صحيفة لوموند الفرنسية-
في مقابلة خص بها صحيفة “لوموند” الفرنسية بمناسبة مرور ثلاثة أعوام على حصار قطر، تحدث وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني عن تداعيات هذه الأزمة، في الوقت الذي تواجه فيه جميع الدول الخليجية وباء كوفيد-19. كما تطرق إلى التطورات الأخيرة في ليبيا، ومساعي إسرائيل لضم أراضي الضفة الغربية المحتملة، وكذلك مستقبل اتفاق الدوحة لإنهاء الأزمة الأفغانية.
مراسل “القدس العربي” بباريس، ترجم نص هذه المقابلة التي أجراها مراسل “لوموند” في بيروت الصحافي المخضرم بنجامين بارت مع رئيس الدبلوماسية القطرية:
* في خريف 2019، كانت هناك علامات حدوث انفراج بين الفاعلين في الأزمة الخليجية. ثم توقف هذا التقارب. أين نحن اليوم؟
للأسف، جهود العام الماضي لم تنجح، على الرغم من إحراز بعض التقدم. يبدو أن المعسكر الآخر لم يرغب في الدخول في مفاوضات حقيقية. ومع ذلك، تستمر جهود الوساطة التي يقوم بها أمير دولة الكويت والولايات المتحدة. وما زلنا على استعداد لمناقشة حل طويل الأمد، طالما أنه لا ينتهك سيادتنا ولا ينتهك القانون الدولي. لكن يجب فهم أن هذه الأزمة مفتعلة مع حملة تشويه ودعاية ضد قطر لا مبرر لها، ومازالت مستمرة حتى يومنا هذا. وعدم إحراز تقدم كبير في المفاوضات، يعود إلى البعد المصطنع للأزمة والذي لم يتم الاعتراف به على الإطلاق.
*حاولت الولايات المتحدة حل الجانب الجوي للأزمة من خلال الضغط على السعودية والإمارات العربية المتحدة لإعادة فتح سماء طائرات الخطوط الجوية القطرية. ما مدى صرامة واشنطن بهذا الخصوص؟
لم يتم إحراز أي تقدم حتى الآن. لكننا ما زلنا على اتصال وثيق مع الأمريكيين. هذه القصة غير قانونية منذ البداية. قضيتنا معروضة على المحكمة الجنائية الدولية ومنظمة الطيران المدني الدولي ونأمل في استعادة مجالنا الجوي.
*في إطار النقاش حول العامل ما بعد كورونا.. ما هو موقف قطر؟ ما الذي يجب تغييره حتى لا تتكرر أزمة صحية مثل الأزمة التي مررنا بها؟
لا يمكن لأي بلد أن يشعر بعد الآن بأنه في أمان، وهذا هو المعطى الجديد. فالأوبئة السابقة مثل السارس لم تنشر بالطريقة التي انشتر فيها وباء كوفيد-19 الذي وصل إلى الجميع. لذا فإن الدرس الأول من هذه الأزمة هو أن كل بلد في العالم بحاجة إلى نظام صحي قادر على التكيف.
ثم أن هناك حاجة إلى تعزيز التعددية والتعاون الدولي، لضمان أن يكون لدى الدول منصة موحدة لتبادل الآراء والخبرات. وأخيرًا، يجب علينا ضمان حماية قنوات التوريد، حتى نتمكن من تلبية احتياجاتنا المحلية، ولكن أيضا احتياجات البلدان الأخرى.
*هل يمكن لمجلس التعاون الخليجي التغلب على الانقسامات بين أعضائه لمساعدتهم على مواجهة الأزمة الاقتصادية ما بعد كوفيد 19؟
حصار قطر، أضرّ بدول مجلس التعاون الخليجي. كنا نأمل أن تسود الحكمة في هذه الفترة من الأزمة العالمية وأن تؤدي التحديات التي تواجهنا إلى إعادة إطلاق التعاون الإقليمي. للأسف، ما يزال مجلس التعاون الخليجي مشلولاً. وخلال الوباء تم تنظيم اجتماع لوزراء الصحة بالدول الأعضاء في الرياض، لم يُسمح لوزيرنا بالسفر لحضوره إلا عندما انتهى. وهذا يدل على عدم الجدية في مواجهة الأزمة. الخلافات السياسية تغطي على احتياجات شعوبنا. عقلية الحصار هي الأقوى.
*في ضوء التحضيرات لكأس العالم 2022، التي ستقام على أراضيها، وعدت قطر مراراً بإلغاء نظام الكفالة، الذي يربط العمال المهاجرين في الخليج بأرباب عملهم. ولكن على الرغم من التقدم، ما يزال الإلغاء الفعال لهذا النظام معلقاً؟
لقد حققنا الكثير من التقدم في مجال حقوق العمال. نحن في صدد إلغاء نظام الكفالة بشكل نهائي.
* لم يعد العمال بحاجة إلى الحصول على تأشيرة خروج للسفر. لكن شهادة عدم الممانعة ما تزال مطلوبة، وبدون هذه الوثيقة، لا يمكن للمهاجرين تغيير وظائفهم بحرية؟
يمكن للمهاجرين الراغبين في تغيير وظائفهم والذين يرفضهم صاحب العمل بشكل غير قانوني تقديم التماس إلى مكتب شكاوى العمل. وبالنسبة لرفع شهادة عدم الممانعة، فإنه سيتم قريباً، وسيتم تحديد الحد الأدنى للأجور قريباً.
*ما الدروس التي يمكن أخذها من فشل/ إخفاق خليفة حفتر، هذا المارشال الليبي المنشق، الذي خسر للتو معركة طرابلس، ضد قوات حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج؟
نحن نقول منذ اتفاق الصخيرات عام 2015، إن الصراع في ليبيا يجب أن يحل بعملية سياسية وليس بالانقلابات والعدوان العسكري. لطالما فضل حفتر العنف. ويهتم بالعملية السياسية فقط عندما يخسر جولة، حتى يتسنى له العودة بقوة. إذا كان هناك درس يمكن استخلاصه، فهو أنه يجب على المجتمع الدولي الامتثال للعملية السياسية، في إطار القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. فالقيام بذلك، كان من شأنه أن ينقذ العديد من الأرواح الليبية وأن يحمي موارد البلاد المهمة.
*رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد يعلن ضم جزء من الضفة الغربية في يوليو/ تموز القادم. تم انتقاد هذا المشروع بالإجماع تقريبا. لكن لا يوجد اتفاق حول كيفية الرد. بماذا توصي؟
نحن نرفض هذه المبادرة التي تعادل زرع المسمار الأخير في نعش عملية السلام. إن ضم هذه الأراضي سيدفن أي إمكانية لتسوية النزاع في المستقبل. ستكون الآثار الأمنية والاقتصادية والاجتماعية كارثية على المنطقة بأسرها. وتشترك العديد من الدول في هذا الموقف. لكن الواقع هو أننا لا نرى اتفاقًا بين المجتمع الدولي حول كيفية احترام هذا الموقف. إنه شيء قديم قدم الاحتلال الإسرائيلي.
*احتضنت قطر في شهر فبراير/ شباط الماضي اتفاق السلام التاريخي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية. منذ ذلك الحين، وقعت عدة هجمات في البلاد. ما الذي يمكن فعله للحفاظ على هذه المعاهدة التي تبدو على وشك الانهيار؟
لا يوجد انهيار. هذا الاتفاق كان يُنظر إليه دائماً على أنه خطوة أولى. فلن يتحقق السلام الحقيقي إلا عندما تتحدث حكومة كابول من جهة وحركة طالبان من جهة أخرى، مع بعض. ونحن نأمل في أن يبدأ هذا الحوار الأفغاني قريبا.