كريستيان أولريخسن - ريسبونسيبل ستيت كرافت -
قال تقرير صدر في 9 يوليو/تموز، عن قناة "فوكس نيوز"، إن الإمارات منعت اتفاقا عمل عليه المسؤولون الأمريكيون لإنهاء جانب رئيسي من الحصار المفروض على قطر منذ 3 أعوام من قبل الإمارات والسعودية والبحرين ومصر. ويدل هذا الأمر على صعوبات إنهاء النزاع الذي أصبح راسخا بشكل متزايد.
ونقلت شبكة "فوكس نيوز" عن مسؤولين مجهولين أن الإمارات طلبت من السعودية رفض دعم اقتراح مدعوم من الولايات المتحدة لإعادة فتح المجال الجوي السعودي والإماراتي أمام شركة الخطوط الجوية القطرية.
وفي حين يشمل الحصار المفروض على قطر قضايا أكبر، فقد أصبح المجال الجوي أولوية من منظور الولايات المتحدة، لأنه يتقاطع مع محاولة إدارة "ترامب" لعزل إيران والضغط عليها.
وفي الأشهر الأخيرة، قام المسؤولون الأمريكيون بعدة محاولات للتوسط في اتفاق لفتح المجال الجوي كجزء من حملة لإحراز تقدم ملموس في إنهاء الخلاف بين شركاء الولايات المتحدة المقربين، من خلال التركيز على قضايا محددة بدلا من التمسك بالمصالحة العامة أو الوصول لاتفاق كبير.
وبدأ الحصار المفروض على قطر في 5 يونيو/حزيران 2017، عندما قطعت السعودية والبحرين ومصر والإمارات، العلاقات السياسية والاقتصادية مع قطر، وأغلقت الحدود البرية الوحيدة للإمارة، مع السعودية، وقيدت تحليق رحلات الطيران القطرية فوق مجالها الجوي.
ولم يؤد ذلك إلى زيادة فاتورة الوقود الخاصة بشركة الطيران القطرية فحسب، ولكنه دفع الشركة إلى استخدام المجال الجوي الإيراني في معظم رحلاتها المتجهة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
أزمة المجال الجوي
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، أصبحت قضية المجال الجوي إشكالية لسببين. أولا، لأن قطر تضطر إلى الدفع لإيران للمرور فوق أجوائها، وهي مدفوعات قدرها تقرير "فوكس نيوز" بحوالي 133 مليون دولار سنويا.
ولا يتلاءم هذا بسهولة مع جهود إدارة "ترامب" للضغط على النظام الإيراني من خلال مجموعة من العقوبات المباشرة، والضغط على شركاء أمريكا للحد من تعاملاتهم مع طهران.
ثانيا، بالنظر إلى حقيقة أن الدبلوماسيين الأمريكيين وأفراد الجيش يسافرون بانتظام على الرحلات الجوية التي تديرها الخطوط الجوية القطرية، فإن ذلك يُعرّضهم لمخاطر محتملة أثناء وجودهم في المجال الجوي الإيراني.
وفي 8 يناير/كانون الثاني، أظهر حادث إسقاط طائرة ركاب بطريق الخطأ أثناء مغادرتها مطار الإمام الخميني في طهران المخاطر الكامنة للتوتر المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة، حيث مرت طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية القطرية إلى الدوحة قبل دقائق فقط من طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية المنكوبة التي تم استهدافها عن طريق الخطأ.
وبعد محاولة سابقة من قبل المسؤولين الأمريكيين لصياغة اتفاق من شأنه إعادة فتح المجال الجوي "للدول الأربعة" أمام شركة الخطوط الجوية القطرية تعثرت في أوائل عام 2020، أطلقت إدارة "ترامب" مبادرة جديدة في يونيو/حزيران، مع دخول الحصار عامه الرابع.
ويبدو أن فشل هذه المحاولة الأخيرة هو ما دفع المسؤولين المجهولين إلى إطلاع "فوكس نيوز" على التفاصيل، حيث بدأت الشبكة تقريرها ببيان صريح أن الوقت قد حان لشركاء أمريكا في الخليج "كي يتحدوا لحماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط".
وكانت العقبة التي تحول دون حل الصدع في الخليج، ولا تزال، هي اختلال التوازن بين مصالح جميع الأطراف المعنية، فضلا عن عدم القدرة على طريقة للمضي قدما نحو التوصل إلى حل مرضٍ لجميع الأطراف
فشل أمريكي
وفي حين كان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يأمل في إنهاء الحصار عام 2018 من خلال الاجتماع بشكل منفصل مع قادة الدول، والاتفاق حول عقد "قمة للمصالحة" في كامب ديفيد، لم يكن من المرجح أن ينجح مثل هذا النهج، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن القيام بذلك كان سيعني إراقة ماء وجه أحد طرفيْ الصراع.
ومع ذلك، من خلال التحول إلى قضايا محددة، اعتمدت الولايات المتحدة النهج الذي اتخذه المسؤولون القطريون منذ البداية، وهو تقسيم القضايا والتركيز على كل حزمة على حدة.
وفي أواخر عام 2019، أظهر الحوار بين المسؤولين السعوديين والقطريين، والذي بدا واعدا في البداية قبل أن ينتهي دون نتيجة، صعوبة محاولة إنهاء الخلاف أو على الأقل تخفيفه.
وبدأت المحادثات الثنائية في أعقاب هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية على منشآت النفط السعودية في "بقيق" و"خريص" في سبتمبر/أيلول الماضي، وبدا أن الجانبين يحرزان تقدما، مما زاد الآمال في إذابة جليد العلاقات السعودية القطرية قبل القمة السنوية لدول الخليج في الرياض في ديسمبر/كانون الأول.
لكن قطر فوجئت أن السعودية لم تكن مستعدة لتقديم تناولات في هذه المصالحة، سواء عبر إعادة فتح الحدود البرية أو إنهاء القيود المفروضة على المجال الجوي.
ورصد مراقبو المحادثات السعودية القطرية تحولا في لهجة السعودية بعد أن أمضى ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" وقتا في أبوظبي مع ولي العهد الإماراتي "محمد بن زايد" خلال الاجتماع نصف السنوي لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.
ولو نجح القطريون في معالجة القضايا المتعلقة بالحصار ثنائيا مع السعودية، لكانوا قد أحدثوا انقساما داخل كتلة الحصار، عبر التعامل مع كل دولة على حدة بدلا من المجموعة ككل.
وبالنظر إلى أن البحرين ومصر تلعبان أدوارا ثانوية في تكتل الحصار، كان من الممكن أن يؤدي تحييد السعودية إلى عزل الإمارات وتوجيه أصابع الاتهام إلى أبوظبي بأنها المسؤول الأوحد عن أعمق أزمة في السياسة الخليجية خلال عقود.
وسوف يكون هذا متسقا أيضا مع الإجماع الواسع على أن الكثير من أسباب الخلاف التي خلقت الحصار نشأت في أبوظبي وليس في الرياض، وأن الخلاف لا يمكن أن ينتهي إلا عندما تكون القيادة في الإمارات مستعدة للمضي قدما.
ومهما كان ما قيل خلف الأبواب المغلقة، يبدو أنه كان كافيا لعرقلة الحوار السعودي القطري الذي انتهى في يناير/كانون الثاني دون اتفاق.
وبالتالي فإن التحدي الذي يواجه المسؤولين الأمريكيين والوسطاء المحتملين الآخرين هو أنه لا توجد طريقة واحدة أو مباشرة لحل الخلاف بطريقة مقبولة لجميع أطراف النزاع.
وأدى عدم وجود توافق في الآراء باستمرار إلى تقويض الجهود المبذولة لحل القضايا الخلافية، ولا يبدو أن ذلك سوف يتغير قريبا.
ويبدو أن "محمد بن سلمان" يواجه تحديا صعبا للموازنة بين الضغوط الأمريكية لرفع القيود على المجال الجوي والضغط الإماراتي للحفاظ على وحدة الحصار، لذا فإن الرياض ستحاول المماطلة في هذه القضية لتفادي اتخذا قرار قد يضر بتحالفاتهما في كلتا حالتيه.