سايمون هندرسون- معهد واشنطن-
قال "سايمون هندرسون"، مدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن العلاقات بين دول الخليج العربي اتسمت بالعداء المتبادل منذ أكثر من ست سنوات.
وبسبب الخلافات فيما بينها، وفق "هندرسون"، فرّقت الخصومات بين البحرين والكويت وسلطنة عُمان وقطر والسعودية والإمارات، وجميعها دول شريكة للولايات المتحدة وأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، ما قوض جهود واشنطن في التصدي للتهديد الإرهابي والنووي المتزايد الذي تشكله إيران.
ولفت إلى أن الخصام الرئيسي تَمثّل في خلاف قطر مع البحرين ومصر والسعودية والإمارات، الذي اندلع منتصف عام 2017 عندما اتُهمت الدوحة بدعم الإرهاب وإيران.
وأضاف أن تلك الدول قطعت علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع قطر، ولم يُرفَع الحظر رسميا إلا في يناير/ كانون الثاني 2021، عندما قرر على ما يبدو ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" أنه استمر لفترة طويلة جدا.
ومع ذلك، احتفظت البحرين والإمارات بوجهة نظر أكثر صرامة تجاه الدوحة، ولا تزال سحابة تخيم على العلاقات الخليجية– الخليجية، بحسب "هندرسون".
اجتماعات ودية
لكن في الأسبوعين الماضيين، وفق "هندرسون"، حدثت تطورات تفيد بتحسُّن الأمور جذريا، ففي 18 يناير/ كانون الثاني الماضي عقد رئيس الإمارات "محمد بن زايد" اجتماعا غير رسمي في أبوظبي مع ملك البحرين "حمد بن عيسى آل خليفة" والرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" وملك الأردن "عبدالله الثاني" وسلطان عُمان "هيثم بن طارق" وأمير قطر "تميم بن حمد".
واعتبر أنه نظرا إلى موقف "بن زايد" من الخلاف الخليجي، فإن وجود أمير قطر "تميم" كان مذهلا، إضافة إلى انضمام "بن طارق" الذي طالما تردد في السفر مثل سلفه السلطان "قابوس"، بينما غاب "محمد بن سلمان" عن الاجتماع، وربما يحمل غيابه أهمية لم تتضح معالمها بعد.
ولفت إلى أنه في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، استهل الملك "عبدالله" رحلته إلى كندا والولايات المتحدة بالتوجه إلى قطر لتناول العشاء مع الأمير "تميم"، وفي اليوم نفسه تحدّث أمير قطر هاتفيا مع ولي العهد البحريني الأمير "سلمان بن حمد".
وبعد يومين، شوهد ولي العهد الأردني الأمير "الحسين بن عبدالله" على وسائل التواصل الاجتماعي وهو يزور مطعما مع "بن سلمان" في موقع العُلا التاريخي بالسعودية.
و"الحسين" هو خطيب ابنة ملياردير سعودي غير ملكي، ويبدو أنه يعمل بالوكالة عن والده على تحسين العلاقات مع الرياض، وقد انضم إلى الأميرين الشيخ "ذي يزن بن هيثم" نجل سلطان عمان وولي عهد البلاد بحُكم الواقع، وفق "هندرسون".
وفي 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، شاهد أولياء عهد كل من البحرين والأردن وعُمان سباق السيارات الكهربائية "فورمولا إي" مع "بن سلمان" بالرياض، ونضم إليهم الأمير "تميم" مبتسما.
وهذه أول زيارة غير رسمية، بحسب "هندرسون"، يقوم بها الأمير "تميم" إلى السعودية منذ سنوات، وربما يمكن اعتبارها ردا على زيارة الأمير "بن سلمان" التاريخية إلى الدوحة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لحضور حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم.
أسباب متعددة
واعتبر أنه من الصعب تحديد ما تعنيه بالضبط هذه السلسلة من الاجتماعات الودية، ويبدو أن العناصر التي تحرّكها متعددة، وربما يكون أحدها هو عدم الرضا عن واشنطن وعدم التزامها المتصوّر بأمن الخليج، وربما قررت هذه الدول أنه لم يعُد بإمكانها تحمّل تكلفة النزاعات المحلية.
وقد يرتبط أحد العوامل الأخرى، وفق "هندرسون"، بمصر والأردن، ولا سيما الحاجة الماسة لتأمين المساعدة الاقتصادية لهما، والتي لم تَعُد تضمنها الدول الخليجية المنتجة للنفط والتي تتمتع حاليا بمستويات قياسية من الإيرادات.
وأشار إلى أن الاجتماع السنوي لـ"المنتدى الاقتصادي العالمي" بدافوس، في يناير/ كانون الثاني الماضي، صرّح وزير المالية السعودي "محمد الجدعان" بأن المملكة تغير سياستها المتمثلة في تقديم المساعدات "دون قيد أو شرط".
وبالنسبة لواشنطن، تُمثل هذه التطورات تحديا لسياستها، لكنها أيضا توفر فرصا، فعلى الرغم من النطاق الدبلوماسي الواسع الذي ينتج حاليا عن التهديدات الإيرانية والتوترات الأخيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن المجال ما زال متاحا أمام واضعي السياسات الأمريكيين لتنشيط العلاقات مع دول الخليج، بحسب "هندرسون" الكاتب في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني.