أعرب المسؤولون الإسرائيليون عن ارتياحهم لموقف السعودية ودولة الإمارات في المواجهة المتصاعدة مع قطر، وبهذا قدموا اعترافا علنيا بتعميق التحالف بين بعض دول الخليج وتل أبيب للذين يجمعهما العداء المشترك تجاه إيران.
وفي الوقت نفسه، برزت أدلة على التعاون الوثيق بين دولة الإمارات ومجموعة الضغط الإسرائيلية الرئيسية للضغط على قطر بسبب دعمها لحركة المقاومة الفلسطينية حماس.
وقد قطعت السعودية وعدد من الدول بما في ذلك الإمارات والبحرين، العلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرضت حصارا لقطع الروابط البرية والبحرية والجوية مع البلاد.
وأفادت وسائل الإعلام الإقليمية أنه تم تفريغ الرفوف في المتاجر في قطر، التي تقع حدودها البرية الوحيدة مع السعودية، حيث يخشى السكان من أن يؤدي الإغلاق المطول إلى نقص في الأغذية.
وقد اتهمت السعودية الدوحة بالقيام بـ «انتهاكات خطيرة» مثل «تبني مختلف الجماعات الإرهابية والطائفية التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة»، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، وتنظيم الدولة الإسلامية، وتنظيم القاعدة.
فرصة (إسرائيل)
وقد سارع المسؤولون الإسرائيليون إلى تقديم دعمهم للمملكة العربية السعودية.
وقال «مايكل أورين»، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، على تويتر: «خط جديد رسم في الرمال الشرق أوسطية». وأضاف «لم تعد إسرائيل ضد العرب ولكن إسرائيل والعرب ضد الإرهاب الممول من قطر».
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي «أفيغدور ليبرمان» أن الأزمة تشكل «فرصة للتعاون» بين (إسرائيل) وبعض دول الخليج.
وقال «ليبرمان» «من الواضح للجميع حتى في الدول العربية أن الخطر الحقيقي على المنطقة برمتها هو الإرهاب». وأضاف أن الكتلة السعودية تقطع علاقاتها مع قطر «ليس بسبب إسرائيل وليس بسبب اليهود وليس بسبب الصهيونية بل بسبب الخوف من الإرهاب».
وقال «تشاغى تزوريل»، وهو مسؤول كبير في وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، إن قطر تشكل «إحراجا ومشكلة للدول العربية السنية الأخرى المتحالفة مع إسرائيل».
كما أعرب وزير الدفاع الإسرائيلى السابق موشى يعالون عن تأييده للتحالف الطائفي الذي تقوده السعودية. وقال في مراسم احتفال بالذكرى الـ 50 للاحتلال العسكري الإسرائيلي «إن الدول العربية السنية، وبصرف النظر عن قطر، هي إلى حد كبير في نفس القارب معنا لأننا نرى جميعا أن إيران النووية هي التهديد الأول ضدنا جميعا».
وفي يوم الثلاثاء، واصلت السعودية تصعيد الوضع، وتعليق ترخيص الخطوط الجوية القطرية وطلبت من البنوك بيع العملة القطرية.
من يدعم «الإرهاب»؟
وفي حين لم تقدم السعودية أي دليل على اتهاماتها الموجهة ضد قطر، فإن الاتهامات غنية بحق نظام كان أحد أكبر مصادر التمويل لما يسمى بالجهاديين منذ عقود ولكن السعودية، اتهمت قطر أيضا بتمويل أو السماح بتدفق الأموال إلى تنظيم الدولة والجماعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا.
كما لم تواجه (إسرائيل) أي مشكلة مع الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة، بل وحتى تنظيم الدولة في سوريا. لذلك يجب أن يكمن مصدر الغضب السعودي في مكان آخر. لقد كانت قطر لسنوات، على خلاف مع السعودية، التي كانت جزءا من الثورة المضادة لإحباط ما يسمى بانتفاضات الربيع العربي.
وقد كانت قطر تشارك أيضا في الحرب التي تقودها السعودية على اليمن قبل أن تخرج من التحالف هذا الأسبوع.
وتجدر الإشارة إلى أن حملة القصف التي استمرت عامين في اليمن قد أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين وجلبت البلاد الفقيرة إلى حافة المجاعة.
لكن قطر كثيرا ما وجدت نفسها تدعم خيولا مختلفة: فقد دعمت الدوحة الإخوان المسلمين في مصر، في حين أيدت الرياض نظام «عبد الفتاح السيسي»، قائد الجيش الذي قاد الانقلاب العسكري في عام 2013 الذي أطاح برئيس الإخوان المسلمين المنتخب في القاهرة.وقد أدت هذه الاختلافات إلى تفاقم العلاقات بين قطر و السعودية لسنوات.إلا أن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» أعرب عن تأييده التام لتعزيز التحالف الذي تقوده السعودية ضد لإيران خلال زيارته للرياض الشهر الماضي.
استهداف حماس والعلاقة مع (إسرائيل)
واستمرت قطر في استضافة قادة حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، وتعرضت لضغوط من أجل طرد مسؤولي الحركة. لكن قطر لم تكن مستعدة للتوقيع الكامل على التحالف السعودي الإسرائيلي ضد إيران.
ولكن هناك ثمة عامل آخر لا يمكن تجاهله في هذه الحملة، هو العلاقة الوثيقة بين الإمارات العربية المتحدة و(إسرائيل). حيث تكشف رسائل البريد الإلكتروني المخترقة التي نشرتها عدة صحف عن التنسيق بين سفير الإمارات في واشنطن، «يوسف العتيبة»، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات المؤيدة لـ(إسرائيل).
وتظهر رسائل البريد الإلكتروني «مستوى ملحوظا من التعاون بين الإمارات ومركز الأبحاث الذي يموله الملياردير شيلدون أديلسون، الحليف الوثيق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو».
وقد تضمنت رسائل البريد الإلكتروني شكاوى من مجموعة اللوبي الإسرائيلية حول دعم قطر لحركة حماس.بما في ذلك الدعوة إلى عقد اجتماع بمشاركة مسؤولين إماراتيين يتناول عدة أمور على رأسها «دعم قطر للإسلاميين المتطرفين بما في ذلك حماس» ودورها في «زعزعة الاستقرار في مصر وسوريا وليبيا والخليج» ودور شبكة الجزيرة المدعومة من قطر. كما يتضمن نقاشا حول طرق الحد من تأثير مكاسب قطر من استضافة قاعدة جوية أمريكية رئيسية.
يذكر أن جدول الأعمال هو دليل على أن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهى لاعب أساسي فى الدعاية الإسرائيلية المناهضة للفلسطينيين، كانت تستعد للقيام بدور مناهض لقطر لصالح الرياض وأبوظبي في واشنطن.
دور الولايات المتحدة
وتكشف الوثائق التي تم تسريبها أن الكتلة التي تقودها السعودية تشعر بالقلق من تأثير مكاسب قطر من خلال استضافة القاعدة الجوية الأمريكية الضخمة. ولكن هذا هو بالتحديد السبب في أن الولايات المتحدة، القوة الإمبريالية الشاملة، ليس لديها مصلحة في أن يحدث تشابك بين هذه الدول.
وقد أكد وزير الخارجية الأميركي «ريكس تيلرسون» أهمية العلاقات الأميركية مع جميع الدول المعنية وعرض على الوساطة وحث الحكام المتنازعين على «البقاء موحدين». وأشاد الجيش الأمريكي بقطر والتزامها تجاه الأمن الإقليمي، مؤكدا عدم وجود أي نية لدى الجيش الأمريكي لتغيير موقعه في قطر.
وقد أخذت قطر هذه الرسائل كدلائل على الدعم القوي من الولايات المتحدة، ولكن «ترامب» معروف عنه أنه يجعل كل شيء موضع شك. وأشار «ترامب» في تغريدة يوم الثلاثاء، يبدو أنها تؤيد مباشرة الحملة التي تقودها السعودية ضد الدوحة قائلا «خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط ذكرت أنه لن يعود هناك تمويل للأيديولوجية الراديكالية».
وأضاف: «من الجيد جدا أن نرى السعودية و50 دولة تقوم بذلك بالفعل». وقالوا أنهم سيتخذون خطا متشددا حول تمويل التطرف في حين كانت «الإشارات تتجه إلى قطر».
وعلى الأرجح، فإن ما فعله «ترامب» أشبه بسكب البنزين على منطقة تحترق بالفعل.
إن الهدف الطويل الأمد لـ(إسرائيل) هو منذ فترة طويلة تقسيم القوى العربية ضد بعضها البعض، و «واستمرار نزيف هذه الدول». وكل ما يحدث بعد ذلك، أن (إسرائيل) ستواصل الاستفادة من الفوضى والانقسامات التي تعزز نفوذها فقط.
ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد-