الخليج أونلاين-
ما لم تحققه السياسة خلال الأزمة الخليجية وتعنُّت السعودية وتصرُّفها الأخير بمنع وزيرة الصحة القطرية، حنان الكواري، من المشاركة في اجتماع خليجي، مؤخراً بالرياض، حققه فيروس "كورونا المستجد" بعد انتشاره في عدد من الدول الخليجية.
وأجبر الفيروس دول الحصار، وعلى رأسها السعودية، على عقد لقاء طارئ عبر الفيديو، لوزراء الصحة بدول مجلس التعاون الخليجي، السبت 14 مارس 2020؛ لمناقشة مستجدات فيروس "كورونا،" حسبما ذكرت وزارة الصحة العمانية، بمشاركة دولة قطر.
وأعطى عقد الاجتماع لجميع وزراء دول مجلس التعاون الخليجي عبر الاتصال المرئي، والذي تم بناء على دعوة من الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، نايف الحجرف، صورة موحدة للدول الخليجية رغم حالة الانقسام المستمرة التي تقودها السعودية والإمارات والبحرين ضد قطر.
وناقش الاجتماع الوضع الجاري بكل دولة، شاملاً الإجراءات المتبعة في المنافذ، والإحصاءات المتعلقة بفيروس كورونا "COVID-19"، وجاهزية القطاع الصحي، والخطط الإعلامية والتوعوية، وخطط الطوارئ.
وحث الوزراء المواطنين والمقيمين بدول المجلس على تطبيق معايير مكافحة العدوى، وتجنُّب الذهاب لأماكن التجمعات قدر الإمكان، والمحافظة على إجراءات السلامة الوقائية المتبعة في مثل هذه الحالات.
وشددوا على أهمية تلقي المعلومات من المصادر الرسمية، وعدم الانسياق خلف الشائعات وحسابات التواصل الاجتماعي غير الرسمية.
والخميس (20 فبراير الماضي)، عبَّرت وزارة الخارجية القطرية عن أسفها واستنكارها لعدم منح السعودية تصريح دخول للدكتورة الكواري، وزيرة الصحة في دولة قطر، لحضور الاجتماع الذي دعت إليه الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي للتعامل الوقائي مع فيروس كورونا، إلا بعد بدء الاجتماع.
وحينها قالت الخارجية القطرية في بيان لها على حسابها الرسمي بـ"تويتر": "لطالما ادَّعت السعودية أن منظومة مجلس التعاون الخليجي، خاصةً اللجان التقنية، فعالة ولم تتأثر بالأزمة الخليجية، لنفاجأ بها وقد سيّست قطاعاً إنسانياً، تتطلب الحكمة والضرورة إبعاده عن الخلافات السياسية".
ودعت وزارة الخارجية في قطر، السعودية إلى "الاضطلاع بدورها كدولة المقر لمجلس التعاون الخليجي بحياد ومهنية، وتؤكد التزام قطر التعاون مع دول الخليج كافة للمواجهة الوقائية لفيروس كورونا، كما تتمنى لجميع شعوب المنطقة الأمن والسلامة".
وجاء هذا بعد يوم واحد من ترحيب قطر بأي جهود تدعم حل الأزمة الخليجية، حيث قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: "نرحب بكل جهد يسعى لحل الأزمة في الخليج، وقطر تدعو دول الشرق الأوسط إلى اتفاق أمني مشترك قائم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها".
فشل المحادثات وأمل قائم
وبدأت الأزمة الخليجية في 5 يونيو 2017، وهي الأسوأ منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981، حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها حصاراً خانقاً غير مسبوق؛ بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الدول الأربع بمحاولة فرض السيطرة على قرارها المستقل والتعدي على سيادتها الوطنية.
وطيلة فترة الأزمة الخليجية لم تنجح الجهود في إتمام المصالحة الخليجية، بسبب تعنت دول حصار قطر.
وتوقفت المحادثات التي استهدفت إنهاء الأزمة الخليجية الممتدة منذ نحو ثلاث سنوات لم تشهد تحقيق أي انفراجة، وفق تأكيد وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وأكد وزير الدبلوماسية القطرية، في تصريحات لقناة "الجزيرة" الإخبارية، السبت (29 فبراير)، أنه لم يحدث أي اختراق لحل الأزمة الخليجية.
وقال "آل ثاني": "كنا نتمنى حلاً للأزمة الخليجية، لكن لم يكن هناك أي نجاح لجهود الحل، ما زلنا منفتحين على أن تكون هناك حلول إيجابية قائمة على احترام سيادة الدول".
الدكتور عائد المناع، الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، يؤكد أنه برغم حدوث الأزمة الخليجية فإن مجلس التعاون الخليجي لا يزال مظلةً قائمة لدول المجلس، ولم تتوقف قطر عن حضور كل الاجتماعات الخاصة به سواء في القمم الخاصة به على مستوى القادة، أو اجتماعات دون ذلك.
ويعمل الجميع، وفق حديث "المناع" لـ"الخليج أونلاين"، على تجاوز الأزمة الخليجية، ولكن قضية الوحدة في هذا التوقيت تعد أمراً مبكراً قليلاً، لأن متطلباتها تحتاج وقتاً.
ويقول "المناع": "الأنظمة والدول الأخرى لديها تنظيماتها الخاصة، وحقيقة لا تتوافق مع التوجه الكويتي في هذا الجانب، ومع ذلك الكويت تسعى إلى الوحدة المدروسة التي لا تحصل بعدها انتكاسة كما حدث في تجارب عربية سابقة كالوحدة السورية المصرية عام 1958".
ويستدرك بالقول: "نريد بيتاً خليجياً متماسكاً وقوياً، وسنتجاوز الأزمة الحالية وبعدها سيكون لكل حادث حديث".
وعن إجراءات دول الخليج للتصدي لفيروس "كورونا المستجد"، يوضح الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، أن "الدول الخليجية اتخذت إجراءات صارمة ومحاولات جادة على الصعد كافة؛ للحد من انتشار وباء كورونا".
وعملت الدول الخليجية، وفق "المناع"، على تعطيل الدراسة في المدارس والجامعات، والعمل الحكومي، ومنع التجمعات بأماكن معينة، ومنع إقامة الحفلات الحكومية والخاصة، والأفراح.
وتهدف الإجراءات الرسمية لدول الخليج، كما يوضح "المناع"، إلى محاولة إبعاد أي تقارب بين الناس؛ خشية انتقال العدوى، ومن ثم انتشار المرض، لذلك أقامت مراكز للاتصال بها والعمل على التحقق مما إذا كان هناك مصابون أو لا، كذلك تمت إقامة مستشفيات وفنادق لحجر المشكوك في إصابتهم.
كما اتخذت دول الخليج عديداً من الإجراءات لمنع انتشار فيروس كورونا، مثل تقييد حركة الطيران أو العبور من خلال المنافذ البرية، فضلاً عن إجراءات الحجر المؤسسي أو المنزلي، إضافة إلى أن هناك خطاباً إعلامياً متواصلاً ليل نهار في وسائل الإعلام؛ للحث على التزام إجراءات السلامة والوقاية كافة.
وزاد الانتشار بدول الخليج مع توسع انتشاره في إيران، بسبب وقوعها على الضفة المقابلة للخليج العربي ووجود حركة تنقُّل واسعة معها.