فايننشال تايمز-
اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن معارضة الإمارات لنظام حصص الإنتاج الذي تم التفاوض عليه بين روسيا والسعودية خلال اجتماع منظمة "أوبك+" هو أحدث حلقة في صراع المصالح المتزايد بين أبوظبي والرياض.
وأشارت إلى أن الخلافات الجديدة تأتي بالرغم أنّ وليي العهد في البلدين "محمد بن زايد" و"محمد بن سلمان"، واللذين يعتبران الحاكمين الفعليين، تربطهما علاقة وثيقة وكان الأخير ينظر إلي الأول باعتباره مرشده.
وذكرت الصحيفة أن التنافس المحتدم مؤخرا بين "بن زايد" و"بن سلمان" يهدد الآن مستقبل مجلس التعاون الخليجي، كما ينذر أيضا بتداعيات تطال جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.
ولفتت الصحيفة إلى أن مجلس التعاون الخليجي تشكل قبل 40 عاما بعد الثورة الإيرانية؛ من أجل تقديم جبهة خليجية مشتركة لمحاولات طهران لتصدير أيدولوجيتها الإسلامية الشيعية.
وبالفعل، تدخلت قوات درع الجزيرة (الذراع العسكرية للمجلس) بقيادة السعودية عسكريا في البحرين في 2011 لإنقاذ النظام الملكي السني في البلاد الذي يحكم أغلبية شيعية من ثورة شعبية عقب الربيع العربي.
وفي 2017، فرضت السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر، حصارا على دولة قطر الغية بالغاز، لاتهاما بالارتباط بإيران وجماعة "الإخوان المسلمون".
على مدى العقدين الماضيين، أنشأت دول مجلس التعاون الخليجي أيضًا سوقًا مشتركة للأعضاء الستة -السعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر وعمان- مع تعريفة خارجية مشتركة عززت التجارة في البضائع بين دول الخليج.
لكن الطموحات بإنشاء سوق موحدة لدول المجلس على غرار الاتحاد الأوروبي، وحتى فكرة العملة الموحدة لم تغاد أبدا مرحلة التخطيط لدي المجلس.
منافسة شرسة
وذكرت الصحيفة أنه من الواضح أن دول مجلس التعاون الخليجي سوف يتنافسون بشكل أكثر شراسة كلما سعوا إلى تنويع اقتصاداتهم بعيدا عن النفط.
ونقلت الصحيفة عن وزراء إماراتيين قولهم إنهم انسحبوا من الصراعات الإقليمية في ليبيا واليمن للتركيز على التنمية الاقتصادية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السعوديين والإماراتيين كانوا طرفي نقيض في كل من ليبيا واليمن، مشيرة إلى أن السعودية في ليبيا قدمت مبادرات لتركيا التي صعدت ضد الإمارات هناك.
ولفتت إلى أنه في المقابل باليمن، صعد الانفصاليون الجنوبيون المدعومون من الإمارات في اليمن ضد القوات الحكومية المدعومة من السعودية (بينما يسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء ومناطق أخري).
إضافة إلى ذلك فعندما رفعت الرياض الحظر المفروض على قطر في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من الواضح أن الإمارات تباطأت.
وفي فبراير/شباط، قررت السعودية قرارا قويا بأنه اعتبارا من عام 2024، يجب أن يكون المقر الرئيسي لأي شركة متعددة الجنسيات في السعودية وإلا لن تتمكن من الحصول على عقود من حكومة الرياض، وهي خطوة تستهدف الإمارات وتحديدا دبي والتي تعج بالشركات متعددة الجنسيات العاملة في منطقة الخليج.
ونقلت الصحيفة عن محللين سعوديين قولهم إن الإمارات كانت تحاول إلحاق الهزيمة بهم.
هذا الأسبوع، استهدفت الرياض التعريفة الخارجية المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي، والإمارات العربية المتحدة.
قواعد صارمة
وأصدرت الرياض قواعد أكثر صرامة بشأن المحتوي المحلي والعمالة والقيمة المضافة للتأهيل إلى التعريفات المنخفضة، ومعاملة مناطق التجارة الحرة (وأي مستثمرين محليين من إسرائيل بعد أن فتحت الإمارات علاقات دبلوماسية معها العام الماضي) كموردين أجانب.
وسوف تؤثر تلك الإجراءات السعودية سلبيا على دبي باعتبارها مركزا عالميا للشحن، وكذلك على المناطق الحرة الأخرى في الإمارات مثل جبل علي.
بجانب ذلك، فإن دول الخليج، التي تعتبر الدعامة الأساسية للعديد من شركات التسويق الغربية، تتنافس حاليا في مجالات متعددة من الحصول على حقوق البث واستضافة الأحداث الرياضية المربحة.
وذكرت الصحيفة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن أن يسير فيها هذا التنافس المحتدم، لكن ثمة طريقين رئيسيين.
الأول يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تختار ترقية الاتحاد الجمركي إلى صفقة تجارية واستثمارية أكثر تكاملاً، بما في ذلك الخدمات، والتي من شأنها أن تخلق سوقًا أكبر جاذبية للمستثمرين الأجانب وتمكينها من إبرام صفقات أفضل مع المزيد من الشركاء التجاريين.
والثاني أنه بدلا من ذلك، يمكن أن تؤدي المنافسة داخل الخليج إلى التنافس على إقامة العلاقات مع جيران مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك إيران.
ويمكن للعراق وسوريا ولبنان المدعومين من إيران، ناهيك عن اليمن أو إيران نفسها، إحداث اختراقات في علاقاتها مع الدول الخليج في الوقت الذي تبتعد فيه النفط.
ولدى الكويت وعمان وقطر (التي تشترك في أكبر حقل غاز بحري في العالم مع إيران) قنوات مفتوحةمع طهران.
والآن تقوم السعودية والإمارات العربية المتحدة بذلك أيضًا، حيث تنقلان المنافسة الشديدة عبر المياه إلي التحدث بشكل منفصل مع عدوهما اللدود المفترض (إيران).