علاقات » اسرائيلي

هجوم الصحافة السعودية على الجنرلات المطبعين مع (إسرائيل).. تراجع أم امتصاص لغضبة شعبية؟

في 2016/08/11

تساءلت صحيفة «رأي اليوم» الإلكترونية عن سر نشر الصحف السعودية «شبه الرسمية» مقالات هجومية شرسة ضد «المطبعين» من السعوديين الذين يقومون بزيارات إلى (إسرائيل).

وقالت الصحيفة لعل هذه المقالات غير المسبوقة تعكس شعورا بـ«القلق من قبل الحكومة تجاه ردود الفعل الشعبية الرافضة لهذا التطبيع التي ازدحمت بها وسائط التواصل الاجتماعي في الأسبوعين الماضيين، وطالبتها بمنع هذه الزيارات رسميا ومعاقبة اللذين يقومون بها».

ونشر السفير «عبد الله المعلمي»، مندوب السعودية في الأمم المتحدة، في صحيفة «المدينة»، تحت عنوان «المطبعون المطبلون»، شن فيه هجوما لاذعا على الجنرال «عشقي»، ولكن دون أن يسميه، قال فيه «الأمة العربية تواجه حفنة من الانهزاميين الذين يدعون أنهم يتوشحون برداء العقلانية والاعتدال، ويحاضرون علينا بضرورة قبول الأمر الواقع، ومواجهة الحقائق، ونسوا أو تناسوا أن أولى الحقائق هي أن الأيدي التي يمدها الإسرائيليون إلينا، ما زالت تقطر بدماء الفلسطينيين».

أما صحيفة «الوطن» السعودية التي تصدر من مدينة أبها، فقد نشرت مقالا لأحد كتاب أعمدتها البارزين، أمس الثلاثاء شن فيه هجوما أكثر قسوة على الجنرال «عشقي»، ودون أن يسميه أيضا، وقال إن هؤلاء «المطبعين لا يمثلون الشعب السعودي ولا حكومته، ولا إرث البلد السياسي»، ووجه سؤالا إلى الجنرال بقوله «بأي جواز دخلت إلى هذا الكيان العنصري المحتل، وأنت تعلم أن شروط حمل هذا الجواز عدم زيارة هذا الكيان»، وأكد أن كل من زاروا تل أبيب عادوا إلى مكانهم في صناديق قمامة التاريخ.

وأكدت صحيفة «رأي اليوم» أن مثل هذه المقالات لا تصدر في معظم الأحيان إلا بتوجيهات رسمية، وإذا كانت غير ذلك، فإنها لا يمكن أن تنشر في صحف شبه حكومية، إلا بضوء أخضر من السلطات العليا، ووجود مناخ رسمي مناسب لمضمونها، فالجنرال «عشقي» ليس السعودي الوحيد الذي صافح مسؤولين إسرائيليين، وان كان الوحيد الذي زار القدس المحتلة علنا، وقد سبقه إلى هذه اللقاءات والمصافحات الأمير «تركي الفيصل»، رئيس جهاز الاستحبارات السعودي والسفير الأسبق في لندن وواشنطن، الذي التقى وزير الدفاع «موشيه» يعلون في ألمانيا، ودخل في مناظرة علنية مع الجنرال «احتياط يعقوب عميدور» مستشار الأمن القومي السابق لـ«بنيامين نتنياهو»، تلبية لدعوة معهد دراسات أمريكي متخصص في شؤون الشرق الأوسط، ولكنه يختلف عن الجنرال «عشقي» بعدم زيارة الأراضي المحتلة.

وتابعت الصحيفة «لا نعرف ما إذا كانت هذه المقالات هي مقدمة لمراجعة جدية في سياسة التقارب السعودي الإسرائيلي، التي تحدث عنها نتنياهو نفسه أكثر من مرة، عندما قال إن هناك علاقات قوية تربط حكومته مع دول عربية خليجية ترتكز على أرضية معارضة لإيران وطموحاتها النووية، أم أنها محاولة لامتصاص النقمة السعودية الشعبية الغاضبة والمتصاعدة من جراء أعمال التطبيع هذه التي تعارضها الأغلبية الشعبية السعودية الساحقة؟».

وأضافت «الحكومة السعودية التي ربطت في مبادرتها للسلام، أي تطبيع مع الإسرائيليين بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، خسرت كثيرا من جراء مثل هذه اللقاءات والمصافحات التطبيعية، في رأينا، حيث جرى توظيفها إعلاميا ضدها، في وقت تخوض فيه حروبا طاحنة بشكل مباشر في اليمن، وبالإنابة في سوريا».

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول «زيارة الجنرال عشقي المقبلة للقدس المحتلة، ومصافحة الأمير تركي الفيصل المقبلة أيضا لمسؤولين إسرائيليين، أو عدمهما هي التي ستحمل الإجابة الواضحة على هذا السؤال».

وكانت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي السعودية قد حفلت بالتعليقات المتضاربة بعد الأنباء عن زيارة «عشقي» إلى (إسرائيل)، خاصة وأن المملكة لا تعترف بها أو تقيم معها علاقات دبلوماسية.

في المقابل ذهب مراقبون إلى أن زيارة «عشقي» لدولة الاحتلال كان بعلم سلطات بلاده، وأن اللقاء لم يكن الأول بين قيادات بارزة في السعودية ونظيرتها من (إسرائيل).

ولفت المراقبون، إلى أن زيارة «عشقي» كانت كنوع من جس النبض من قبل السلطات السعودية حول خطوة التطبيع من دولة الاحتلال، ومدى قبول الرأي العام لها.

وفي وقت سابق اعتبر «أنور عشقي» أن المملكة تريد تحقيق تعايش بين العرب و(إسرائيل) وأن المنطقة بحاجة إلى رجل قوي ومنطقي مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، بحد قوله.

وقال «عشقي» في مقابلة مع قناة 24 الإسرائيلية: «قبل هذه الفترة كان العرب يعتقدون أو كانوا يريدون طرد إسرائيل خارج فلسطين ولكن إسرائيل أصبحت كيانا حقيقيا وواقعيا على الأرض لهذا السبب ترغب السعودية في أن تتعايش الدول العربية وإسرائيل معا».

وأضاف أن «العرب أو الشعوب العربية لا تزال غير موافقة على التعايش مع (إسرائيل) لأن الشعوب العربية بشكل عام تفكر من خلال عواطفها ولكن الحكومات وعلماء الدين يفكرون في مصالحهم وبعقولهم، لا يمكن التعاون مع إسرائيل قبل أن تقبل المبادرة العربية وتقوم بتطبيق ذلك».

وبسؤاله عن احتمالية أن يقوم «نتنياهو» بزيارة الرياض أو أن يقوم العاهل السعودي الملك «سلمان» بزيارة القدس على غرار زيارة الرئيس المصري الراحل «محمد أنور السادات» عام 1977 والتي اعتبرت صدمة كبيرة نوعا ما، قال «عشقي» «لا أود أن أقول إن حدوث هذا خيال ولكن هذا ليس الواقع».

وتابع «عندما نتتبع زيارة السادات لإسرائيل هو لديه مكاسب كثيرة، هو أعاد سيناء وجلب السلام لبلده ولإسرائيل ، ولكن نتيجة لذلك ولأنهم لم يعدوا شعوبهم لتلك الزيارة قتلوا على حد سواء أنور السادات وإسحاق رابين (رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل)».

وبسؤاله عن عملية السلام ولماذا لم يحدث شيئا طيلة 25 عاما وما الذي ينبغي القيام به«، قال «عشقي» «فشلت المبادرة لأنهم لم يقوموا بتقديم أي خطة للتنفيذ، نحن بحاجة لبنيامين نتيناهو لأنه رجل قوي ومنطقي».

أحلام القاسمي - الخليج الجديد-