علاقات » خليجي

هل فشلت زيارة كوشنر في حل الأزمة الخليجية؟

في 2020/12/05

كريستيان أولريخسن - ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة الخليج الجديد-

عاد "جاريد كوشنر" إلى واشنطن بعد رحلة رسمية قد تكون الأخيرة إلى الشرق الأوسط في محاولة لحل جزء على الأقل من الأزمة الخليجية قبل مغادرة إدارة "ترامب" البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني.

وبرفقة "آفي بيركويتز"، الممثل الخاص للبيت الأبيض للمفاوضات الدولية، و"بريان هوك"، الذي عمل على جهود المصالحة خلال فترة عمله الأخيرة في وزارة الخارجية، التقى "كوشنر" ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" في نيوم وأمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" في الدوحة.

وفي أعقاب لقاء "كوشنر" مع أمير قطر في 2 ديسمبر/كانون الأول، ذكرت وسائل إعلام مختلفة أن هناك اتفاقا أوليا وشيكا بين السعودية وقطر. كما انتشرت التكهنات على وسائل التواصل الاجتماعي بأن الكويت، التي سعت للوساطة طوال الأزمة الخليجية قد تصدر بيانا بشأن حدوث "انفراجة".

وأشارت التقارير إلى أن الخطوط العريضة للاتفاق ركزت على إعادة فتح المجال الجوي السعودي أمام الحركة الجوية القطرية، وربما إعادة فتح الحدود البرية السعودية القطرية أيضا. وتنهي هذه الإجراءات عمليا الحصار المفروض على قطر، في حال تنفيذها بالفعل.

ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن اتفاق، حتى وإن كان مبدئيا، لإنهاء أو تخفيف الجزء السعودي من الحصار المفروض على قطر، حيث أشار بيان لوزير الخارجية الكويتي في 4 ديسمبر/كانون الأول إلى "مناقشات مثمرة" و"حرص" على التوصل إلى اتفاق نهائي.

ولم يقدم البيان أي تفاصيل محددة، ولا تزال جميع الأطراف، بما في ذلك السعودية وقطر، متكتمة للغاية بشأن زيارة "كوشنر". وقد تكون الالتزامات لا تزال قيد الإعداد. ومن الممكن أيضا ألا يتم الإعلان عن أي اتفاق بشأن تدابير بناء الثقة الثنائية أو آليات تسوية المنازعات الآن، ولكن بدلا من ذلك سيتم منح الأمر بعض الوقت.

ويتذكر الجميع التداعيات القاسية للمكالمة الهاتفية المنسقة من قبل "ترامب" في سبتمبر/أيلول 2017 بين أمير قطر وولي العهد السعودي والتي انتهت بزيادة الفجوة بين البلدين. وقد توفر قمة مجلس التعاون الخليجي المقبلة، المقرر عقدها في الرياض في وقت لاحق من شهر ديسمبر/كانون الأول، فرصة لتوضيح مصير المحادثات الحالية، خاصة وأن مجلس التعاون الخليجي يعمل الآن تحت إشراف أمين عام كويتي.

وإذا كان "كوشنر" يبحث عن أسباب للتفاؤل بشأن إنهاء الأزمة التي اندلعت في عهد إدارة "ترامب"، فقد يلاحظ المراقبون أن السعوديين والقطريين يتحدثون الآن معًا بشكل ثنائي وأن المطالب المتطرفة الـ13 التي حالت دول إنهاء الحصار، والتي حاولت دول الحصار فرضها على الدوحة عام 2017، قد تم استبدالها بمجموعة من القضايا الثنائية التي يمكن أن تكون بمثابة أساس للتفاوض.

وتضمنت شروط عام 2017 مطالبة قطر بإغلاق قناة "الجزيرة"، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ودفع تعويضات عن أضرار غير محددة لدول الحصار، والخضوع لمراقبة تدخلية لمدة 12 عاما لضمان الامتثال. وبدت المطالب وكأنها مصممة ليتم رفضها، وذلك لتبرير زعم دول الحصار بأن قطر غير مهتمة بالتعامل مع جيرانها.

وتشير حقيقة أن المسؤولين السعوديين والقطريين يتواصلون مع بعضهم البعض إلى تباين المصالح بين دول الحصار فيما يخص الوصول إلى تسوية، خاصة مع نهج الإمارات المتشدد.

ويشير الحديث بين الجانبين إلى تفاؤل حذر، تماما كما كانت فترة الحوار السابقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عندما أثيرت آمال مماثلة في تحقيق اختراق محتمل. ومع ذلك، في تلك المناسبة، لم يؤد التقدم الأولي في النهاية إلى اتفاق مصالحة، تماما كما فشلت أسابيع من المفاوضات الهادئة في يوليو/تموز 2020 بشأن رفع قيود المجال الجوي. وعزا بعض الخبراء انهيار محادثات يوليو/تموز إلى إحجام الإمارات عن دعم اتفاق سعودي قطري تدعمه الولايات المتحدة.

ولا تزال أبوظبي غير راغبة في التعامل مع قطر. وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني، قال "يوسف العتيبة"، سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، إن المصالحة مع قطر "ليست على قائمة أولويات أحد".

واتسعت الفجوات في الأسابيع الأخيرة بين الإمارات والسعودية بشأن عدد من القضايا الإقليمية، بما في ذلك اليمن، والسياسة النفطية في "أوبك+"، والعلاقات مع تركيا.

وتوجد أيضا مؤشرات على أن العلاقة الشخصية بين "بن سلمان" وولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" ربما لم تعد كما كانت في السابق. وقد يكون من مصلحة الإماراتيين خلق صورة عن المسافة بينهم وبين السعوديين في أعين إدارة "بايدن" القادمة والابتعاد عن افتراض أن البلدين يسيران في مسار واحد.

وبغض النظر عما حدث خلف الأبواب المغلقة في اجتماعات "كوشنر"، فقد أصبح من الواضح أن الدبلوماسية ليست سهلة كما يعتقد. ولا يمكنه ببساطة أن يطير ويبرم اتفاق لإنهاء أزمة أصبحت مترسخة بعمق في سياسات المنطقة. وسيستغرق الأمر الكثير من الوقت والمجهود من قبل جميع الأطراف لإعادة بناء الثقة، وسيكون أي اتفاق بداية لعملية أطول للمصالحة وليس نقطة نهاية أو عودة إلى الوضع السابق قبل عام 2017.

وبينما يرغب البيت الأبيض في عهد "ترامب" في تحقيق "نجاح" آخر في الشرق الأوسط قبل مغادرته منصبه، فإن قرار حصار قطر عام 2017 كان من الأزمات العبثية التي ميزت الأشهر الافتتاحية الفوضوية لرئاسة "ترامب"، وقد ثبت أن أزمة حصار قطر ستكون واحدة  من القضايا العديدة الصعبة التي تنتظر الرئيس المنتخب "جو بايدن" في يناير/كانون الثاني.