يوسف حمود - الخليج أونلاين-
تشهد قطاعات سعودية واسعة إقبالاً كبيراً للمستثمرين الكويتيين، لا سيما القطاعات العقارية والفندقية، نتيجة المزايا والتسهيلات التي تُقدمها المملكة للمستثمر الأجنبي، في حين تقول المملكة إن السياسات الاستثمارية في بلاده تقضي بمعاملة المستثمر الخليجي معاملة السعودي.
وضمن الوتيرة المتسارعة للتقارب الكويتي - السعودي، يسعى البلدان للدخول معاً في تعاون جديد، من بوابة جديدة قديمة في ذات الوقت، تهتم ببحث توسيع الاستثمار المتبادل للمشاريع الكبرى في أسواقهما المحلية وتنسيق المواقف الاستثمارية المشتركة دولياً.
وفيما تزايدت الاكتتابات العامة في السعودية التي تعد من أبرز الفرص المرجحة للاستثمار في المملكة، فإن تلك الخطوات تدفع نحو تعزيز التعاون الاستثماري الفعّال بين البلدين، مع توقعات بأن تشمل بناء علاقات راسخة بين المؤسسات في القطاع الحكومي، وتعاوناً أوسع مع القطاع الخاص في البلدين، فما التأثير الذي قد تحدثه الاستثمارات الكويتية لصالح اقتصاد البلدين؟
تقارب كبير
مع تقارب مستمر بين الكويت والسعودية، خصوصاً بعد الزيارة اللافتة التي قام بها أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، مطلع الشهر الجاري، والتي كانت الزيارة الأولى خارجياً منذ تولي الحكم، تكشف وسائل إعلام عن مقاربات بين البلدين في مجال الاستثمار.
وقالت صحيفة "الراي" الكويتية إن زيارة محافظ صندوق الاستثمارات العامة في السعودية ياسر الرميان إلى الكويت، قبل أيام، كانت بهدف تعزيز مقاربات التفاهم والتعاون في المشاريع الكبرى بأسواقهما المحلية، وتنسيق المواقف الاستثمارية المشتركة دولياً.
وبحسب ما ذكرت الصحيفة (21 فبراير 2024)، نقلاً عن مصادر لم تسمها، فإن الرميان استعرض مع مسؤولي الهيئة العامة للاستثمار بصفة عامة فرص التعاون الاستثماري الممكنة بين المملكة والكويت، مشيرة إلى أن ذلك يأتي في مسعى لزيادة منسوب التبادل الاستثماري بين البلدين، والارتقاء بالتعاون بينهما في هذا المجال، وتحديداً المشاريع التنموية المطروحة في السوقين السعودي والكويتي.
وأضافت المصادر أن من المرتقب أن تشكل لجان متابعة بين الطرفين لتحديد أوجه التعاون الاستثماري والاقتصادي الممكنة بين البلدين، سواء محلياً أو على صعيد الأسواق الدولية، مع تحديد الفرص المتاحة في كل سوق، متوقعة أن يشمل التعاون المستهدف بين البلدين تعزيز الحضور الكويتي استثمارياً في سوق المملكة.
ورجحت أن يتضمن ذلك رفع معدل مساهمة الجهات الحكومية الكويتية في الاكتتابات العامة، التي تنوي المملكة طرحها لشركاتها الحكومية، وغيرها من المشاريع التنموية التي تتلاءم مع خريطة استثمارات الجهتين.
ومنتصف الشهر ذاته، عقد أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، ورئيس وزراء البلاد الشيخ محمد صباح السالم، لقاءين منفصلين مع محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وجاءت بعد نحو أسبوعين من زيارة أمير الكويت للرياض.
استثمر في السعودية
في خطوة لتشجيع المستثمرين الكويتيين على استغلال فرص الاستثمار وفي مقدمتها المشروعات النوعية الكبرى، أكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن السياسات الاستثمارية في بلاده تقضي بمعاملة المستثمر الخليجي معاملة السعودي.
الوزير الكويتي كان يتحدث في مؤتمر "استثمر في السعودية"، أقيم في العاصمة الكويتية (12 فبراير 2024)، مشيراً إلى أن الكويت من أبرز شركاء بلاده التجاريين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 11 مليار ريال (2.9 مليار دولار) بزيادة 22 في المائة خلال 2022.
ويقول الفالح إن رصيد الاستثمارات الكويتية في السعودية نحو 35 مليار ريال (9.3 مليارات دولار) في القطاعات المختلفة كالتجزئة والاتصالات والضيافة والمطاعم، موضحاً أن اقتصاد السعودية كان الأسرع والأعلى نمواً في العالم خلال 2022، وفقاً لصندوق النقد الدولي، حيث بلغ حجمه 4 تريليونات ريال (1.1 تريليون دولار)، ليتقدم بذلك إلى المرتبة الـ16 بين أكبر اقتصادات العالم.
الكويتيون من جانبهم، وعلى لسان وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الكويتي مازن الناهض، أشار إلى أن ما يزيد جدوى الاستثمار في المملكة "ليست الفرص الاستثنائية المطروحة فحسب، بل أيضاً التسهيلات التي تقدَّم للمستثمرين عند الاستثمار في المشاريع الكبرى هناك".
بدوره يرى رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر، أن "رؤية السعودية 2030" تلتقي مع "رؤية الكويت 2035" من خلال تخفيف الاعتماد على النفط، وتوسيع القاعدة الإنتاجية، وتمكين القطاع الخاص من النهوض بدوره التنموي.
الكويت والضعف الاقتصادي
يعتبر صندوق الثروة السيادي التابع للكويت من أكبر الصناديق في العالم، ويتوسع باستثماراته في دول مختلفة بينها السعودية، لكن في المقابل يشكو سكان الكويت البالغ عددهم نحو 4,5 مليون نسمة، من تدهور البنية التحتية والخدمات العامة في البلاد التي تمتلك نحو 7٪ من احتياطي النفط العالمي.
وتعدّ الكويت أكثر دول الخليج انفتاحاً من ناحية النظام السياسي، إلا أنها تشهد أزمات سياسية متكررة تعيق رغبتها في الإصلاح، وتزيد الفجوة بينها وبين الدول النفطية المجاورة، حيث تدخل حالياً مرحلة جديدة من الحكم مع قدوم الشيخ مشعل الأحمد لإدارة البلاد، وتغيير في الحكومة، وحل البرلمان.
وتكافح الكويت بقيادة الأمير مشعل لتنفيذ خطة إصلاحية أقرت في العام 2018، تضاعف الأنظمة المجاورة التي يقودها جيل جديد من المسؤولين، المشاريع لتنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على الذهب الأسود.
ما الفائدة من الاستثمارات؟
وحول الفائدة المتحققة لاقتصادي الكويت والسعودية من وراء هذه الاستثمارات، قال المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر: إن "الفائدة الأهم ستكون للكويت، فهي تواجه أزمات اقتصادية بفعل الأزمة السياسية التي تعيشها منذ سنوات".
وأضاف أبو قمر لـ "الخليج أونلاين": "هذه الاستثمارات ستعمل على تنويع مصادر الدخل للكويت، فهي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط، مما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار النفط".
وتابع: "الاستثمار في السعودية يُتيح للكويت تنويع مصادر دخلها وخفض مخاطر الاعتماد على النفط".
وأشار إلى أن السعودية تتمتع باقتصاد قوي ومتنوع، مما يوفر فرصاً جيدة لتحقيق عوائد مجزية على الاستثمار.
كما أن السعودية تتمتع بسوق كبير وسكان متزايدين، مما يُشكل قاعدة عملاء قوية للشركات الكويتية، وفق المحلل الاقتصادي.
وتعمل هذه الاستثمارات على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف المستويات، وتشجيع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وحسب أبو قمر، فإن رؤية المملكة 2030 تقدم فرصاً استثمارية ضخمة في مختلف القطاعات، يمكن للكويت المشاركة في هذه الفرص والاستفادة من البنية التحتية المتطورة والبيئة الاستثمارية الجاذبة في السعودية.
أما على صعيد الاقتصاد السعودي، فإن المملكة تستفيد من الاستثمارات الكويتية عبر زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية، ومن ثم تنويع مصادر الدخل في المملكة، وخفض الاعتماد على صادرات النفط.
وأشار إلى أن كل ذلك يسهم في تسريع تحقيق رؤية المملكة للتحول الاقتصادي وتنمية الاستثمارات غير النفطية لديها ما يحولها إلى أحد أهم المراكز الاقتصادية إقليمياً ودولياً.