كانت عطلة نهاية الأسبوع مشغولة للغاية بالنسبة للمؤسسة العسكرية والسياسية السعودية، لكنّها كانت مربحة بالتأكيد. فخلال زيارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» للرياض يوم 20 مايو/أيار، وقعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية اتفاقا لصالح حزمةٍ واسعة من الأسلحة تبلغ قيمتها نحو 110 مليار دولار، وتصل إلى 350 مليار دولار على مدى العقد القادم. وشملت الصفقة محفظة متنوعة تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، سفنًا حربية ومعدات الدفاع الصاروخي ومروحيات ودبابات والآلاف من مجموعات الذخائر الموجهة بدقة. كما نوقشت ترقية الأنظمة السعودية للرقابة والتحكم والاتصالات والاستخبارات.
وللصفقة فوائد مالية كبيرة للولايات المتحدة، بطبيعة الحال. لكن بالنسبة للسعودية، تتضمن الصفقة قدرًا كبيرًا من شروط التجميع المحلي ونقل التكنولوجيا. ويهدف هذا إلى تعزيز طموحات الرياض لخلق صناعة دفاع محلية. ولكن حتى مع الدعم الخارجي، سيستغرق الأمر للدولة العربية أعوامًا لتطوير قدرة كاملة على التصنيع.
ولدى المملكة تاريخٌ طويلٌ من استيراد المعدات العسكرية الأمريكية. وفي الأعوام القليلة الماضية وحدها، باعت الولايات المتحدة أسلحة للمملكة بقيمة مئات المليارات من الدولارات. وتعالج الصفقة الأخيرة بعض الثغرات الرئيسية في الترسانة السعودية وبنية القوة الشاملة، ولاسيما الطيران العسكري، والبنية التحتية للقيادة والتحكم، والدفاع الصاروخي والبحرية. وكانت القوات الجوية وبعض فروع الجيش في الماضي تتلقى استثماراتٍ أقل.
وعلى الرغم من أنّ صفقة الأسلحة هي وسيلة لتوطيد التحالف مع الولايات المتحدة، فإنّ الغرض الحقيقي هو تعزيز قوة الجيش السعودي والحصول على شكل من أشكال القدرة على النمو محليًا. وتستثمر الرياض بكثافة في قواتها المسلحة، وعلى الرغم من جودة معداتها التي تسبق إيران، منافستها الإقليمية الرئيسية، بشكلٍ كبير، تواجه البلاد بعض القيود المحددة. فعدد سكان السعودية الصغير يمنعها من امتلاك جيشٍ كبير، في حين أنّ جغرافيتها المسطحة تجعل من الصعب الدفاع عن البلاد. وأدت هذه العوامل إلى اعتماد الرياض على الولايات المتحدة كحارسٍ لأمنها ضد أي تحدياتٍ متصورة.
وفي الوقت نفسه، تشعر (إسرائيل) بقلقٍ متزايدٍ إزاء احتمال تآكل تفوقها العسكري في المنطقة. وفي حين يرحب الكنيست باحتمالات وجود جبهة أمريكية سعودية إسرائيلية موحدة ضد إيران، إلا أنّ الكنيست يشعر بالقلق لأنّه يومًا ما، إذا تحولت العلاقات إلى الأسوأ، فقد تجد (إسرائيل) نفسها على خلافٍ مع الدول العربية المسلحة جيدًا مثل السعودية. ويبدو أنّ التفوق العسكري النوعي لـ (إسرائيل)، المزايا التكنولوجية والتكتيكية وغيرها التي تسمح لها بردع الخصوم المتفوقين عدديًا، ما زال قائمًا، حتى مع ترقيات السعودية المخطط لها لترسانتها. فـ(إسرائيل)، بعد كل شيء، هي واحدة من بين الدولتين الوحيدتين في الشرق الأوسط التي تسمح لها الولايات المتحدة بالحصول على مقاتلات إف-35، والدولة الأخرى هي تركيا. ولا تتمتع أي قوة إقليمية أخرى بإمكانية الوصول إلى طائرات قتالية من الجيل الخامس. وفي حين يشعر القادة السعوديون بالسعادة بلا شك تجاه مشترياتهم العسكرية المخطط لها، فإنّها تقتصر فقط على تحسين مكانتهم العسكرية في المنطقة بشكلٍ كبير.
ستراتفور- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-