الخليج أونلاين-
منذ سنوات لم يتوقف التوتر في منطقة الخليج مع التصعيد المستمر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، في وقتٍ تتراكم المخاوف بسبب قوة إيران وعدد سكانها وتمددها في الإقليم، على حساب دول الخليج العربي الست.
وتخوض المملكة العربية السعودية - الدولة الخليجية الأقوى عسكرياً والأكبر مساحة والتي تتمتع بقاعدة سكانية من المواطنين تتجاوز 28 مليون مواطن- مواجهات عسكرية مع ذراع إيران في اليمن، ومواجهة سياسية مع طهران، خصوصاً في السنوات الخمس الأخيرة.
في المقابل فإن دول الخليج المتبقية لا تحمل في معظمها ذات الرؤية السعودية تجاه التوازنات الإقليمية والإيرانية، فهناك تمايزات تفرضها الجغرافيا وطرق التفكير المختلفة بين القيادات في الإمارات والكويت وعُمان، إضافة إلى قطر التي بدأت مؤخراً بدعوات متتالية بضرورة الحوار مع إيران.
دعوات قطرية
بعد مرور أيام على إعلان إنهاء الخلاف الخليجي – الخليجي، وبدء استعادة العلاقات تدريجياً، قال وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن بلاده مستعدة للوساطة بين دول الخليج وإيران.
وأوضح في حديث مع وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في 19 يناير 2021، أن "الوقت قد حان كي تبدأ دول الخليج العربية المحادثات مع إيران الآن"، مشيراً إلى "احتمال إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وإيران".
وبين "آل ثاني" أن بلاده تأمل في "عقد قمة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي الستة وإيران، وهذه أيضاً رغبة تشاركها دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى".
وفي 9 يناير، دعا رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الأسبق، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، إلى فتح حوار بين إيران ودول الخليج، قائلاً إن هذا الحوار قد ينهي التوتر في المنطقة ويعزز الثقة بين ضفتي الخليج.
وكتب المسؤول القطري الأسبق سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي في "تويتر"، أشار فيها إلى أنه سبق أن دعا لهذا الحوار خلال تصاعد التوتر بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطهران.
ونصح باغتنامها وعدم المراهنة على التوتر بين واشطن وطهران، خاصة في ظل وجود الرئيس الجديد جو بايدن، مضيفاً: "إننا بحاجة لوضع خطة على كل المستويات من دون مراهنة غير مدروسة".
سبق وان قلت أثناء التصعيد الأميركي في فترة أدارة ترمب أن فتح حوار بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي قد يحقق نتائج مهمة. فمثل هذا الحوار قد ينهي التوتر في المنطقة ويعزز الثقة بين ضفتي الخليج.
— حمد بن جاسم بن جبر (@hamadjjalthani) January 9, 2021
إيران وقمة العُلا
في قمة العُلا التي عقدت في السعودية، وكانت بداية عودة العلاقات بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، أكد البيان الختامي للقمة "ضرورة التزام إيران بمبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها".
البيان أيضاً أكد "أهمية بناء الثقة بين مجلس التعاون وإيران، وفق المواثيق والأعراف الدولية والأخذ بالحسبان أمن المنطقة وتطلعات شعوبها".
وأعرب في الوقت ذاته عن "رفضه التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة".
وأدان البيان الختامي "الأعمال التي تستهدف أمن وسلامة الملاحة والمنشآت البحرية وإمدادات الطاقة وأنابيب النفط، والمنشآت النفطية في الخليج العربي والممرات المائية، بوصفها أعمالاً تهدد أمن دول المجلس والمنطقة"، في إشارة إلى الهجمات التي تبنت كثيراً منها جماعة الحوثيين في اليمن التي تمولها طهران.
يفتح مجالاً للسعودية
يرى الكاتب والباحث السياسي ياسر عبد العزيز أن دعوة قطر للتواصل والحل مع إيران "هي دعوة فردية حول الاختراق من ناحيتين"، مشيراً إلى أن الناحية الأولى تهدف إلى سحب الدول التي قاطعت قطر إلى مربع "تفنيد الاتهامات التي وجهت للدوحة بشأن علاقتها مع إيران".
أما الناحية الثانية فهي "حل بشكل أو بآخر لإخراج السعودية من أزمتها في اليمن، خصوصاً مع الضغط الآن على الحوثي أحد أذرع إيران بعد تصنيفها إرهابية من واشنطن"، موضحاً أن "هذه الخطوة (التصنيف) ستساهم في تخفيف الضغط على الرياض، لكنها لن تحل أزمة السعودية إلا بالحوار مع إيران".
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يعتقد عبد العزيز أن السعودية ربما ستقبل بشكل أو بآخر "ولكن لن يكون بشكل علني أبداً، وما سيحدث سيكون خلف الستار"، مؤكداً أن الخطاب السياسي العام للسعودية دائماً ما يكون مخالفاً لما يحدث خلف الكواليس، "فربما يكون هناك طرق وقنوات أخرى للحوار".
ويرى أيضاً أن "حالة التصالح الآن، وتخفيض وتيرة الأزمة مهم جداً"، مؤكداً أن السنوات الأربع القادمة من الرئاسة الأمريكية ستكون مختلفة عما مضى بالنسبة للسعودية.
وأضاف: "المنطقة كلها تسعى للتهدئة، وربما يكون العام الجاري 2021 وما بعده أفضل من قبل، وفتح قطر لملف إيران هو مخرج للسعودية إن استطاعت أن تستثمره بشكل جيد".
وعن تأثير المصالحة على دعوة قطر، يقول عبد العزيز لـ"الخليج أونلاين": "المصالحة الخليجية ضرورية للطرفين، فقطر محتاجة لإنهاء القطيعة وإنهاء الضغوط عليها، خصوصاً أن الجسور الجوية عبر إيران كلفتها كثيراً، فيما تعيش السعودية ضغوطاً مع قدوم بايدن والديمقراطيين إلى الحكم، لذلك ربما تسهم هذه المصالحة في حل بعض الخلافات مع إيران".
إيران والحوار
وأمام الدعوات القطرية فإن إيران ذاتها كان لها تأكيدات مستمرة عن استعدادها للحوار مع دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، والتي كان آخرها تصريحات سفير إيران في الكويت محمد إيراني، في 4 يناير 2021، عندما قال إن بلاده ترى السعودية "بلداً مهماً وكبيراً في المنطقة، وأن قادة طهران لم يكونوا يؤمنون بقطع العلاقات معها، وأنهم يرون أنه في إطار التعاون المشترك يمكن حل معظم المشاكل الثنائية والتغلب على معظم الأزمات الإقليمية".
ونقلت صحيفة "الراي" الكويتية عن السفير قوله أيضاً إن بلاده أعربت مرات "عن استعدادها لبدء مباحثات مع السعودية، في أي مكان وزمان وتحت أي عنوان، بشكل مباشر أو غير مباشر".
وأكثر من مرة خرجت الخارجية الإيرانية وأعلنت استعدادها للحوار مع الخليج، وقالت في إحدى التصريحات: "الكرة الآن في الملعب السعودي، وطهران تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ومستعدة للتعاون والحوار مع جميع دول الجوار".
وأوضحت أن "طهران تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ومن ثم فهي مستعدة للتعاون والحوار مع جميع دول المنطقة"، مشيرة إلى أنها "تريد أن يكون الحوار في هذه الظروف بعيداً عن التدخل الأجنبي".