شؤون خليجية-
على الرغم من عدائه الواضح لكل ما هو عربي وإسلامي، سواء داخل الوطن العربي أو خارجه، إلا أن الكيان الصهيوني يصر على أن يظل دوره الواضح فيما تشهده دول المنطقة من كوارث وأزمات، خفيًا عن الأنظار، تاركًا للقوى الغربية وحلفائها الجدد في المنطقة وعلى رأسهم النظام الإيراني مهمة تنفيذ مخططاتهم الخبيثة في تقسيم وتفتيت المنطقة، وإثارة النعرات الطائفية والحزبية بين مواطنيها، بحيث يصبح الكيان الصهيوني هو القوة الأكبر عسكريًا وكذلك اقتصاديًا في منطقة الشرق الأوسط، وهذه المخططات الخبيثة وهذا الدور الخفي ليس وليد اليوم، وإنما تتم ممارسته منذ زمن بعيد، وسط غفلة من الشعوب والحكومات والأنظمة العربية، التي حصرت الصراع العربي الصهيوني في فلسطين، معتقدين أن مشكلة اليهود إنما تكمن في الداخل الفلسطيني، بينما هي تنظر نظرة أبعد، وتعمل على إضعاف كل القوى العربية بمساعدة شركائها الغربيين، بحيث لا تقوى أي دولة أو شعب في المستقبل على تهديد أمن واستقرار الكيان الصهيوني، ووقف مخططاته الخاصة ببناء المستوطنات وتهويد المقدسات الإسلامية، وقد بدأت تلك المخططات بتحييد مصر وإخراجها من معادلة الصراع، باعتبار أنها القوة الأكبر والأكثر تنظيمًا في المنطقة العربية، قبل أن تنتقل بعد ذلك إلى السودان التي نجحت في تقسيمها إلى شمال وجنوب، والعراق التي أضحت على شفا التقسيم إن لم يكن الانهيار، وكذلك سوريا ولبنان وغيرها من الدول العربية التي ينخر فيها سوس التفرقة، الذي يغذيه الكيان الصهيوني، وهي أمور في غاية الخطورة، لأنها قد تقضى على مستقبل الوطن العربي ما لم تتم معرفة العدو الحقيقي، وتوحيد الصفوف لمواجهته، ومنعه من مواصلة مخططاته الخبيثة الخاصة بتدمير وتمزيق أواصر الوطن العربي.
وهم الخلاف مع إيران والأنظمة الممانعة في المنطقة
دأبت وسائل الإعلام العربية منذ فترة طويلة، على تصوير الكيان الصهيوني على أنه العدو الأكبر لإيران والنظام السوري وحزب الله في الشرق الأوسط، باعتبارهم الخطر الأكبر على وجود كيانه، وأنه لذلك لا يكف عن التهديد بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، مثلما سبق وفعل عندما قام بضرب المنشآت النووية العراقية وتدميرها قبل أن تبدأ في العمل، لدرجة جعلت الشعوب العربية تتعاطف مع النظام الإيراني وحلفائه في المنطقة العربية، وتعتبرهم حصنًا لحماية المنطقة من التغول الصهيوني.
وقد زاد من تلك القناعة ما تقدمه إيران من دعم لحركات المقاومة الفلسطينية، بعد تخلي العديد من الأنظمة العربية عن دورها في دعم الشعب الفلسطيني، وفك الحصار الصهيوني المفروض عليه، ووقف عمليات التهويد التي تجري على قدم وساق في الأراضي الفلسطينية.
إلا أنه وبعد اندلاع ثورات الربيع العربي ووصولها إلى عقر دار حلفاء النظام الإيراني، خاصة الحليف السوري الموالي لإيران، انكشفت الأمور، وبدا للعيان حقيقة الدور الإيراني المدعوم صهيونيًا في المنطقة، ليس حبًا فيه، وإنما لزيادة الفرقة بين الدول العربية والإسلامية، وزرع نظام مناوئ للأنظمة العربية في عقر دارها، وتركه ليكبر حتى تزيد حدة الخلافات ونصل إلى ما وصلنا إليه اليوم، من حرب تقسيم المنطقة، ويعتبر النظام الإيراني الخنجر الذي يتم تقسيم المنطقة به، من خلال دوره المشبوه سواء في العراق أو في سوريا أو في اليمن أو في لبنان.
فلولا الدعم الإيراني غير المحدود في بداية الثورة السورية، لما تكبد الشعب السوري هذه الخسائر الفادحة في الأرواح، والتي وصلت لما يزيد على ربع مليون شخص قتلهم بشار الأسد ونظامه المجرم بدعم إيراني علني، وسط لامبالاة من الأنظمة العربية خاصة الخليجية، والتي لم تتحرك سوى بعد اقتراب الخطر الشيعي من عقر دارهم، وإحساسهم بأن الدور قد بات عليهم، وأنه سيكون عليهم إما الاختيار طواعية بسيناريو التقسيم أو الحرب الطائفية التي تقضي على الأخضر واليابس في منطقتنا العربية.
ليس هذا فحسب، بل وضح حجم التنسيق بين النظام السوري والعدو الصهيوني، الذي حارب من أجل الإبقاء على نظام الأسد في سوريا، أو على الأقل احتفاظه بالسيطرة على جزء منها، بعد أن تأكد أنه لن يستطيع توفير الحماية الكاملة لإسرائيل والاحتفاظ بالجولان تحت سيطرته إلا في ظل هذا النظام، الذي لا يشغله سوى مصالحه الضيقة، حتى ولو كان ذلك على حساب الدولة السورية والحفاظ على أمنها وسيادتها واستقرارها.
الرعاية الصهيونية لمخططات التقسيم
يؤكد مستشار رئيس وزراء العدو الصهيوني دوري غولد، في تصريح له بصحيفة هآرتس الصهيونية، أن ما يحدث الآن في المنطقة العربية هو نقطة لخلق شرق أوسط مختلف تعم فيه الفوضى، ويعد تحقيقاً لأمنيات وطموحات بعيدة لدى صانعي السياسة الصهيونية المهتمين جداً بالتطورات الإقليمية، «فالكيان الصهيوني» مستفيد مما يحدث الآن، ومما حدث من قبل، وهو يعمل من أجله دائماً وفق استراتيجية صهيونية تعتمد تأجيج الصراع الطائفي والعرقي في البلدان العربية، ونشر الحروب والنزاعات وعدم الاستقرار.
وقبيل قيام الكيان الصهيوني عام 1948 على أرض فلسطين، دعا الصهيوني جابوتنسكي لإيجاد «دويلات طائفية عرقية» تهيمن عليها «إسرائيل»، كما طالب ديفيد بن غوريون رئيس كيان العدو بإعداد استراتيجية لهذا الغرض، وإلى تطوير العلاقات مع الدول الأجنبية المحيطة بالبلاد العربية كإيران في عهد الشاه، وأثيوبيا، لتكون مصادر ضغط وتهديد للبلاد العربية، ولإبقاء بؤر الصراع قائمة بينها.
وفي عام 1981 نشرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية تصريحاً لرئيس الوزراء أرئيل شارون وزير الحرب آنذاك، جاء فيه: «إن الظروف مواتية لتحقيق مشروع تفتيت الدول العربية وبسط الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة»، مشيراً بالتحديد إلى العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان.
ولم تتوقف الجهود الإسرائيلية لإحداث الانقسام والتجزئة في الوطن العربي، فقد قدم عوديد ينون الموظف في الخارجية الإسرائيلية، دراسة خطيرة بعنوان «استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات»، ركز فيها على ضرورة تجزئة العالم العربي وإضعافه، وهذا ما أكد عليه شمعون بيريز رئيس الوزراء الأسبق للعدو الإسرائيلي، في كتابه «شرق أوسط جديد» برعاية ودعم الولايات المتحدة الأمريكية، ومباركة أوروبا.
وأخطر ما في مشروع بيريز أنه يأتي والعرب في أسوأ حالات التفكك والتشرذم، وتدمير القدرات العسكرية والاقتصادية، ولا يخفي هدفه في إلغاء الهوية العربية للمنطقة، وتكريس التجزئة والتبعية، ما يعزز القوة الاستراتيجية «للكيان الصهيوني»، في إطار السياسة الأمريكية_الغربية، ما يمكنّها من ثم من تمييع القضية الفلسطينية وطمس حقوق الشعب الفلسطيني، وتحقيق هدفها الأساس فيما يسمى «إسرائيل الكبرى» جغرافياً، و«إسرائيل العظمى» اقتصادياً وعسكرياً، لتفرض هيمنتها على المنطقة بكاملها.
إن استراتيجية «الكيان الصهيوني» لتفتيت الدول العربية، تبنتها الصهيونية العالمية، ورأت أن العالم العربي الذي قسمته اتفاقية «سايكس_بيكو» إلى 19 دولة، يجب المضي لتقسيمه من جديد إلى دويلات ضعيفة كثيرة، لا تشكل أي تهديد «للكيان الصهيوني»، وأن «تفتيت» سوريا والعراق وبقية الدول العربية سيكون ضمانة لأمن «الكيان الصهيوني» وسلامته، حسب الاستراتيجية الصهيونية.
وأكدت المنظمة الصهيونية أن استراتيجية التفتيت، هي جزء من المصالح العليا والقضايا المهمة في المجال الاستراتيجي «للكيان الصهيوني»، وأنه من الضروري تبني الحكومات الصهيونية المتعاقبة سياسة دعم الأقليات غير العربية، وتأييد طموحاتها ورغباتها في إقامة كيانات مستقلة لها، ودعم الميول الانعزالية في العالم العربي.
وفي دلالة على تلاقي مصلحة «الكيان الصهيوني» مع المصالح الغربية في تفتيت الوطن العربي، يرى الكاتب الإسرائيلي ألوف بن رئيس تحرير جريدة «ها آرتس» أن «إعادة تشكيل الخريطة» في المنطقة بدأت مع الغزو الأمريكي للعراق، ومع تقسيم السودان، وأن بلداناً أخرى كالأردن وغيرها قد تتفكك، وهو يرى أن الغرب لن يعارض عمليات التقسيم في المنطقة، بل على العكس سيسعى للإسهام فيها.
استراتيجية الغرب والكيان الصهيوني لاختراق الدول العربية
يعتمد الغرب في تنفيذه لمخططات التقسيم الخاصة بالمنطقة، على استراتيجية موضوعة منذ منتصف القرن التاسع عشر، وقد كان غرس الكيان الصهيوني في المنطقة جزءًا أساسيًا لتحقيق هذا الهدف، بحيث يسهل عليهم اختراق المنطقة وتنفيذ مخططاتهم الخبيثة، التي تسهل عليهم الاستمرار في استنزاف ثروات المنطقة والقضاء على مقدراتها، والاطمئنان لعدم نهوضها مرة أخرى.
وتتمثل تلك الاستراتيجية في عدة أمور، أهمها:
أولاً: تعميق مشاعر الكراهية بين الطوائف المختلفة الموجودة داخل المجتمعات العربية، لعلمهم بوجود فروقات مذهبية كبيرة بين تلك الطوائف كفيلة بإشعال فتيل الثورات والاضطرابات في أي وقت، فالوطن العربي به عشرات الطوائف من مسيحيين وبهائيين وإسماعيليين ونقشبنديين ودروز وعلويين وشيعة وزيديين، وحوثيين، وثمة كراهية شديدة بين تلك الجماعات الدينية والاثنية بالمنطقة تجاه بعضها البعض، ولذلك يعمل الغرب بدعم من الكيان الصهيوني على إعادة تقسيم الشرق الأوسط، انطلاقًا من تركيبته السكانية غير المتجانسة القائمة على الأديان والمذاهب والقوميات والأقليات.
ثانياً: تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها ضد أي مشروع وحدوي، وحضّها على التمرد والانفصال ، فالعرب يشكلون 88 % من سكان العالم العربي، أما الأقليات الأخرى فتتوزع على الأكراد والبربر والزنوج والتركمان، وهناك أقليات دينية مسيحية ويهودية.
ثالثاً: اتباع سياسة "شد الأطراف ثم بترها"، بمعنى مد جسور العلاقة مع الأقليات الموجودة في العديد من الدول العربية، وخاصة في دول الخليج العربي، ثم جذبها خارج النطاق الوطني، ثم تشجيعها على الانفصال، كما سبق وحدث في السودان، حيث تم تضخيم مشكلة جنوب السودان الذي يسكنه أغلبية مسيحية، إلى أن انتهى الأمر بالانفصال على الشمال، وحاليًا يتم تكرار تلك الأزمة مع الأكراد في العراق وسوريا وتركيا، في محاولة لإنشاء دولة كردية في المنطقة، حتى تبقى الأزمات مشتعلة، وتبقى للقوى الغربية والكيان الصهيوني الكلمة العليا في كل التطورات التي تشهدها المنطقة.
ففي إطار تلك الاستراتيجية قامت عناصر الموساد بفتح خطوط اتصال مع الأكراد في العراق، والموارنة في لبنان، والجنوبيون في السودان، وكانت جبهة السودان هي الأهم، لأسباب عدة في مقدمتها أنها تمثل ظهيراً وعمقاً استراتيجياً لمصر، التي هي أكبر دولة عربية، وطبقاً للعقيدة العسكرية الإسرائيلية فإنها تمثل العدو الأول والأخطر لها في المنطقة، ولذلك فإن التركيز عليها كان قويًا للغاية.
رابعاً: التغلغل داخل الدول العربية ودول الجوار الإقليمي، وإقامة علاقات استراتيجية معها، والعمل على تقديم كافة أنواع الدعم للعناصر والحركات التي تساعد في إثارة القلاقل والاضطرابات الداخلية، مثلما حدث مع الحوثيين في اليمن، حيث تم تزويدهم بالسلاح والعتاد العسكري، حتى يتم تمزيق الدولة اليمنية وتهديد الجنوب السعودي، مثلما نشاهد اليوم، الأمر نفسه بالنسبة للعراق، الذي تم تمويل وإعداد أحد أخطر الحركات المتطرفة في العالم لتهديد الشمال السعودي، وإبقاء المملكة تحت ضغط شديد من كافة الجبهات، بحيث تظل معتمدة على الغرب في توفير احتياجاته العسكرية، وبذلك يسهل عليهم استنزافه ونهب ثرواته، ليس هذا فحسب، بل وتهديد أمن واستقرار شعوب المنطقة.
خامساً: تدريب رجال الأمن في بعض الدول، وإقامة أنظمة أمنية في بعضها الآخر، بالإضافة إلى إقامة العديد من القواعد العسكرية في دول الخليج العربي، بزعم توفير الحماية لتلك الدول، بينما الواقع أن تلك القواعد تحافظ على مصالح أمريكا والكيان الصهيوني في المنطقة، وتضمن تدفق النفط بأرخص الأسعار، مثلما هو حادث الآن.
سادساً: السيطرة- سواء بشكل مباشر أو غير مباشر- على الاقتصاد في الوطن العربي من خلال افتتاح الشركات وبدء أنشطة متعددة، وقد كشف قادة أكراد عن غزو صهيوني لمناطق الشمال، امتد لمناطق أخرى في العراق بشكل مستتر، ورصدت قوى سنية عراقية هذا الوجود الصهيوني في العراق ومنطقة الخليج، وما يشير إلى أن الأصابع الصهيونية تتحرك بهمة ونشاط لتنفيذ الشق الثاني من خطط تفتيت العالم العربي.
سبل الوقاية والعلاج
يشير العديد من الخبراء والمحللين، إلى أنه لا يوجد ما يمنع من امتداد حريق هذه الطائفية والتفتيت في المنطقة العربية إلى شيعة وأكراد باقي المنطقة ومسيحيها، خاصة أن هناك تركيزاً صهيونياً– يواكبه نشاط شيعي- على شيعة المنطقة العربية المحيطة بالعراق والمنتشرين في الخليج العربي، خاصة السعودية والبحرين والإمارات والكويت، وفي سوريا ولبنان وفق مذاهب تشيع مختلفة، إضافة إلى أكراد المنطقة المنتشرين في سوريا وتركيا، ويتعداه إلى قوى طائفية ودينية أخرى في غالبية المنطقة العربية.
ومن شأن ترك الأمور بهذا الشكل أن يؤجج من حدة الصراعات الطائفية في المنطقة، ويعجل بتقسيمها وتفتيتها، مثلما ترغب في ذلك الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفاؤهم الآخرون ممن يسعون للحصول على جزء من التركة، لذلك فإن الاستيعاب المبكر لهذه الأقلية الشيعية خاصة في السعودية والتي تقدر بمليوني شيعي، والتي تستقر الغالبية العظمى منها في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، من خلال حوارات الإصلاح، من شأنه أن يفوت الفرصة على المتربصين بأمن واستقرار المنطقة، ويساعد في امتصاص الأزمات المستقبلية، التي قد تنشأن عن الصراع المتأجج ما بين دول الخليج العربي والنظام الإيراني، الذي يحاول استغلال الوجود الشيعي في المنطقة لاستكمال مشروع الهلال الشيعي.
يضاف إلى ذلك ضرورة مواصلة التهديدات الخاصة بالتدخل البري في سوريا، باعتبار أن سوريا الآن تمثل رأس حربه في مشروع التقسيم الغربي، وعدم السماح بالمضي قدمًا في هذه المخططات من شأنه أن يدفع بالغرب لإعادة النظر فيها، خاصة إذا ما وجد أن أضرارها عليهم ستكون أكبر من فوائدها، حيث تصب هذه الفوائد بالأساس لصالح العدو الصهيوني، الذي يستغل الجميع لتحقيق مصالحه الخاصة، وبحيث تبقى دولة لكيان الأكبر في المنطقة اقتصاديًا وعسكريًا.
وحسب الخبراء، لابد أن تتحرك الأنظمة العربية في مسارات متوازية، إذا ما كانت راغبة في تفويت الفرصة على القوى المتربصة بأمن واستقرار دولها، وهو ما لن يتحقق سوى إذا امتلكت تلك الأنظمة إرادة قوية، وعملت بالإضافة إلى تضامنها فيما بينها، واتفاقها على تحركات موحدة لمواجهة تلك الحملة الشرسة، على التوحد مع شعوب المنطقة وتوسيع هامش الحرية والديموقراطية التي يشعرون بها، وإشراكهم في عمليات صنع القرار الخاصة بالمواجهة المحتملة مع الغرب، واعتماد الشفافية خيارًا وحيدًا للتعامل مع الشعوب، باعتبار أنهم القوة الوحيدة التي يعمل لها الغرب والكيان الصهيوني الآن ألف حساب، والدليل على ذلك التحركات القوية التي أعقبت الربيع العربي وعملت على إفشاله، لخوفهم من انعكاس تلك التحركات على المصالح الغربية والصهيونية في منطقة الشرق الأوسط.
إن معرفة العدو الحقيقي والعمل على إفشال مخططاته الخبيثة في تقسيم وتفتيت المنطقة العربية، وفي القلب منها منطقة الخليج العربي، هي البداية الصحيحة للتعامل مع الأزمات التي تعاني منها المنطقة، خاصة وأن الأزمة السورية وغيرها من الأزمات التي تعاني منها المنطقة، قد كشفت أن اللاعبين الآخرين ليسوا سوى بيادق يتم تحريكها وفقًا للهوى الصهيوني، مقابل إعطائها بعض المكاسب الوقتية التي يمكن سحبها منهم في أي وقت، أما الاستمرار في سياسة وضع الرأس في الرمال وغض الطرف عما يحاك للمنطقة من مؤامرات، فمن شأنه أن يسهل على الغرب والكيان الصهيوني تنفيذ مخططاتهم الخبيثة، دون خوف من ردود الفعل العربية، سواء الرسمية أو الشعبية