رالف نورنبيرجر- فير أويزيرفر – ترجمة الخليج الجديد-
لقد سبق مجيء إدارة "بايدن" تطور مرحب به للغاية عندما أُعلن في 4 يناير/كانون الثاني الجاري أنه تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الخلاف الذي دام 3 سنوات بين قطر والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين.
نشرت صحيفة "فايننشيال تايمز" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تقريراً طويلاً بعنوان "السعودية تسعى إلى حل أزمة قطر كهدية لجو بايدن"، وبشكل أساسي، فإن التقارب المعلن عنه حديثًا يمكن إدارة "بايدن" من تحقيق أهداف رئيسية في منطقة الخليج، وفي الشرق الأوسط.
يعود جزء كبير من الفضل في هذا الاختراق إلى أمير الكويت الشيخ "نواف الأحمد الجابر الصباح"، وأعلن وزير الخارجية الكويتي "أحمد ناصر الصباح" أنه "بناء على اقتراح الشيخ "نواف" تم الاتفاق على فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين السعودية ودولة قطر".
وأضاف "الصباح" أن الشيخ "نواف" تحدث مع أمير قطر، الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، وولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، ووفقًا لوكالة "أسوشيتد برس" فقد "أكدت المحادثات أن الجميع حريصون على لم الشمل"، وسوف يجتمعون في العلا للتوقيع على بيان يعد لـ"الدخول في صفحة مشرقة من العلاقات الأخوية".
في 5 يونيو/حزيران 2017، قطعت دول الحصار العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، وفرضت حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا بناءً على اتهامات مختلف عليها بأن قطر تدعم الجماعات الإسلامية المتطرفة.
كما اعترضت السعودية والبحرين على علاقات قطر مع إيران، نتيجة لذلك ظلت الحدود البرية الوحيدة لقطر مغلقة (منفذ سلوى الحدودي مع السعودية)، وبالتالي منع استيراد منتجات تتراوح من المواد الغذائية إلى الإمدادات الطبية ومواد البناء.
كما أدى الخلاف مع قطر إلى تشتيت العائلات، خاصة أولئك الذين تزاوجوا على جانبي الحدود.
بالإضافة إلى ذلك، منعت المملكة العربية السعودية الطائرات القطرية من التحليق فوق مجالها الجوي، ما أجبر شركة الطيران الوطنية على اتخاذ مسارات أطول وأكثر تكلفة، وتشير التقديرات إلى أن قطر تدفع ما يصل إلى 100 مليون دولار رسوما سنوية للطيران فوق إيران.
يعتبر القرار السعودي بإنهاء الحظر خطوة كبيرة إلى الأمام، لكن يجب أن تتبعه مبادرات إضافية من قبل الدول الأخرى التي دعمت مقاطعة قطر سابقا.
وقد اعترف بذلك وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، "أنور قرقاش"، الذي غرد، أنه بينما تأمل أبوظبي في استعادة وحدة الخليج، "فلدينا المزيد من العمل للقيام به ونحن في الاتجاه الصحيح".
علاقات أوثق
في حين أن إنهاء الخلاف بين دول الخليج أمر مهم بالنسبة للمنطقة، فإنه ينشئ أيضًا حقائق وفرصًا جديدة لإدارة "بايدن"، وسيمكن الإدارة الجديدة من تطوير علاقات أوثق مع قطر، وتهيئة الأجواء لعلاقات أكثر دفئًا مما كان متوقعًا في السابق مع السعودية.
طورت قطر ابتداءً من عام 1992، علاقات عسكرية وثيقة مع الولايات المتحدة، وهي الآن مقر للقيادة الأمامية للقيادة المركزية الأمريكية ومركز العمليات الجوية المشتركة، وتستضيف قطر قاعدة "العديد" الجوية ذات الأهمية الاستراتيجية، وأكثر من 10 آلاف جندي أمريكي وطائرات مقاتلة تستخدم في الحملات ضد تنظيم "الدولة".
وسيمكن تحسين العلاقات الأمريكية - القطرية البلدين من تعزيز جهودهما ضد الإرهاب، وكما يشير موقع البيت الأبيض، شكر الرئيس "دونالد ترامب" الأمير "تميم" في يناير/كانون الثاني 2018 على جهوده "لمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله".
كما تشعر واشنطن بالامتنان للدوحة لاستضافتها بعثة حركة "طالبان"، وبالتالي تسهيل محادثات السلام الأفغانية، وقد تعمل إدارة "بايدن" أيضًا مع قطر في 4 مجالات إضافية على الأقل.
إن متابعة الإمارات والبحرين للتوصل إلى صفقات تطبيع مع إسرائيل يمهد الطريق لقطر للعب دور أكبر في السعي لتحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني، وتقدم قطر دعمًا إنسانيًا للفلسطينيين في غزة بهدوء، ما يساعد في إبقاء هذا الصراع أكثر قابلية للإدارة ويمكّن الدوحة من العمل كوسيط للتعامل مع الصراع الأوسع.
وبالمثل، تحافظ قطر على علاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة وإيران، وقد أعرب الرئيس المنتخب "بايدن" وكبار مسؤولي السياسة الخارجية عن أملهم في إمكانية التوصل إلى معاهدة جديدة مع إيران، وهي معاهدة تعتمد على الاتفاق النووي الذي تفاوضت بشأنها إدارة "أوباما" ثم رفضها البيت الأبيض.
ولذلك فإن قطر في وضع فريد لتسهيل هذه الجهود الدبلوماسية، وعلى نحو لافت، قال وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" على "تويتر"، إنه يأمل أن تساهم المصالحة في الخليج في الاستقرار والتنمية السياسية والاقتصادية لجميع شعوب منطقتنا.
كما أعربت قطر عن دعمها لعدد من الأولويات الأخرى التي أعلنتها إدارة "بايدن"، بما في ذلك التعامل بقوة مع تغير المناخ وتوزيع اللقاحات للسيطرة على جائحة "كورونا".
وقد دعا "جو بايدن" إلى إعادة تقييم مرحلة العلاقات الأمريكية مع الرياض خلال إدارة "ترامب"، والتي بدأت عندما اختار "دونالد ترامب" زيارة السعودية كأول وجهة خارجية له كرئيس، ثم امتدت لتشمل مبيعات الأسلحة، مع نظرة متساهلة للحرب في اليمن، وإعفاء القادة السعوديين تقريبًا من المساءلة بشأن مقتل "جمال خاشقجي" كاتب العمود في "واشنطن بوست" في عام 2018.
باختصار، فإنه في حين أن التفاصيل النهائية للصفقة التي كانت قيد المناقشة لعدة أشهر لا تزال في حالة تغير مستمر، فمن المحتمل أنها تشكل المزيد من الأجندة الإيجابية لإدارة "بايدن".