الخليج الجديد-
من جديد، عادت محاولات إنهاء الأزمة الخليجية إلى أجندة المنطقة، بعد حديث عن زيارة مرتقبة لصهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر، للسعودية وقطر.
وتأمل إدارة الرئيس الأمريكي الاستفادة من الوقت المتبقي من الفترة الرئاسية في تحقيق بعض المكاسب لحلفائها، مثل دعمها للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والضغط من أجل إنهاء النزاع بين دول الخليج.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، عادت آمال حلحلة هذا الملف إلى الواجهة، ووصلت لحدّ تأكيد أمريكي بأنه "حان الوقت لإيجاد حل للصراع الخليجي"، فهل ينجح كوشنر في إنهاء أزمة صُنعت خلال حكم ترامب، أم سيلازمه الفشل قبل رحيله من البيت الأبيض؟
زيارة للسعودية وقطر
تتحدث وسائل إعلام مختلفة، عن زيارة مرتقبة لصهر ومستشار الرئيس الأمريكي، مطلع ديسمبر القادم 2020، للسعودية وقطر، في محاولة أخيرة لتأمين مزيد من الاتفاقات الدبلوماسية بالشرق الأوسط، في مقدمتها الأزمة الخليجية، قبل مغادرة البيت الأبيض.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين وخليجيين (لم تسمّهم)، قولهم: إن "كوشنر، المكلف ملف الشرق الأوسط، سيلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مدينة نيوم (شمال)، كما سيلتقي أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في الدوحة".
ورجح المسؤولون أن تبحث لقاءات كوشنر بالخليج عدة قضايا، في مقدمتها الأزمة الخليجية، وتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، إضافة إلى النفوذ الإيراني في المنطقة.
كما نقلت الصحيفة عن المسؤولين، قولهم: إن "التركيز الرئيس للمحادثات سيكون على حل الخلاف بشأن تحليق طائرات الخطوط الجوية القطرية في أجواء السعودية والإمارات".
وذكرت الصحيفة أن دول المقاطعة الأربع خففت سراً مطالبها الـ13، مشيرة إلى أن السعودية أبدت استعداداً أكبر لإيجاد أرضية مشتركة لحل الأزمة.
تأكيدات سابقة
في 16 نوفمبر 2020، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين، إن الإدارة الأمريكية الحالية تريد أن ترى حلاً للأزمة الخليجية خلال الأيام السبعين المقبلة، مشيراً إلى رغبة واشنطن في حل مشكلة الطيران مع قطر.
وأضاف أوبراين، في كلمة له خلال فعاليات "منتدى الأمن العالمي لعام 2020"، إن الإدارة الأمريكية ترغب في إنهاء الأزمة بحلول نهاية العام إذا كانت ستغادر البيت الأبيض.
كما أعرب عن رغبة بلاده في أن يتمكن الطيران القطري من التحليق فوق أجواء السعودية والبحرين.
وأكد المسؤول الأمريكي أن "وحدة الخليج تصب في مصلحة الجميع، وأن مصلحة واشنطن تقتضي وجود علاقات وديّة بين دول مجلس التعاون الخليجي".
وتأتي تصريحات أوبراين في وقت تؤكد فيه الكويت أنها تواصل مساعيها لحل الأزمة، وأن هذه المساعي تحظى بدعم أمريكي كبير.
منجز لترامب
يقول الكاتب والباحث في العلاقات الدولية هشام منور، إن زيارة كوشنر في هذا التوقيت تشكل "مفترقاً مهماً، بسبب ما تموج به المنطقة والعالم من تطورات وأحداث".
ويؤكد أن محاولة كوشنر، الذي وصفه بـ"عراب اتفاقات التطبيع العربية مع إسرائيل"، التركيز على الملف الخليجي والحصار الخليجي للدوحة تأتي بعد مرور نحو 3 سنوات دون حل، إلا أنه يعتقد أن ملفات أخرى لا تقل عنه أهمية قد تتم مناقشتها أيضاً، "لا سيما الموقف من إيران بعد اغتيال مهندس البرنامج النووي الإيراني محسن فخري زاده".
ويرى في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "الحديث هنا يدور حول محاولة الخروج بمنجز جديد لإدارة ترامب قبل مغادرته للبيت الأبيض، وتحقيق انفراجة مهمة في الأزمة الخليجية".
ويضيف: "البعض يرى أن المسألة قد لا تتجاوز في مخرجاتها موضوع السماح لطائرات الخطوط الجوية القطرية بعبور الأجواء الإماراتية والسعودية، ورص الصف الخليجي في مواجهة أي مغامرة إيرانية محتملة للرد على اغتيال فخري زاده".
وتابع: "يحاول كوشنر في زيارته تأكيد قوة اللوبي الذي يمثله في أجواء المنطقة (الخليج العربي)، على الرغم من مغادرة حماه سدة الحكم، وأن سطوة تيار كوشنر مستمرة حتى مع الرئيس الجديد بايدن، وأن الأخير لن يتمكن من العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران رغم وعوده الانتخابية".
وأكد أن مسعى كوشنر "قد يصطدم برغبة بعض الأطراف في الانتظار حتى اتضاح الصورة ومعرفة سياسة بايدن الجديدة لاتخاذ مواقف مناسبة لها فيما يخص ملف العلاقات الخليجية والعلاقة مع إيران".
ويعتقد أن ملامح حلحلة مواقف دول الرباعي والتخفيف من الشروط الـ13 التي أعلنتها إبان إعلان المقاطعة، "بدت في الآونة الأخيرة أقل وطأة"، مضيفاً: "من غير المستبعد أن يزداد هذا التوجه ويتعمق مع تسلم بايدن السلطة في البيت الأبيض".
وطرح "منور" تساؤلات عن الفائدة التي يمكن أن تجنيها دول الحصار من منح مثل هذا المنجز (إنهاء الحصار الخليجي) لفريق رئيسٍ أيامه الأخيرة في البيت الأبيض باتت معدودة، "ما لم يكن في جعبة كوشنر نفسه من المفاجآت ما لم يتم الإعلان عنه أمام وسائل الإعلام".
احترام سيادة
في 17 نوفمبر 2020، أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن بلاده ترحّب بالحوار القائم على احترام السيادة، معتبراً أنه ليس هناك رابح من الأزمة الخليجية.
وأضاف: "كل المزاعم والادعاءات التي وُجهت إلى قطر وكانت سبباً في فرض الحصار، كانت مغلوطة وزائفة"، مؤكداً انفتاح الدوحة "منذ البداية على حوار مبنيّ على الاحترام المتبادل واحترام سيادة كل بلد".
وأواخر نوفمبر، كشفت صحيفة "فايننشيال تايمز" نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن "بن سلمان يسعى إلى إنهاء الحصار المفروض على قطر، من أجل كسب ود إدارة الرئيس المنتخب بايدن القادمة، وتقديم هدية وداع إلى ترامب".
ومنذ يونيو 2017، تفرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر إغلاقاً برياً وجوياً وبحرياً على قطر، بزعم دعمها للإرهاب وعلاقتها مع إيران، وهو ما نفته الدوحة مراراً واعتبرته محاولة للنيل من سيادتها وقرارها المستقل، وتؤكد أن من الضروري حل الأزمة الخليجية بالحوار من دون أي شروط مسبقة.
استثمار اتفاقات التطبيع
ويبدو أن إدارة ترامب تأمل الاستفادة من الاتفاقيات التي وُقِّعت بين "إسرائيل" والإمارات والبحرين، بالضغط من أجل إنهاء النزاع بين دول الخليج.
وعبّر عن ذلك وزير الخارجية مايك بومبيو، منتصف سبتمبر الماضي، عقب توقيع الاتفاق، بالقول إن الولايات المتحدة تأمل أن تنهي السعودية وحلفاؤها الإقليميون حصار قطر المجاورة.
وقال بومبيو: "إنه من المهم بشكل خاص، البناء على التقارب العربي الإسرائيلي لمواجهة السلوك الخبيث المتزايد من إيران بشكل أفضل".
وأضاف: "للحفاظ على تركيزنا على هذا العمل وإغلاق الباب أمام التدخل الإيراني المتزايد، حان الوقت لإيجاد حل للصراع الخليجي. إدارة ترامب حريصة على حل هذا النزاع وفتح الأجواء والحدود البرية القطرية المغلقة حالياً من قِبل دول الخليج الأخرى".