(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
الخلافات والتنافس السعودي الإماراتي لم يعد موضوعا جديدا يكتسب صفة الجدلية ويخضع لوجهات النظر المتباينة ويتأرجح بين النفي والإثبات، فقد بات من المسلمات وتؤكده الشواهد يوما بعد يوم.
ورغم محاولات الاحتواء الإعلامي الرسمي من الطرفين السعودي والإماراتي، والخليجي عموما، إلا أن التقارير الإعلامية الرسمية الدولية تتناول هذا الخلاف المتصاعد والذي وصل إلى مراحل أكبر من مجرد التنافس ليدخل في نطاقات يصدق عليها وصف الصراع.
كما أن الإعلام غير الرسمي وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي تتناوله بقوة، ومن المعلوم أن هناك مواقع معروف تبعيتها وأنها محسوبة على جهات رسمية وهو ما يؤكد خروج الخلافات والصراعات إلى العلن وأنها خرجت من السيطرة وأصبحت عصية على اللملمة والاحتواء.
وفي الأيام الماضية، تصدر وسم #الاماراتطعنتنابالظهر الترند في السعودية ودول الخليج وهو وسم يتناول ما وصفه بـ "غدر أبوظبي بالرياض" وانهاء التحالف المزعوم بين البلدين الذي تم الترويج له على مدار سنوات.
كما تصدر الحديث عن تصاعد الخلافات بين الإمارات والسعودية منصات التواصل الاجتماعي ووصفت أغلبية التغريدات أبوظبي بأنها "لا تؤتمن" ولا يمكن اعتبارها حليفا لأي دولة عربية أو إسلامية.
وبخصوص التقارير الإعلامية الدولية، فقد أبرزت صحيفة The Telegraph البريطانية التقارير المتتالية عن خلاف مرير بين قادة السعودية والإمارات وهو ما أثار مخاوف من أن يتحول التنافس بينهما إلى عداء مفتوح، وفقا لهذه التقارير.
ونشرت الصحيفة تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط جيمس روثويل، بعنوان "من رحلات التخييم إلى برود العلاقة، فما سبب الخلاف بين أقوى صديقين في الشرق الأوسط”.
وجاء في التقرير أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لم يتحدث مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان منذ ستة أشهر، على الرغم من الصداقة القوية التي نشأت بينهما منذ سبع سنوات، وشهدت تخييما وصيدا بالصقور في الصحراء.
كما كشف تقرير إعلامي أمريكي عن تفجر خلاف مرير بين قادة المملكة والإمارات، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال، وهو ما أثار مخاوف من أن يتحول التنافس بينهما إلى عداء معلن.
وذكر هذا التقرير أن ولي العهد السعودي هدد بفرض حصار، كالذي فرض على قطر، على الإمارات خلال إحاطة غير رسمية مع المراسلين السعوديين في ديسمبر/ كانون الأول، محذراً نصا "سيرون ما يمكنني فعله".
وبخصوص الموقف الأمريكي من هذا الخلاف، فقد نقل التقرير تصريحا لمسؤول أمريكي رفيع لصحيفة وول ستريت جورنال، قال فيه "هذان شخصان طموحان للغاية يريدان أن يكونا لاعبين رئيسيين في المنطقة.. والخلاف بينهما ليس من المفيد لنا".
ويوضح التقرير أن التقديرات الدولية تشير إلى أن كلا محمد بن زايد ومحمد بن سلمان يتنافسان لملء فراغ السلطة في الشرق الأوسط الذي خلقته إدارة بايدن.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد كشفت عن خفايا تصاعد العداء بين الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في ظل تنافس إقليمي غير مسبوق بين البلدين، حيث ذكرت الصحيفة أن محمد بن سلمان جميع الصحفيين المحليين في الرياض لحضور إحاطة نادرة غير رسمية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ووجه فيها رسالة مذهلة وقال إن الإمارات، حليف بلاده منذ عقود، "طعنتنا في الظهر"، وقال بن سلمان للمجموعة أيضا "سيرون ما يمكنني فعله"، وفقًا للأشخاص الذين حضروا الاجتماع.
وحددت التقارير طبيعة القضايا الخلافية، ومن أهم ما ركزت عليه، التنافس على القوة الجيوسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وأسواق النفط العالمية.
ونقلت عن مسؤول كبير في إدارة بايدن: "هذان شخصان طموحان للغاية ويريدان أن يكونا لاعبين رئيسيين في المنطقة واللاعبين الرئيسيين الوحيدين"، مضيفا: "على مستوى ما لا يزالان يتعاونان، ولكن حاليا لا يبدو أي منهما مرتاحًا لوجود الآخر على نفس المستوى من الأهمية وبشكل عام ليس من المفيد لنا أن يكونوا في صراع مع بعضهما البعض".
وركزت التقارير على النقاط التالية:
أولا: أن لدولة الإمارات والمملكة مصالح متباينة في اليمن قوضت الجهود لإنهاء الصراع في ذلك البلد، كما تشعر الامارات بالإحباط من الضغط السعودي لرفع الأسعار العالمية للنفط مما يخلق انقسامات جديدة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، كما يتزايد التنافس الاقتصادي بين البلدين.
ثانيا: وكجزء من خطط محمد بن سلمان لإنهاء الاعتماد الاقتصادي للمملكة على النفط، فإنه يدفع الشركات إلى نقل مقارها الإقليمية الواقعة في دبي، وهي مدينة عالمية يفضلها الغربيون، إلى العاصمة السعودية الرياض.
ثالثا: أن بن سلمان يطلق خططًا لإنشاء مراكز تقنية وجذب المزيد من السياح وتطوير محاور لوجستية من شأنها أن تنافس مكانة الإمارات كمركز للتجارة في الشرق الأوسط.
رابعا: في عالم القوة الناعمة، قام السعوديون في عام 2021 بشراء نادي كرة القدم الإنجليزي نيوكاسل، والاستثمار في لاعبي النجوم العالميين، في نفس الوقت الذي حصل فيه مانشستر سيتي – المملوك لعضو بارز في العائلة الحاكمة في أبو ظبي – على ألقاب كرة القدم الإنجليزية والأوروبية.
وقالت التقارير أن الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، شعر بالغضب من فكرة ان محمد بن سلمان قادر على اخذ مكانه ويعتقد المسؤولون أن بعض الزلات السعودية الخطيرة قد ارتكبت في هذا المجال، وفقا لمسؤولين خليجيين.
ومنذ اجتماع ديسمبر/كانون الأول، اتخذ محمد بن سلمان سلسلة من التحركات الدبلوماسية وأنهى عزلته السياسية الناجمة عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 على يد فريق سعودي حيث لجأ إلى الصين للمساعدة في استعادة علاقات السعودية مع إيران.
ثم دبر عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وهي عملية بدأت بها الإمارات قبل سنوات عدة بعد ان تم طرد دمشق في عام 2011 من الجامعة إثر حملة القمع الوحشية التي شنها الرئيس بشار الأسد على المدنيين السوريين المتظاهرين من أجل التغيير.
كما يجري محمد بن سلمان محادثات مع الولايات المتحدة بشأن الاعتراف رسميًا بإسرائيل، وهو ما قامت به الإمارات في 2020.
كذلك يقود محمد بن سلمان الجهود الدبلوماسية لقمع العنف في السودان، حيث تدعم الإمارات طرفا منافسا.
وفي تداعيات وانعكاسات هذا الوضع الخطير على الأرض، حذر محللون في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة فكرية مستقلة في لندن، من أن القوات اليمنية المتنافسة تستعد لاشتباكات جديدة تهدد محادثات السلام الجارية.
وقال المحللون في سلسلة من التدوينات على تويتر: "المملكتان الخليجيتان تظهران المزيد من القوة وتتصرفان بشكل أكثر عدوانية تجاه بعضهما البعض في المنطقة بشكل عام واليمن هو خط المواجهة الأول والأكثر نشاطا".
والسؤال هنا هل سيتم احتواء هذه الأمور أم أنها باتجاه التحول لحالة "العداء المفتوح"، كما تتنبأ التقارير الغربية.