شؤون خليجية-
بعد سحب دولة الإمارات العربية المتحدة لقواتها من المعارك الدائرة لتحرير محافظة تعز من قبضة ميليشيات الحوثي "الشيعة المسلحة" وقوات المخلوع على عبد الله صالح، واتهامات المسئولين الإماراتيين لحزب الإصلاح "إخوان اليمن" بأنه السبب في تأخير تحرير تعز، كثرت التساؤلات حول حقيقة الدور الإماراتي في اليمن حالياً؟ وما هي الأهداف التي تريد أبوظبي تحقيقها من مشاركتها في التحالف العربي بقيادة السعودية؟، وكيف تشرف الإمارات أمنياً على المناطق التي تم تحريرها من المتمردين وخاصة العاصمة المؤقتة "عدن" ومدى نفوذها في البلاد التي أنهكتها الحرب من أجل التخلص من الانقلابيين والعودة للاستقرار؟.
كل هذه التساؤلات لا تزال تبحث عن إجابات ستكشفها الأيام القادمة خاصة إذا نجحت المقاومة الشعبية والجيش الوطني المدعومين من التحالف العربي بقيادة السعودية في تحرير محافظة تعز والتوجه لتحرير العاصمة صنعاء وإنهاء التمرد الحوثي، وفي هذه الحال سيتكشف أيضاً الدور الحقيقي لحزب الإصلاح في معارك التحرير.
وفي صفعة قوية للدور الإماراتي في اليمن خاصة بعد سحب قواتها من تعز رفضت المملكة العربية السعودية قائدة التحالف ما قامت به الإمارات من إرسال قوات مرتزقة من أمريكا الجنوبية للقتال في اليمن بدلا من القوات التي قامت بسحبها مؤخراً، كما قامت المقاومة الشعبية بإصدار بيان ردت فيه على الاتهامات التي أطلقتها الإمارات ضد حزب الإصلاح اليمني.
الإمارات ترسل مرتزقة لليمن
نشرت جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرًا ، أمس الأربعاء، يؤكد استعانة الإمارات بمرتزقة من أمريكا اللاتينية في الحرب الدائرة في اليمن، بالإضافة لقواتها المشاركة هناك. يأتي ذلك التقرير عقب نقل عدد من وسائل الإعلام العربية أنباء تؤكد ذلك من بينها جريدة القدس العربي الصادرة من لندن في تقرير لها الأسبوع الماضي.
ونقل تقرير الجريدة الأمريكية تصريحات من مسؤولين أمريكيين قالوا فيها إن "الإمارات أرسلت، وبسرية تامة، المئات من المرتزقة الكولومبيين للقتال في اليمن، الذي يشهد حربا طاحنة بين الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي، والتحالف العربي، الذي تقوده السعودية، والحوثيين، الذين يلقون دعما من إيران".
وأكدت الصحيفة وصول فرقة مكونة من 450 عنصر لليمن من المرتزقة تضم مقاتلين من جنسيات مختلفة من أمريكا اللاتينية، من دولة السلفادور وبنما والتشيلي. ولفتت إلى أن المرتزقة الذين تم إرسالهم لليمن اختيروا من بين 1800 جندي من أمريكا اللاتينية، يتدربون في قاعدة عسكرية في صحراء الإمارات، مضيفة أنه "تم إيقاظهم في منتصف الليل الشهر الماضي من أجل نشرهم في اليمن، ونقلوا من ثكناتهم العسكرية، فيما كان زملاؤهم يغطون في نوم عميق، وبعد ذلك أعطيت لهم رتب عسكرية في الجيش الإماراتي".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه لم يتم الكشف حتى الآن عن مهمة الكولومبيين في اليمن، ناقلة تصريحات لأحد المشاركين في البرنامج، والذي قال "إنهم لن يشاركوا في المعارك، إلا بعد أسابيع، وسينضمون إلى مئات الجنود السعوديين والسودانيين الذين أرسلوا إلى هناك ضمن قوات التحالف".
وحول مهمة تلك القوات، أكدت الجريدة، أن الإمارات قررت الاستعانة بالمرتزقة؛ للقيام بمهام خاصة ومحلية، مثل حماية خطوط النفط، وحراسة المنشآت الحساسة، وربما لمواجهة أحداث الشغب في المعسكرات التي يقيم فيها العمال الأجانب في الإمارات.
كما نقلت الجريدة تقرير للأمم المتحدة والذي يكشف وجود 400 جندي إريتري دمجوا مع الجنود الإماراتيين في اليمن، وهو ما يُعد خرقا لقرار الأمم المتحدة، الذي حدد نشاطات الجيش الإريتري.
ونقل التقرير كذلك تأكيدات عن مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الحملة ضد الحوثيين باليمن من خلال تقديمها الدعم اللوجيستي، وتزويدها الطائرات المشاركة في الغارات بالوقود، من خلال حاملات الطائرات الأمريكية.
واختتمت "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الشركة الكولومبية "غلوبال إنتربرايز"، يديرها رئيس سابق للقوات الخاصة، واسمه أوسكار غارسيا باتي، ويعمل "باتي" قائدا للوحدة الكولومبية في الإمارات، وهو جزء من القوة التي نشرت في اليمن.
وكانت جريدة "القدس العربي" قد أكدت وجود خلافات بين الإمارات والسعودية بسبب رفض المملكة إرسال جنود مرتزقة للمشاركة في مهام التحالف باليمن، مؤكدة أن ذلك الأمر من أهم أسباب انسحاب الإمارات من معركة تحرير تعز.
المقاومة ترد على اتهامات الإمارات للإصلاح
ما يثير التساؤل أيضًا حول الدور الإماراتي في اليمن، وقوته حاليًا، انسحابها الأخير من معركة تعز، وتعليلها ذلك الانسحاب بالهجوم على حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، واتهامها له بالتخاذل.
ويبدو أن المقاومة الشعبية أصبحت مدركة لضعف الدور الإماراتي مما جعلها تصدر بيانًا للرد على تلك الاتهامات، حيث ثمن مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في تعز، دور الجيش الوطني، وجميع الأحزاب، والفصائل في المحافظة، قائلا: إن "جميعها تلقن قوات المخلوع ومليشيات الحوثي دروسا قاسية وضربات موجعة".
جاء ذلك في بيان رسمي صدر عن المقاوم الشعبية بتعز كرد غير مباشر على اتهامات وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قراقش، لحزب الإصلاح اليمني المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، بتعطيل وتأخير تحرير تعز، ووصف دوره بـ"المتخاذل".
وقال المجلس في بيانه إنه "يثمن تثمينا عاليا الأدوار البطولية الرائعة، والأداء المتميز لكل الأحزاب والتنظيمات، والتيارات التي تبلي جميعها - بلا استثناء - بلاء حسنا في كل جبهات ومواقع الشرف والبطولة".
وفي رد واضح على الاتهامات الإماراتية قال البيان: "قدموا تضحيات جسيمة، ودماء غالية، وشهداء ميامين، بحيث لا يستطيع أحد أن ينكر أو يشكك في تلك البطولات، والتضحيات لكل الأحزاب، والقوى، والتيارات المكونة للمقاومة الشعبية، والجيش الوطني"، مضيفًا أن "شعبنا مدرك، ولن تنطلي عليه أي إشاعات تستهدف أي فصيل في المقاومة"، معتبراً صمود المقاومة في تعز يعد انتصارا، نظرا للحصار الذي يحيط بالمحافظة من قبل مليشيات الحوثي، وقوات المخلوع علي عبد الله صالح.
وتقدم المجلس في نهاية بيانه بالشكر إلى المملكة العربية السعودية، والإمارات ، للدعم الذي قدمتاه لليمنيين.
يذكر أن وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، وفي تعقيبه الأول على قرار بلاده سحب قواتها المشاركة ضمن التحالف العربي، من مناطق الاشتباك في مدينة تعز جنوب اليمن هاجم حزب الإصلاح اليمني، قائلا: "نداء إلى صحافة الإخوان وإعلامهم ومغرديهم، عوضا عن ضجيجكم وصخبكم الإعلامي عالجوا تخاذل الإصلاح/ الإخوان في معركة تحرير تعز، رائحة التخاذل نتنة"، وأضاف في سلسلة تغريدات: "حزب الإصلاح اليمني (الإخوان)، همه السلطة والحكم في اليمن، وسيوثق التاريخ تخاذل الإصلاح/ الإخوان وانتهازيتهم".