علاقات » خليجي

هكذا تضرب التصدعات العلاقة السعودية الإماراتية

في 2019/08/09

ناشيونال إنترست-

لم تكن العلاقات بين السعودية ودولة الإمارات سلسة دائما. وحتى قبل استقلال الإمارات عام 1971، كانت العلاقات بين العائلتين الحاكمتين؛ "آل نهيان" في أبوظبي، و"آل سعود" في الرياض، متوترة بسبب النزاعات الحدودية وصراعات السلطة. ومع ذلك، يبدو البلدان اليوم أقرب من أي وقت مضى.

كما أظهرت السعودية والإمارات، على مدى العقد الماضي، شراكة قوية في عمليات صنع القرار، حيث يراقبان معا عن كثب المسائل الاستراتيجية الرئيسية في المنطقة.

وتم التعبير عن قوة تعاونهما في اهتمامات وساحات متنوعة، مثل دعم ظهور الرئيس "عبدالفتاح السيسي" في مصر عام 2014، وتوحيد قواهما في حملتهما المشتركة في اليمن عام 2015، وفرض مقاطعة غير مسبوقة على قطر عام 2017، وإدخال قوانين وطنية رائدة في كلتا الدولتين مثل قانون ضريبة القيمة المضافة عام 2018، وكلها حدثت في أوقات شهدت تغيرات سريعة وهامة داخل أراضيهما.

ويرتكز التحالف بين الدولتين على العلاقات الشخصية الوثيقة بين ولي العهد السعودي، حاكم الأمر الواقع، "محمد بن سلمان"، وولي عهد الإمارات، حاكم الأمر الواقع أيضا، "محمد بن زايد".

وتستند العلاقات أيضا إلى وجهات النظر المتماثلة في الشؤون العالمية، وإن لم تكن متطابقة، حيث يرى كل منهما الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني قوتين مزعزعتين للاستقرار في الشرق الأوسط. ومع ذلك، مثلما هو الحال في العلاقات الرومانسية، فكلما أصبحت أكثر كثافة ووزنا، زادت الصعوبات التي تقابلها وتعقدت أكثر.

هكذا تعقدت العلاقة

ويمنحنا التوتر الأخير في الخليج لمحة عن واحد من العديد من النزاعات بين السعودية والإمارات، بشأن وجهات النظر المختلفة تجاه الاستجابة المناسبة في التحديات المشتركة، وهذه المرة كان الخلاف في إيران. ففي حين اتخذت السعودية موقفا علنيا استخدمت فيه لغة المواجهة تجاه إيران، ظلت الإمارات غامضة في تغطيتها الإعلامية للأحداث، ولم توجه أصابع الاتهام بشكل لا لبس فيه إلى إيران.

وفي أول هجوم على 4 من ناقلات النفط في خليج عمان، في 12 مايو/أيار، حاولت الإمارات التقليل من أهمية الهجمات، مدعيةً أن الأضرار الناجمة كانت طفيفة. وفي حين ادعت بعض التقارير أن السعودية فضلت ردا عسكريا على إيران، سعت الإمارات إلى تهدئة الموقف عبر الدبلوماسية.

ويوجد نزاع إضافي بين البلدين يتعلق بالحرب في اليمن. ومنذ عام 2015، اشتركت كل من السعودية والإمارات في قيادة الحملة في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، التي تزودهم بالأسلحة والمستشارين والمال. فبينما ركزت القوات السعودية على العمليات الجوية، لعب الجيش الإماراتي دورا أكثر أهمية على الأرض، مما أدى إلى العديد من النتائج التي غيرت اللعبة.

وعلى الرغم من أن السعوديين قد جلبوا حلفاءهم إلى الحرب، كانت الإمارات حتى الآن هي التي تقود عجلة القيادة، مع الانسحاب التدريجي المعلن عنه مؤخرا من اليمن. وفي طبيعتها الحذرة والمعقدة، توقفت الإمارات لحساب تكاليف معاركها المتعددة على جبهات موسعة، وأدركت أنها يجب أن تركز قوتها لمواجهة التحديات العاجلة والدقيقة بدلا من تشتيتها.

ومع ازدياد التوتر مع إيران، اتخذت الإمارات خطوة سريعة لمواجهة التهديد المتزايد بإعطائه المزيد من الاهتمام وإعادة تخصيص الموارد العسكرية تحسبا لأي تطور محتمل.

وكان النقد الدولي المتزايد حول الآثار الإنسانية للحرب اليمنية بمثابة حافز آخر للانسحاب الإماراتي. وربما يكون انسحاب الإمارات من اليمن، دون ترتيب مرضٍ مقبول لدى المملكة، مصدرا محتملا للصراع بينهما، وضربة قاتلة لمحاولة السعودية إظهار ذاتها في صورة المنتصر في ساحة المعركة.

وعلى الرغم من التوتر المتزايد والخلافات الظاهرة بين الدولتين، إلا أن علاقتهما ما زالت بعيدة كل البعد عن التحول إلى أزمة، لأنها تقوم على شراكة أيديولوجية واستراتيجية عميقة.

وتدور الخلافات في هذه المرحلة أساسا حول أساليب العمل ودرجات القوة التي يهتم كل طرف بتطبيقها، سواء فيما يتعلق بالعمل العسكري أو القرارات الدبلوماسية أو العمليات الاجتماعية.

ومن بين الطرفين، تتصرف الإمارات مثل "شخص مسؤول" في خياراتها التكتيكية، بينما أظهر "محمد بن سلمان" أنه كان أكثر تهورا. وعلى الرغم من قناة الاتصال المفتوحة بين الزعيمين، إلا أن السياسات الاستباقية المستمرة لدى كل منهما تزيد من التحديات المحتملة التي تواجه العلاقة بينهما.

المنافسة العربية العربية

وشكل الصراع بين إيران والدول العربية السنية الطريقة التي يفهم بها الباحثون والصحفيون ومحللو الاستخبارات الديناميات الإقليمية لعدة أعوام. ولهذا الصراع آثاره الجيوستراتيجية والأيديولوجية على المنطقة، التي تؤثر بالتأكيد على العديد من الساحات.

ومع ذلك، إلى جانب هذا الصراع، كانت هناك معركة أخرى تدور منذ فترة لها أيضا تأثير كبير على شكل الشرق الأوسط وما ورائه. حيث كانت المنافسة بين دول الخليج العربي، كما رأينا في شمال أفريقيا واليمن والبحر الأحمر والساحة الفلسطينية، قد تركت بصمتها على المنطقة.

وتؤثر هذه المنافسة، التي تحركها تطلعات كل دولة للتأثير والمكانة في العالم العربي، بشكل غير مباشر، على قضايا مثل الانتشار النووي وسباقات التسلح الإقليمية، وبالتالي تطرح تحديات جديدة لأمن الشرق الأوسط.

وفي الماضي، أبدت كل من الإمارات والسعودية ضبط النفس في إدارة الشؤون الخارجية. ولقد تراجعا دوما في ظل دول أخرى، واستفادا بشكل أساسي من ميزتهما الاقتصادية النسبية.

أما اليوم، فهما القوة الدافعة وراء العديد من التغييرات الإقليمية، وأصبحا لاعبين رئيسيين في العديد من الساحات. ومع ذلك، مع هذه السلطة تأتي ثقل المسؤولية عن الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. وفي هذا الصدد، يبدو أن السعودية والإمارات ينفذ كل منهما أساليب متباينة فيما يتعلق باستخدام القوة.