علاقات » اسرائيلي

لا يمكن لإصلاحات «بن سلمان» أن تخفي الواقع السعودي القاتم

في 2017/10/18

مصطفى سلامة - ميدل إيست آي-

يمكن اعتبار الموجة الحالية من الاعتقالات في المملكة العربية السعودية جزءا من نمط أكبر يهيئ طريق «محمد بن سلمان» لتولي السلطة بموجب عقد اجتماعي جديد، لكن العواقب على المملكة يمكن أن تكون كبيرة.

في حين أن العالم -ووسائل الإعلام العالمية- قد تناولت بقوة إعلان المملكة العربية السعودية رفع الحظرعلى قيادة المرأة، ولكن غيرها من التطورات الهامة التي تحدث في المملكة لم تتصدر عناوين الصحف العالمية، بما فيها جولة جديدة من الاعتقالات غير القانونية التي جرت مؤخرا وطالت قضاة ودعاة وإعلاميين، فضلا عن 21 ناشطا سعوديا بسبب نشر مواد مخالفة لسياسة النظام على وسائل التواصل الاجتماعي.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها القبض على شخصيات عامة سعودية واحتجازهم في سجون غير معلنة دون ارتكاب أي جريمة.

ولكن في هذه المرة يبدو الأمر واضحا إلى درجة أن أي متابع للسياسات السعودية سوف يفهم أن الحملة الحالية هي جزء من نمط أكبر، حيث يمهد «محمد بن سلمان» السبيل لنفسه للحكم على أرضية مختلفة عن أسلافه الذين استخدموا الدين كأساس للشرعية.

الانقلاب على الشرعية الدينية

في الشهر الماضي، لم يكن من المستغرب أن تدعو وسائل الإعلام الاجتماعية للاحتجاجات في 15 سبتمبر/أيلول، والتي كانت في المقام الأول موجهة ضد سياسات التقشف الاقتصادي والفساد في المملكة.

ففي الربع الثاني من هذا العام، قفز معدل البطالة في المملكة العربية السعودية إلى 12.8%، في حين أن النسبة ذاتها بلغت أكثر من 28% بين السعوديين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاما، وهذا يتناقض مع الخطط الاقتصادية المتفائلة الواردة في «رؤية 2030».

وفي حين أن رفع الحظر على قيادة النساء كان أمرا لا يمكن تصوره قبل عقد من الزمان، فقد ذهبت السلطات السعودية أبعد من ذلك بكثير من خلال إعلانها في أغسطس/آب عن منتجعاتها في البحر الأحمر المتحررة من قيود الشريعة، وهو تناقض واضح مع طبيعة الشرعية السياسية في المملكة.

خلافا لذلك، تشهد المملكة العربية السعودية بالفعل اتجاها نحو تآكل النفوذ الديني يتجلى في نواح كثيرة، ومن الأمثلة على ذلك الحد من صلاحيات «الشرطة الدينية»، وفي الوقت نفسه تعزيز الهيئة العامة الجديدة للترفيه.

نحو أمريكا و(إسرائيل)

بعد كل شيء، تمكنت السعودية فقط من تفادي قانون العدالة الأمريكية ضد الإرهاب (جاستا)، وحاولت بحزم إثبات اعتدالها للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» وإدارته، وتم استقبال «ترامب» لاحقا في الرياض.

غير الرئيس الأمريكي لهجته بخصوص الإسلام عند عودته إلى الولايات المتحدة مع صفقات سعودية بالمليارات، وسواء كانت هذه مشكلة أم لا، فإن «ترامب» وعد الأمريكيين بالعديد من الوظائف والفوائد الاقتصادية من وراء ذلك.

وفي الآونة الأخيرة، كانت عودة الجزر المصرية، تيران وصنافير، إلى المملكة العربية السعودية، خطوة هامة جدا من قبل المملكة العربية السعودية ومصر تجاه (إسرائيل).

لا تتمتع الجزيرتان بقيمة استراتيجية بالنسبة للمملكة العربية السعودية، ما يعني أن الرابح الأكبر جيواستراتيجيا من الصفقة هو (إسرائيل)، حيث سيصبح خليج العقبة ممر مياه دولية حيث يمكن أن تبحر عبره بحرية.

بالإضافة إلى ذلك، وكما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» في مايو/آيار الماضي، فإن دول مجلس التعاون الخليجي عرضت علاقات أفضل مع (إسرائيل)، بالإضافة إلى الحديث حول المفاوضات الاقتصادية السرية، وكانت هناك أيضا شائعات مؤخرا بأن ولي العهد السعودي زار (إسرائيل)، ناهيك عن تحرك البحرين الجريء نحو التطبيع مع الدولة العبرية.

النتائج

يبدو من الواضح أن المملكة العربية السعودية رضخت أمام الضغط الأمريكي وقد اختارت الرضوخ أمام الضغط من الخارج بالتطبيع مع (إسرائيل) ومواجهة أي رد فعل محلي.

وفي حين أن الحملة الحالية تشير إلى موجة مماثلة من الاعتقالات بالتسعينات فإن الوضع الحالي يختلف إلى حد ما، فالمؤسسة الدينية ليست بذات المصداقية التي كانت عليها في عهد المفتي «بن باز»، الذي كان يحترم من قبل معارضي النظام على الرغم من أنه روج لشرعية الدولة.

في ذلك الوقت لم يكن هناك دور لوسائل الإعلام الاجتماعية للتعبير عن المعارضة، وكانت المنطقة في المجمل أكثر استقرارا، ولم يغير بيت آل سعود بشكل جوهري العقد الاجتماعي الذي بنيت عليه المملكة.

ولكن مع استمرار النظام في تضييق شرعيته الإسلامية وفرض سياسات التقشف وإسكات المعارضة، فإن مستقبل السعودية يبدو قاتما.