علاقات » خليجي

بورقة "الجيران الأصدقاء".. قطر تُطيح بأحلام دول الحصار المونديالية

في 2019/03/13

الخليج أونلاين-

يبدو أن تصريحات قطر الأخيرة التي رحبت بإشراك دولتي الكويت وعُمان في استضافة بعض مباريات النسخة المونديالية المقبلة، التي تحتضنها الدولة الخليجية شتاء عام 2022، قد هزّت كياني السعودية والإمارات بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأجبرتها على الخروج عن طورها بشكل فاضح.

الرياض وأبوظبي تحولتا في الفترة الأخيرة من الهجوم بشدة على مونديال قطر إلى مغازلة ظهرت بوضوح على السطح، في مسعى من العاصمتين الخليجيتين لاقتسامه مع الدوحة؛ وذلك بعدما فشلت جميع الجهود والمحاولات السابقة بسحب تنظيم "العرس الكروي الكبير" من قطر، التي باتت أول دولة خليجية وعربية وإسلامية تنال شرف استضافة النهائيات العالمية.

لكن تلك السياسة "المفضوحة"- بحسب مراقبين- كشفها القطريون مبكراً؛ بعدما أكد الرئيس التنفيذي لـ"مونديال قطر 2022"، ناصر الخاطر، أن إشراك الكويت وعُمان في تنظيم بعض مباريات بطولة كأس العالم المقبلة "في حيز المشاورات"، مشيراً إلى أن الاتحاد الدولي للعبة سوف يتخذ قراراً حاسماً بهذا الصدد، على هامش كونغرس الفيفا، المقرر عقده في العاصمة الفرنسية باريس، صيف هذا العام.

جاءت تصريحات "الخاطر" بالتزامن مع دراسة رُفعت للفيفا، أثبتت أن قطر لن تكون مضطرة لمشاركة المونديال مع السعودية والإمارات والبحرين؛ ما لم تستعد تلك الدول علاقتها مع قطر وترفع الحصار المفروض عليها.

ولفتت الدراسة أيضاً إلى أن الكويت وسلطنة عُمان مؤهلتان لاستضافة بعض مباريات المونديال في حال تم التوافق على زيادة عدد المنتخبات؛ بسبب موقفهما الإيجابي وحيادهما خلال الأزمة الخليجية.

ويدرس الفيفا مقترحاً لاتينياً بزيادة عدد منتخبات المونديال من 32 إلى 48 بداية من نسخة "قطر 2022"، وعدم الانتظار لنسخة 2026، التي تأكدت إقامتها بالعدد الإضافي بعدما نالت دول الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك تنظيمه بشكل مشترك.

وبتلك التصريحات أرادت قطر توجيه رسالة واضحة أنها تُكافئ جيرانها "الأصدقاء"، لا "الأعداء" الذين فرضوا حصاراً خانقاً عليها في شهر رمضان (يونيو 2017)، وطردوا العائلات القطرية وفرقوها في غضون أيام قليلة، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من القيام بعمل عسكري متهور ضدها.

مزاعم "صنداي تايمز"

وبعد يومين اثنين من تصريحات المسؤولين القطريين حول إشراك عُمان والكويت، نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية تقريراً ادعت من خلاله أن قطر "نالت تنظيم كأس العالم 2022 بعدما دفعت مبالغ سرية تُقدر بنحو 880 مليون دولار أمريكي للفيفا".

وربطت الصحيفة البريطانية، المملوكة لـ"روبرت مردوخ" إمبراطور الإعلام اليهودي، بين نيل قناة "الجزيرة الرياضية" حقوق بث مونديالي 2018 و2022، وفوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022، في مقارنة غير منطقية بالنظر إلى أن مهمة شبكة القنوات الرياضية القطرية (تحولت لاحقاً إلى "بي إن سبورت") الحصول على بث البطولات والفعاليات الرياضية بغض النظر عن إقامتها في أي مكان.

مصادر مُطلعة ذكرت لـ"الخليج أونلاين" أن كل ما تحدثت به "صنداي تايمز" هو "إعادة نشر" لأكاذيب ومزاعم نفاها الاتحاد الدولي للعبة في أكثر من مناسبة.

وشددت المصادر على أن الجميع بات يُدرك تلك السياسة والأكاذيب التي تُرَوَّج، وهو ما تجلى في عدم صدور بيان رسمي لـ"اللجنة العليا للمشاريع والإرث" القطرية لنفي تلك الادعاءات، لأنها ليست سوى "أكاذيب قديمة – جديدة"، بحسب المصادر ذاتها.

مونديال قطر فخر العرب

وكانت صحيفة "الغارديان" قد نشرت مقالاً  في يونيو 2014، أكدت فيه أن مردوخ مالك صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية يحرض على مهاجمة قطر وترويج الشائعات ضدها عبر وسائل إعلامه؛ أملاً في أن يُغير الاتحاد الدولي للعبة رأيه ويسحب التنظيم من الدولة الخليجية.

وشددت على أن تنظيم بطولة كأس العالم 2022 في الشتاء من شأنه أن يسبب خسائر مالية للشركات ووسائل الإعلام والقنوات الرياضية التي يمتلكها مردوخ، في ظل صعود قنوات "بي إن سبورت" على الساحة العالمية، خاصة أن لديها سجلاً كبيراً يكفي لمنافسة القنوات الرياضية الأخرى في حقوق البث، ويهدد مردوخ بفقدانها.

احتفاء دول الحصار وأذرعها الإعلامية

وعلى الفور احتفت الأذرع الإعلامية للرياض وأبوظبي بمزاعم "صنداي تايمز"، وطارت فرحاً كأنها حققت انتصاراً بالضربة القاضية على الدوحة، التي تمضي بخُطا ثابتة نحو تنظيم نسخة "غير مسبوقة" في تاريخ بطولات كأس العالم، كما يقول المسؤولون القطريون.

وأفردت تلك الوسائل الإعلامية مساحات واسعة للحديث حول مزاعم الصحيفة البريطانية، التي عادت لتكرر ذات "الإسطوانة المشروخة" منذ سنوات دون جدوى؛ بل العكس تماماً بات العالم يُدرك أكثر فأكثر أنه على موعد "استثنائي" في "قطر 2022".

وكان الفيفا قد نشر، في 27 يونيو 2017، تقرير المحقق الأمريكي مايكل غارسيا، الخاص بالملفات المتقدمة لنيل تنظيم مونديالي 2018 و2022، حيث أظهر نزاهة الملف القطري، وعدم وجود أي شبهة فساد، موجهاً "صفعة قوية" على وجه دول حصار قطر.

وواجهت قطر منذ نيلها الاستضافة المونديالية، في 2 ديسمبر 2010، سلسلة من الخطط والعقبات التي كانت تستهدف بقوة سحب استضافة النهائيات العالمية منها؛ على غرار ملف "حقوق العمال"، و"درجات الحرارة المرتفعة"، و"الأزمة الخليجية"، و"حصار قطر"، لكنها نجحت في كل مرة في تخطيها باقتدار، ماضية بثبات نحو نسخة 2022.

وفي مايو 2017، افتتحت قطر "استاد خليفة الدولي" بحُلّته المونديالية، وكشفت أواخر 2018 عن تصميم استاد لوسيل أكبر ملاعب المونديال بطاقة استيعابية تقدر بـ80 ألف متفرّج، والذي سيحتضن مباراتي الافتتاح والنهائي..

ومن المقرّر أن يكتمل بناء استادي الوكرة والبيت في العام الحالي 2019، على أن تكتمل جميع الملاعب في عام 2020؛ أي قبل عامين كاملين من صافرة البداية، التي تنطلق في الـ21 من نوفمبر، في حين سيكون الختام في الـ18 من ديسمبر؛ تزامناً مع اليوم الوطني لدولة قطر.

مونديال قطر الإرث والاستدامة

وكانت قطر قد نالت حق استضافة مونديال 2022 بـ32 منتخباً، وتعهّدت منذ تلك اللحظة بتنظيم أفضل نسخة في تاريخ دورات كأس العالم، كما تسلّم أميرها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في منتصف يوليو الماضي، رسمياً، راية استضافة بلاده النسخة المونديالية المقبلة.

ويُترقَّب على نطاق واسع أن يكون مونديال 2022 "حديث العالم"، في ظل ما تُنفّذه الدوحة من مشاريع مختلفة تطول البنية التحتية؛ من فنادق، ومطارات، وموانئ، وملاعب، ومستشفيات، وشبكات طرق سريعة، ومواصلات، وسكك حديدية؛ من أجل استقبال ما يزيد على مليون ونصف مليون من المشجعين والجماهير الذين سيتوافدون على البلاد لمتابعة كأس العالم.