الخليج أونلاين
مع زيادة التهديدات التي تحيط بدول الخليج العربي، خاصةً تلك التي تستهدف حركة السفن وناقلات النفط في المياه المحيطة بدول مجلس التعاون، والتي كان آخرها استهداف سفينة إسرائيلية بطائرة مسيّرة، باتت دول الخليج بحاجة ماسَّة لتشكيل قوة بحرية لحماية مياهها الإقليمية، وفق مراقبين.
وتزداد حاجة دول الخليج إلى تشكيل قوة بحرية لحماية سواحلها وناقلات النفط، مع تزايد الصراع الإيراني - الإسرائيلي في مياه الخليج، واحتمالية ضرب سفن تتبع لدول مجلس التعاون، إضافة إلى حماية الملاحة الدولية، ووقف الخسائر المالية.
ولا تزال التهديدات البحرية مستمرة في مواجهة الأمن البحري الخليجي، والتي كان آخرها استهداف سفينة إسرائيلية قرب السواحل العُمانية، وإحباط التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن محاولة عدائية للهجوم على سفينة تجارية سعودية بطائرة حوثية مسيرة.
وسبق تلك الهجمات، ما تعرضت له أربع سفن -هي ناقلتا نفط سعوديتان وثالثة نرويجية وسفينة شحن إماراتية- لأعمال "تخريبية" قبالة سواحل الفجيرة بالإمارات في مايو 2019، فيما عُرف حينها بحرب الناقلات، ثم استهداف ناقلتي نفط إحداهما يابانية، في يونيو 2019.
وتكمن أهمية القوة البحرية الخليجية، في الحفاظ على الاقتصاد الخليجي؛ لكون منطقة الخليج من أكثر المناطق إنتاجاً للنفط في العالم، إذ يوجد فيها أكثر من نصف احتياطيات النفط العالمي.
وبإمكان القوة البحرية في حالة تأسيسها، وقف التهديدات البحرية المحتملة، ومراقبة السواحل والحدود وتأمينها، وتأمين الممرات الملاحية، لا سيما مضيق هرمز، والمراقبة والاستطلاع وتبادل المعلومات، وضمان سير الملاحة في الخليج، ووقف عمليات القرصنة، والهجرة غير الشرعية.
وتعد المياه المحيطة بدول الخليج الممرَ الأهم لتصدير النفط العراقي والكويتي والإماراتي والسعودي إلى أوروبا، ووصول البضائع والشحنات إلى تلك الدول وباقي دول الخليج.
الخبير الأمني والاستراتيجي، خالد الصلال، يؤكد أن دول مجلس التعاون الخليجي "بحاجة لتشكيل قوة بحرية لحماية ناقلات النفط والحفاظ على اقتصادها، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة الخليجية".
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول الصلال: إن "دول الخليج سبق أن طرحت تشكيل اتحاد خليجي كونفدرالي خلال القمة الخليجية في عام 2016، استلهاماً من طرح سابق للعاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث يشمل الاتحاد قوة دفاعية مشتركة".
وجاء في طرح الملك عبد الله، وفق الصلال، "وجود قوة بحرية مشتركة تندرج تحت القوة الدفاعية، مع وجود نظام مالي موحد لها، ولكن تلك الفكرة لم ترَ النور، أو يتم الأخذ بالمقترح السعودي".
ودول الخليج ﻻ يمكنها في الوقت الحالي، كما يوضح الصلال، التوافق على إنشاء قوة بحرية مشتركة، ولكن هناك عدة بدائل لحماية ناقلات النفط، والحفاظ على الاقتصاد الخليجي، أبرزها تغيير مسار النقل.
ويعتقد الخبير الأمني أن دول الخليج تمتلك قوة عسكرية تُمكنها من حماية حدودها البحرية، وناقلات النفط، حيث تتوافر لديها إمكانات عالية، وأيضاً الكوادر البشرية، خاصةً دول السعودية، وقطر، والكويت، والإمارات.
ويستذكر "الصلال" ما فعلته دولة الكويت في عام 1988، حين رفعت الأعلام الأمريكية فوق ناقلات النفط والسفن الخاصة بها؛ لحمايتها من الهجمات التي كانت تتعرض لها، ولكن حالياً "لا يمكنها اللجوء للخطوة نفسها؛ لكونها تمس سيادتها، ويمكنها حماية سفنها عبر جيشها".
فكرة قديمة
تعد فكرة إنشاء دول الخليج قوة بحرية، قديمة حيث سبق أن طُرحت خلال مؤتمر قطر للأمن البحري في أكتوبر 2014، حيث كشف حينها اللواء أحمد يوسف الملا، مستشار نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي ووزير الدفاع، عن سعي دول مجلس التعاون الخليجي لاعتماد وإشهار قوة بحرية خليجية مشتركة لحماية الأمن البحري الخليجي، تحت تسمية (مجموعة الأمن البحري 81).
وتريد دول الخليج، حسب "الملا"، "إقرار منظومة الأمن البحري للقوة الخليجية المشتركة، وإشهار القيادة، ووضع النظم الخاصة لمرتكزاتها الاستراتيجية والعملياتية الخاصة".
وتكون مهام تلك القوة، وفق "الملا"، القيام بالعمليات البرية والبحرية والجوية الخليجية بهدف الحفاظ على أمن منطقة الخليج العربي واستقرارها، والرؤى الموحدة لدول المجلس من تشكيل القوة، إضافة إلى حماية المصالح الاقتصادية المشتركة وخطوط المصافي البحرية والثروات، علاوة على خلق نواة للقيادات المستقبلية قادرة على القيام بدور مشترك تحت مظلة دول التعاون في عمليات الأمن البحري.
القوة البحرية للخليج
وتأكيداً لحديث الخبير الأمني والاستراتيجي الصلال، تمتلك دول الخليج قوة بحرية يمكنها الدفاع عن مياهها الإقليمية، أبرزها توافر غواصات، وقطع بحرية متقدمة.
السعودية تعد من الدول الخليجية التي لديها قوة بحرية متقدمة، حيث تمتلك 55 قطعة بحرية، بينها 7 فرقاطات و4 كورفيتات و9 سفن دورية، إضافة إلى 3 كاسحات ألغام، بيد أنها تفتقر إلى المدمرات والغواصات، بحسب البيانات العالمية.
وتمثل سفن الدورية نسبة 39.1٪ من حجم القوة البحرية السعودية، وهي الجزء الأكبر في تكوينها، تليها الفرقاطات التي تمثل 30٪ من قوة الأسطول الحربي السعودي.
وتمثل الكورفيتات نسبة 17.4٪ من القوة البحرية السعودية، فيما نسبة كاسحات الألغام 13%.
قطر أيضاً تمتلك 80 قطعة بحرية، و38 سفينة دورية منها، في حين لدى الإمارات 75 قطعة بحرية متنوعة، منها 35 سفينة دورية و9 طرادات، إضافة الى سفينتي ألغام، بحسب موقع "غلوبال فاير باور" المتخصص في رصد القدرات العسكرية حول العالم.
ويوجد لدى البحرين 39 قطعة بحرية، منها فرقاطة واحدة و38 سفينة دورية، فيما تمتلك دولة الكويت 38 قطعة بحرية، أما سلطنة عُمان فتوجد لديها 16 قطعة بحرية.