الخليج أونلاين-
تتمتع قطر بعلاقات عسكرية متقدمة مع سلطنة عُمان، توجت بتوقيع عدد من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية، التي تسهم في خدمة البلدين.
ويحرص البلدان على استدامة العلاقات العسكرية بينهما من خلال الزيارات المتبادلة للقادة العسكريين، والرسائل بين قيادة البلدين التي كان آخرها رسالة وزير الدولة لشؤون الدفاع، خالد العطية، إلى الأمين العام بوزارة الدفاع العُمانية، محمد بن ناصر الزعابي، وتتعلق بالتعاون العسكري بين البلدين.
وتسلم "الزعابي" رسالة "العطية" (24 مايو 2021) نيابة عن نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع العُماني، خلال استقباله الوزير المفوض راشد سعيد الخيارين القائم بأعمال السفير بسفارة دولة قطر بمسقط.
وخلال اللقاء استعرض الزعابي والخيارين العلاقات الطيبة بين البلدين الشقيقين، وتبادلا وجهات النظر حول الأمور ذات الاهتمام المشترك.
وبشكل عام ارتبطت دولة قطر بعلاقات وثيقة مع عُمان وازدادت عمقاً في جميع المجالات بعد استقلال دولة قطر، حيث صدر في عام 1973 المرسوم الأميري رقم (2) بتعيين أول سفير لدولة قطر في مسقط، في حين قدم أول سفير للسلطنة أوراق اعتماده إلى أمير قطر في عام 1974.
وتميزت العلاقات الثنائية بين دولة قطر وعُمان بالاستقرار والثبات والازدهار، وتجري باستمرار زيارات بين قادة البلدين وكبار المسؤولين لتعزيز التعاون الثنائي وتطويره.
رئيس مركز المدار للدراسات السياسية والاستراتيجية صالح المطيري يؤكد أن العلاقات القطرية - العُمانية بشكل عام تتميز بالمتانة والتناغم منذ بداية السبعينيات، بالإضافة إلى انسجام من نواحٍ عدة، سواء التجارية أو الاستثمارات المتبادلة، والتي تشهد وتيرة متصاعدة، خاصة خلال السنوات الأخيرة.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول المطيري: إن "هناك أيضاً انسجاماً بين القيادتين السياسية القطرية والعمانية، وأيضاً شعوب البلدين".
وتوجت العلاقات القوية بين قطر وعُمان، وفق المطيري، بتنسيق واتفاق عسكري بين البلدين، بهدف حماية المسارات البحرية تحديداً لدولة قطر، إضافة إلى أن العلاقات الاقتصادية تحتاج أن تتوج في شكل اتفاقيات عسكرية كذلك.
وشدد المطيري على ضرورة أن تكون هناك "علاقات عسكرية وأمنية بين البلدين، وذلك لاستمرار منظومة التعاون الخليجي".
علاقات استراتيجية
بدوره، يؤكد الخبير العسكري، هشام خريسات، أن بين دولة قطر وشقيقتها عُمان واحدة من أقوى العلاقات الاستراتيجية، التي تربطها الأخوة الراسخة، والتنسيق فيما بينهما في كل المجالات، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا مجلس التعاون الخليجي والمنطقة.
وتعتبر العلاقات العمانية - القطرية، وفق حديث خريسات لـ"الخليج أونلاين"، مثالاً واقعياً على متانة العلاقات الدولية التي تجمع بين الدول الصديقة، حيث وصلت شراكتهما إلى كل المجالات، بما أسهم في رفع رصيد التعاون المثمر والجاد بين البلدين.
وبرزت تلك العلاقة المتينة، كما يوضح خريسات، في عهد مؤسس سلطنة عُمان الحديثة السلطان قابوس بن سعيد، وهو ما انعكس جلياً في حجم الحزن الذي عاشته قطر بعد رحيله في 11 يناير 2020.
ويعد الجيش السلطاني، وفق خريسات، قوة حديثة متطورة ومتكاملة البناء والتسليح والتنظيم، ويضم في صفوفه أسلحة المشاة والمدرعات والمدفعية ومنظومة الدفاع الجوي والإشارة، والأسلحة الإدارية الأخرى.
ويتسلح الجيش السلطاني، حسب خريسات، بالقدرة والكفاءة على خوض المعارك بفضل العناية المستمرة بالتدريب والتحديث وتطوير مستوى الأفراد والمعدات، حيث تأسس في عام 1907 ممثلاً في قوة مشاة صغيرة يطلق عليها حامية مسقط آنذاك لم يكن لها مهام أكثر من كونها حامية منطقة مسقط، ثم تطورت وتوسعت وسميت في عام 1921 بمشاة مسقط.
تطور العلاقات
شهدت العلاقات العسكرية بين الدوحة ومسقط خلال الفترة السابقة تطوراً كبيراً، كان آخرها جلسة مباحثات عسكرية بين وزيري دفاع سلطنة عُمان وقطر، تطرقت لتعزيز مجالات التعاون.
والتقى وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد العطية، أواخر سبتمبر 2019، مع الوزير المسؤول عن شؤون الدفاع في سلطنة عُمان بدر بن سعود بن حارب البوسعيدي في العاصمة مسقط.
وأكدت وكالة الأنباء العُمانية الرسمية، آنذاك، أن "العطية" التقى "البوسعيدي" بمقر وزارة الدفاع العُمانية، وجرى خلال اللقاء "استعراض العلاقات التاريخية بين القوات المسلحة في البلدين"، إضافة إلى بحث مجالات التعاون القائم بين وزارتي الدفاع في البلدين وسبل تعزيزها، وفق وكالة الأنباء القطرية.
وإلى جانب لقاء العطية والبوسعيدي، جمع لقاء بالدوحة، في يناير 2019، الفريق الركن (طيار) غانم بن شاهين الغانم، رئيس أركان القوات المسلحة القطرية، والعميد شامس محمد هديب الحبسي، مساعد رئيس أركان قوات السلطان المسلحة للإدارة بسلطنة عُمان، والوفد المرافق له.
وفي كل لقاء تُناقَش "العلاقات العسكرية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها وتطويرها".
وفي أبريل 2019 استقبل اللواء الركن فهد بن مبارك الخيارين، قائد كلية أحمد بن محمد العسكرية، بمقر الكلية وفد كلية القادة والأركان بالسلطنة، الذي ترأسه العقيد الركن عبد الله بن سالم المحاربي، حيث جرى خلال الزيارة التباحث حول التعاون بين البلدين في المجال الأكاديمي العسكري.
وفي أبريل 2018، استقبل الفريق الركن أحمد بن حارث النبهاني رئيس أركان قوات السلطان المسلحة، اللواء الركن بحري عبد الله بن حسن محمد السليطي، قائد القوات البحرية الأميرية القطرية.
في مطلع مايو 2019، شهدت العاصمة العُمانية مسقط اجتماعاً تشاورياً للجنة العسكرية العليا لرؤساء أركان الجيوش الخليجية، بمشاركة قطرية.
وفي الاجتماع، شكر رئيس الأركان العماني الفريق أحمد بن حارث النبهاني، نظراءه بدول المجلس على "جهودهم المقدرة، وما أبدوه من رؤى وأفكار حيال كافة الموضوعات المطروحة على جدول أعمال الاجتماع"، دون تحديد طبيعتها.
علاقات مُتجذرة
وتأكيداً لقوة العلاقة بين البلدين سبق أن أكد السفير نجيب بن يحيى البلوشي، سفير عُمان لدى الدوحة، قوة العلاقات القطرية - العُمانية، ووصفها بالمُتجذرة عبر التاريخ والقائمة على الثقة والتعاون والاحترام المُتبادل.
وخلال لقاء جمع البلوشي بالصحفيين، في نوفمبر الماضي، قال: إن "علاقات البلدين قائمة على الثقة، وتعد مثالاً يُحتذى به، وتشهد باستمرار تطوراً وتوسعاً في مُختلف المجالات، تحقيقاً لرؤى القيادتين الحكيمتين؛ السلطان هيثم بن طارق، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني".
وبيّن أن العمل مُستمر لبذل المزيد تجاه تطوير مجالات التعاون في جميع الصعد بين البلدين.
وإلى جانب البلوشي، أكد سفير قطر لدى مسقط الشيخ جاسم بن عبد الرحمن آل ثاني، أن العلاقات بين البلدين نموذجية وراسخة منذ الأزل، وتمتد بامتداد التداخل القبلي والتصاهر والأخوة الراسخة.
ويوجد بين البلدين، حسب تصريح "آل ثاني" في مايو 2020، تنسيق في كل المجالات، وتقارب في وجهات النظر في القضايا الإقليمية والدولية.
وتتسم العلاقات بين مسقط والدوحة، وفق آل ثاني، بمزيد من الانفتاح والتقارب؛ لما تتمتع به الدولتان من موارد طبيعية وصناعات متقدمة واقتصادات قوية، إضافة إلى موقعهما الجغرافي القريب، والعلاقات التاريخية المتينة التي تجمع البلدين.