، التي لم تتردد في طرد جميع الطلبة القطريين، فردَّت عليَّ برسالة إلكترونية تخبرني بأنه تم تحويلي إلى جامعة السوربون في باريس".

ووجهت المير رسالة إلى المسؤولين في الإمارات، قائلة: "جميلٌ أن تفتح الإمارات جامعة السوربون ومتحف اللوفر بأبوظبي، لكن الأهم أن تجلب القيم الحضارية التي تحملها تلك المؤسسات الراقية، لأن السوربون ومتحف اللوفر مَعلمان ثقافيان، فلا ينبغي الاكتفاء بنقل اسميهما، بل الأهم أن تنقلوا ما تمثله من قيم".

تعذيب ومعاناة

ماثيو هيدجز، الأكاديمي البريطاني الذي كان معتقلاً في السجون الإماراتية والمحكوم عليه بالمؤبد قبل العفو عنه العام الماضي، قدم ملخصاً لوقائع اعتقاله واستجوابه مدة 6 أسابيع دون إدراك الأسباب، لافتاً إلى أنه أحياناً كان يُستجوب خلال 15 ساعة، ويظل واقفاً فترة طويلة.

وسرد معاناته قائلاً: "كنت مهدَّداً بالتعذيب إن لم أقل لمن اعتقلوني ما يريدون سماعه، وتجاوبت معهم وقلت لهم ما يريدون سماعه بأنني جاسوس وأعمل لمصلحة الاستخبارات البريطانية، وألزموني بتوقيع اعترافات بالعربية".

وأضاف: "لقد بقيت في معتقل انفرادي، وعشت معاناة، وأسوؤها تخديري لتهدئتي. لقد حطموني فكرياً، وناولني أعوان الأمن مواد مخدرة ممنوعة طبياً، ما زلت أعاني آثارها في جسدي".

وتابع قائلاً: "وقفت ثلاث مرات أمام المحكمة، وجاء النطق بالحكم خلال خمس دقائق، لتُطوى الجلسة ويُحكم عليَّ بالسجن المؤبد، وأُعدت إلى القاعة المعزولة بلا نوافذ، لولا تدخُّل وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني، الذي تمكن لاحقاً من إطلاق سراحي والعفو عني".

وختم بقوله: "ما عانيته ليس حالة فريدة، وأطلب من الاتحاد الأوروبي أن يصنفوا الإمارات بيئة غير آمنة للطلاب الجامعيين الأجانب، وإن كان لا بد من استمرار صداقتنا مع هذه الدول، فلا بد من أن يتخلوا عن قمعهم وممارستهم، وطريقة تعاملهم مع العالم".

يشار إلى أن السعودية وقطر والبحرين ومصر تحاصر معاً قطر منذ يونيو 2017؛ بدعوى دعم الأخيرة الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة وتقول إن الهدف هو النيل من قرارها الوطني المستقل.

وتننقد منظمات حقوقية سجل دول الحصار الإنساني، بسبب قيامهم بعمليات اعتقال خارج إطار القانون إلى جانب دورهم في حرب اليمن التي أدت إلى مقتل الآلاف ولأزمة إنسانية غير مسبوقة.