متابعات-
تسعى مملكة البحرين جاهدة لخلق أجواء من التوتر وتصعّد من الخلافات مع جارتها قطر، وخلق جو من التوتر، يعصف جهود المصالحة الخليجية التي ترعاها الكويت، ورحبت الدوحة والرياض بمخرجاتها.
وتصب محاولة اختراق مقاتلات بحرينية الأجواء الإقليمية القطرية، في سياق مناورات أطراف تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة، تجاوزتها الدوحة بضبط النفس، ونقل الملف لمجلس الأمن الدولي لمعالجته من دون تصعيد.
وأكدت مصادر لـ”القدس العربي” أن قطر عبرت عن حسن نواياها تجاه مساعي الكويت والتزمت ضبط النفس، وأبلغت مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة عن خروقات جوية لطائرات مقاتلة بحرينية لأجوائها، تهدد أمن المنطقة.
وأشارت وزارة الخارجية القطرية إلى أن السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، وجهت إلى السفير جيري ماتجيلا، المندوب الدائم لجنوب إفريقيا ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، وإلى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، رسالة تضمنت إخطاراً رسمياً من قبل حكومة دولة قطر باختراق الطائرات العسكرية البحرينية للمجال الجوي لقطر فوق مياهها الإقليمية.
وعبرت الرسالة عن استنكار قطر بشدة لهذه الخروقات بوصفها انتهاكاً لسيادتها وسلامتها الإقليمية وأمنها، مشيرة إلى أن هذه الخروقات تتعارض بشكل صارخ مع التزامات مملكة البحرين بموجب القانون الدولي، وأن هذه الخروقات تعتبر تصعيداً يرفع من حدة التوتر في المنطقة الذي ساهمت البحرين في زيادته من خلال اشتراكها في الحصار الجائر والإجراءات الأحادية غير القانونية وغير المبررة على الدوحة.
وذهب محللون معلقون إلى أن المحاولة البحرينية تصب في سياق نسف جهود الوساطة الكويتية لعقد مصالحة خليجية.
وكشف الدكتور خالد الخاطر الباحث في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي، تعليقاً على الحادثة: أنه لا يتصور أن تخرج البحرين عن عباءة السعودية. وقال في تصريح خاص لـ”القدس العربي”: “إن عملية الاختراق ربما تعود لوجود تبادل أدوار، أو على الأقل بإيعاز أو موافقة من بعض الأطراف في السعودية”. وأشار إلى أنه يقصد بالأطراف السعودية، الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وليس الملك سلمان بن عبد العزيز. وكشف الخبير القطري في حديثه أن هذه التطورات تتزامن وتغير القيادة في الولايات المتحدة، مع رحيل دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، و قدوم جو بايدن الرئيس الأمريكي المنتخب . وشدد الدكتور خالد الخاطر في تصريحه لـ”القدس العربي” أن محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي وعلاقته بالتفاعلات الحاصلة في المنطقة، “فمفروغ من أمره، وسيستميت لإفشال أي مصالحة مع قطر .
وأشار الخبير والمحلل القطري في قراءته للمشهد الحالي في الخليج العربي، إلي أن البحرين عبد مأمور، مؤكداً أن هناك من يريد إفشال المصالحة الخليجية. وشدد قائلاً: “منذ افتعال قضية الصيادين، لا نتصور أن من افتعل الأزمة الخليجية أن يسهم في حلها الآن”. وجاءت هذه العبارة في سياق توضيح الأطراف الضالعة في تخريب مساعي الكويت، وهي إشارة إلى الإمارات وأطراف في المملكة العربية السعودية، تبذل كل ما بوسعها لمنع حدوث أي صلح بين دول مجلس التعاون الخليجي، ومعالجة جذور الأزمة المفتعلة منذ فرضت الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة حصاراً شاملاً على قطر.
ويؤكد هذه التحليلات التي تشير إلى وجود أطراف تسعى لعرقلة جهود المصالحة الخليجية، محاولات المنامة استفزاز الدوحة في مناسبات متكررة.
وقبل حادثة اختراق المقاتلات البحرينية الأجواء القطرية، أعلنت السلطات القطرية قبل أيام، توقيف طراد (سفينة صيد) بحرينية انتهكت مياهها الإقليمية، واتخذت الإجراءات اللازمة في حقه.
وكشفت وزارة الداخلية القطرية أنه “في إطار ممارستها لأعمالها المعتادة بمراقبة وحماية المياه الإقليمية القطرية، أوقفت دوريات أمن السواحل والحدود طراداً بحرينياً في منطقة “فشت الديبل” داخل حدود المياه القطرية بـ1.3 ميل بحري”.
كما أوقفت السلطات القطرية الشهر الماضي، زورقين بحرينيين رصدتهما إدارة أمن السواحل والحدود القطرية، وهما داخل المياه الإقليمية دون أي إخطار مسبق، وهو في العرف الدولي انتهاك لسيادة الدولة المعنية.
وكشفت مصادر أن أطرافا بحرينية تصعد من خلافاتها مع قطر، وتعيد فتح ملفات خلاف سابق حول الحدود البحرية، تم طي صفحته بشكل نهائي بعد صدور قرار من محكمة العدل الدولية.
وأكدت عدة مصادر، أن مقربين من ديوان الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد البحريني ورئيس مجلس الوزراء، يتحركون في كل الاتجاهات لاختلاق وافتعال أزمة مع قطر، والنبش في خلافات سابقة وإعادة إحيائها، بالرغم من مناخ التصالح الذي عبرت عنه الدوحة، التزاماً مع مبادرة الكويت.
وكان قرار المحكمة الصادر في 16 مارس/ آذار 2001 منح البحرين السيادة على جزر حوار وجزيرة قطعة جرادة، بينما حصلت قطر على السيادة على جزر جنان وحداد جنان والزبارة وفشت الديبل. وفيما يتعلق بمرور السفن التجارية، فقد حكمت المحكمة بأن يكون للسفن التجارية القطرية حق المرور السلمي في المياه الإقليمية للبحرين الواقعة بين جزر حوار والبر البحريني.
ويومها رحّبت المنامة والدوحة بقرار محكمة العدل الدولية بلاهاي، وهو ما أنهى نزاعاً حدودياً استمر عدة عقود بين البحرين وقطر.
وإلى آخر لحظة، تجدد الدوحة التزامها بمسار المصالحة الخليجية، وبالمبادرة الكويتية، لرأب الصدع في علاقات دول مجلس التعاون التي افتعلتها الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة منذ 2017.
وأعلن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، عن اتفاق مبدئي للعمل على المصالحة الخليجية. وقال آل ثاني، إن هناك “اتفاقا مبدئيا للعمل على المصالحة الخليجية، وهناك اختراق للأزمة حدث قبل أسبوعين”.
وأضاف: “المناقشات بشأن المصالحة الخليجية كانت مع السعودية فقط لكنها كانت تمثل بقية الأطراف”. وتابع: “لا معوقات أمام حل الأزمة الخليجية على المستوى السياسي ولا نلتفت للأمور الصغيرة”، دون مزيد من التفاصيل.
وأكد الوزير القطري أن الجميع سيخرج منتصرا من هذه الأزمة إذا تم إعادة بناء الثقة بمجلس التعاون الخليجي كمؤسسة إقليمية.
وشدد على أن “شعوب دول مجلس التعاون هي الخاسر الأكبر في الأزمة الخليجية“.
وجدد موقف بلاده من وحدة مجلس التعاون الخليجي، والتأكيد على أن كافة الأزمات يجب أن تحل بالحوار المباشر البناء.